السعادة لا تدوم.. تعرف على قانون “الوسط”
ما بين السعادة والشقاء مساحة هي حياتك العادية التي تعيشها، وهي حقيقة الحياة وصفوها
add تابِعني remove_red_eye 102,609
لا ريب في أن كل إنسان يريد السعادة ويسعى لها، وهي الغاية ولكن متى نحصل على السعادة؟ هل هي ثمرة رغبة أشبعت أم هي تقدير ما لديك والامتنان أم هي حالة الوصل بالله عز وجل. “السعادة امرأة” عبارة قالها نتشه واختارها المؤلف يوحنا قمير عنوانًا لكتابه الذي كتبه بقصد أن يكون دليلًا يساعدك لتحصل على السعادة إذا لم تكن تعيشها.. وفي نفس الوقت يقدم لك قانون “الوسط”.
بدايةً يوهمك عنوان الكتاب بأن السعادة في المرأة بالنسبة للرجل ولكن يوضح الكاتب بأن المرأة ليست كل السعادة ولا كل الشقاء فالسعادة والشقاء عرضين وهنالك مساحة وسط بينهما.
ويستعرض في كتابه آراء لبعض الشخصيات من فلاسفة وشعراء من حول العالم لهم اهتمام بموضوع السعادة والشقاء وتكلموا في ذلك، وبالرغم من الاختلافات التي بين الشخصيات من عربية وغربية ومن حيث العقيدة من مؤمن ملحد… وهكذا… وربما هذا التنوع يثري الموضوع ويعطيك فهمًا واسعًا من أكثر من زاوية وأكثر من لون.
السعادة وبوذا
في تعاليم بوذا يرى بأن لا تضع سعادتك فيما هو زائل فيزول فتشقى لذلك ازهد في كل ما هو زائل بحيث تصبح السعادة في مساواة الأضداد مثل: أن يتساوى المرض بالصحة، الوصل بالقطيعة.. وهكذا مع كل الأمور بحيث تزهد عن الشهوات والملذات هذا الزهد سيحررك فتطمئن وتسعد. وصل بوذا لهذا المفهوم بعد تأمل دام سنوات يبحث فيه عن طريق للتخلص من الألم.
السعادة والهندوس
ويستعرض الكاتب الديانة الهندوسية وما فيها من عقائد، وما جاء في اليوغا وكيف تكون السعادة بالنسبة لهم وللكاتب مآخذ عليهم منها: تركيز الهندوسي على ما يشقي ويغالي فيه مثل: المرض… وغيره، في حين لا يفعل الهندوسي ذلك مع ما يسعد، فوجهة نظرهم ترتكز على أن الحياة الدنيا ما هي إلا شقاء، وبأن السعادة في لقاء الله الذي يحدث من خلال التأمل والاستغراق فيه ومن ثم يعود إلى الله بعد الموت فيفنى.
السعادة وأرسطو
يرى أرسطو بأن السعادة غاية الحياة وهي في التأمل والفضيلة، وأن السعادة لا تكتمل إلا إذا كمل العلم بالعمل كما أن السعادة ليست في الملذات وكل ما نعتقده من ماديات كالحلي وكذلك الجمال والغنى والنفوذ والأصدقاء وغيرها اعتبرها أرسطو من توابع السعادة، كذلك يعتبر السعادة نسبية.
السعادة ونيتشه
السعادة لدى نيتشه في التفوق والسعادة. وبأن كل ما يصل بك إلى التفوق مطلوب من العمل الدؤوب والاجتهاد والكفاح، وكل ما يمنعك عنها مرفوض وعليك أن تعمل وتتألم لتتفوق وتتطور حتى تصبح سعيدًا.. إلا أن نيتشه ينكر وجود الله وهو ما اعتبره الكاتب بأنه استبدل سعادة تامة تأتي من الإيمان والاتصال بالخالق إلى سعادة ناقصة ومتقطعة. “وُجد الإنسان للتفوق فما فعلتم لتتفوقوا؟”
السعادة وألان
يرى ألان بان السعادة في العمل، وفي العمل الحر المبدع تحديدًا وخاصة حين يكون صعبًا أو به تحديات تشعرك بلذة الانتصارات. وبالنسبة لحب الكون بكل ما فيه لا يرى صحة ذلك ففي حياتنا ما يشقي إلا أنه بوسع الإنسان مقاومة ذلك والتغلب عليه بالرضا، وبأن تحب الكون كما هو. فحتى “الملك يضجر”. لذلك السعادة فن وهو مفهوم عليك تعلمه وأن تعلمه أولادك بقاعدة يضعها وهي الابتسامة، وعدم التحدث مع الآخرين عن أوجاعك وكما قيل: “الحي يحييك..”
