متى ظهرت المدارس في الحضارة الإسلامية
عرفت الحضارة الإسلامية المدارس منذ القرن الخامس الهجري، وكان الداعي لذلك اكتظاظ المساجد بحلقات العلم وطلابها
add تابِعني remove_red_eye 20,905
كانت تعد المساجد في القرون الثلاثة الأولى بعد الهجرة هي الأماكن التي يتلقى فيها المسلمون العلم، ومن وأبرز تلك المساجد المسجد النبوي في المدينة، والمسجد الحرام في مكة، والمسجد الجامع في البصرة، ومسجد الفسطاط في مصر، والمسجد الأقصى في القدس، والجامع الأموي في دمشق، ومسجد القيروان في تونس، ومسجد قرطبة في الأندلس.
ولكن مع الوقت كثرت حلقات العلم في المساجد وضاقت على طلابها، ومن هنا ظهرت الحاجة لإنشاء المدارس ليصبح هناك أماكن مختصة للطلبة لتلقي العلم، ونجد أن القرن الرابع الهجري قد شهد بداية ظهور المدارس في العالم الإسلامي، فأصبح هناك دُور مخصصة للتدريس. وكانت أول مدرسة هي التي بنيت في دمشق عام391ه، والتي تُعدّ أول مدرسة إسلامية ودارًا للقرآن في بلاد الشام خارج المساجد، والتي بناها الأمير العراقي شجاع الدولة صادر بن عبد الله، وعرفت بالمدرسة الصادرية، وتبعه في ذلك مقرئ دمشق رشأ بن نظيف.
إلا أنه بالبحث في المصادر التاريخية نجد أن هناك عدة مدارس سبقت المدرسة الصادرية، منها على سبيل المثال: مدرسة الإمام أبي حفص الفقيه البخاري 150ه، مدرسة ابن حيان حوالي سنة 305هـ، مدرسة أبي الوليد النيسابوري في نيسابور قبل سنة (349هـ).
كانت هذه المدارس في بداية الأمر مدارس أهلية، ثم ما لبثت أن أصبحت تحت رعاية الدولة أو الخلافة، تنفق عليها وتجلب المعلمين إليها. وبذلك أصبحت المدارس حكومية، ويعد صاحب الفضل في ذلك وواضع حجر الأساس الوزير الشهير نظام الملك الطوسي وهو الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي، الملقب بنظام الملك، والذي يعد أول وزير للتعليم في التاريخ، وقد كان في ذلك الوقت وزيرًا للسلطان ألب أرسلان عقب اعتلائه عرش السلاجقة في عام 455هـ.
وبعد جهود نظام الملك دخلت المدارس في مرحلة جديدة في القرن الخامس الهجري، وقد عرفت باسم المدارس النظامية نسبة للوزير نظام الملك، والتي تعد أول نوع من المؤسسات العلمية والمدارس التعليمية النظامية التي ظهرت في التاريخ الإسلامي، وكان الطعام يقدم للطلاب بالمجان، كما كانت تجري عليهم الرواتب الشهرية. وهي من النماذج التي أحدثت نهضة في تاريخنا.
أهم المدارس النظامية
- المدرسة النظامية في بغداد: والتي بنيت في عام459هـ/1066م، في زمن الخليفة العباسي أبو جعفر عبد الله القائم بأمر الله، وقد بلغ من اهتمام الخليفة العباسي بهذه المدرسة أنه كان يقوم بنفسه بتعيين الأساتذة بها، وكان يقوم بالتدريس فيها كبار العلماء ومنهم أبو حامد الغزالي صاحب أحياء علوم الدين.
- المدرسة النظامية في الموصل: أنشأ نظام الملك هذه المدرسة في الموصل لأهمية ومكانة تلك المدينة.
- المدرسة النظامية في أصفهان: عرفت باسم المدرسة الصدرية نسبة لأول مدرس فيها هو صدر الدين الخجندي.
- المدرسة النظامية في نيسابور، والتي كان يقوم بالتدريس فيها إمام الحرمين أبو المعالي الجويني.
- المدرسة النظامية في بلخ: درس فيها رشيد الوطواط (ت 573هـ) الشاعر، ومؤلف كتاب حدائق السحر في دقائق الشعر.
- المدرسة النظامية في البصرة، على الرغم من أنها كانت أكبر من المدرسة النظامية في بغداد، فإن توجه العلماء والفقهاء كان دائمًا نحو المدرسة النظامية في بغداد.
- المدرسة النظامية في آمد: قد أسسها نظام الملك لمواجهة نشاطات الإسماعيلية
- المدرسة النظامية في هراة: وهراه تعد من مدن خراسان العريقة في الحضارة الإسلامية
أشهر خريجي المدارس النظامية
- عمر الخيام: من أشهر علماء الفلك والرياضيات.
- أحمد بن موسى: عاش في القرن العاشر، وهو رائد الهندسة النظامية.
- على بن عيسى: هو عالم قدم للمرة الأولى أبحاثًا عن مرض العيون في القرن الحادي عشر.
- بيرونى: هو العالم الولي الذي اكتشف ثروات الأمريكان واليابانيين.
- ابن جسار: الطبيب المسلم الأول الذي اكتشف أسباب ونتائج مرض الجزام.
- ابن حوقل: ألف كتابًا على قيمة علمية عالية.
- ابن الهيثم الفيزيائي الشهير المؤسس الأول لعلم العيون.
- ابن قارقة: الطبيب الشهير.
- ابن يونس: العالم الفلكي الذي اكتشف عقارب الساعة قبل جاليليو.
وانتشرت المدارس في مختلف أنحاء العالم الإسلامي فنجد المدارس في بغداد وفي خراسان وفي مصر، وفي المغرب والأندلس، وكان الطلاب في كل هذه المدارس يُكفْوَن المؤنة من الطعام والشراب والمسكن والأموال.
كما لم يقتصر الأمر على عصر دون الأخر فكانت المدارس منشرة في كل العصور حتى في حالة الضعف السياسي والعسكري للدولة الإسلامية، لم تتوقف الحركة العلمية، بل نجد أن المدرسة المستنصرية قد بنيت عام 631ه، في الوقت الذي وصلت فيه الدولة العباسية إلى أضعف أحوالها، كما كان التتار في ذلك الوقت يجتاحون شرق العالم الإسلامي ويهددون الخلافة العباسية تهديدًا مباشرًا، وعلى الرغم من كل ذلك بنيت هذه المدرسة، والتي قيل عنها إنه لم تُبْنَ مدرسة قبلها مثلها.
لم تكن الدراسة في هذه المدارس تقتصر على العلوم الدينية فقط، بل كان هناك مجالات مختلفة للدراسة كالطب والهندسة والرياضيات، كما كانت هناك مدارس لدراسة العلوم الطبيعية فقط.
إليك أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 20,905
مقال ملهم يتناول المدارس والعلم في الحضارة الإسلامية
link https://ziid.net/?p=76194