السعادة والشعراء
يرى الشاعر أبو العلاء المعري بأن السعادة واقع وموقف، فهو بالرغم من واقعه الأليم كان موقفه الاستمرار في الحياة وهي فيما نسعى إليه من رغبات، وهو يتبنى الزهد في حين أن عمر الخيّام يراها في الخمرة والمرأة.
السعادة وابن سينا
يرى بأن “هذا العالم أحسن عالم ممكن” وخيره كثير، والشر محدود وهو أقل.. لذلك السعادة فيه ناقصة.
قانون “الوسط”
يرى الكاتب بأن المساحة ما بين الضدين السعادة والشقاء هي حالة الوسط حيث لا إفراط ولا تفريط، لذلك ينصحك بالاعتدال في أكلك وشربك، وفي إنفاقك لا تسرف ولا تبخل، وكذلك بين التوحد ولقاء الناس، وفي الزهد والطموح… وهكذا.
ومن المهم أن تقرر وأنت في حالة الوسط، أي لا تقرر وأنت في حالة السعادة أو حالة الشقاء من حزن، وغضب ومرض.. الحالة العادية التي تكون عليها هي حالة الوسط وهي التي تعيشها غالبًا وبالرغم من هذا تسعى للسعادة وهي الأصعب وتتحمل الشقاء الذي يعود سببه لأنك تحب الحياة وتميل للبقاء وهو ميل فطري، وتصبر على أي هزيمة ومصيبة، وشقاء لأنك مؤمن بالآخرة لذلك لا تجد جدوى من الانتحار لعلمك بعاقبة هذا الفعل فتقرر الصبر مؤمن بأنه “وبشر الصابرين”.
كما أن للشقاء منفعة تعود عليك منها: أنها تختبر قدراتك ومدى تحملك، تجعلك تشعر بالآخرين الذين في مثل ما أنت فيه من بلاء، وتعرفك على نفسك، تظهر لك إخوانًا وأصدقاء أوفياء.. والكثير من الإيجابيات في داخل كل أزمة والامتنان هو ما يساعدك على استخراجها بحيث تنظر إلى الفائدة من كل أمر ظاهره سلبي مثل: السفر ومشقة الطريق كيف تستخرج أمورًا إيجابية من هذا العناء وهكذا في كل مشكلة وحادثة.
السعادة في الدين الإسلامي وهي أمر لم يتطرق له الكاتب تجدها في النص النبوي عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال:” عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلّا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له” ما بين الشكر والصبر تعيش تحت مظلة إيمانك واتصالك بالله، وفي نفس الوقت الإسلام دين التوسط والوسطية في كل الأمور من حاجاتك الدنيوية والدينية لذلك هو دين وتشريع أتى لتسعد في الدارين.
مكان السعادة في مواطن مختلفة
السعادة والعلم
يذكر الكاتب بأن السعادة في المجال العلمي تجدها في التفوق وفي الوصول لابتكار واختراع جديد أو رؤيا فلسفية جديدة، وأطروحة علمية لم يسبقك عليها أحد
السعادة والخير
تجد السعادة مرتبطة بفعل قوي وله دور فعال فيه تضحية من أجل مشكلة مثلًا تريد حلها إلى أن تجد الحل وتنتصر.
السعادة والعمل
صعوبة العمل والتفوق فيه والقدرة على إنجازه يمنحك السعادة. كذلك للمهنة لذة يرى أرسطو بأن الموسيقى الموهوب يجد لذة في الموسيقى وهكذا في كل عمل، فعلامة التقدم أن تجد فيه لذة وهو ما يعرف بالشغف في وقتنا الحالي.
السعادة والمال
المال عصب الحياة، ولا غنى عنه وعليك أن تسعى للكسب والاستغناء عن الناس ولكن يرى أرسطو بأنه علينا ألا نكتفي به “ألا نحيا فيما ليس الحياة، ونبحث عن السعادة فيما ليس السعادة”. “فما بالمال وحده يحيا الإنسان ويسعد”
السعادة والمرأة
الرجل يسعد بالمرأة والمرأة تسعد بالرجل، وهي سعادة زوجين إلا أن هذه السعادة تتضمن تعب ومصاعب تشمل حياة الأسرة وتربية الأبناء.
وأخيرًا … ينتهي الكاتب إلى أنك تعيش في حياتك اليومية في مساحة بين السعادة والشقاء، فالسعادة حالة شعورية تحضر وتغيب وكذلك الشقاء. وفي أثناء وجودك في المساحة المتوسطة بين الحالتين عليك بالرضا والامتنان والقناعة فالحياة الدنيوية ناقصة وكذلك السعادة.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 102,609
ترى ما هي السعادة وما علاقتها بقانون الوسط؟
link https://ziid.net/?p=92557