رحلة صادمة في مستويات الوعي الحضاري (نتعرّف عليها لننهض)
إدراكك لمستويات الحضارة سيساهم في ترتيب أفكارك ومشاعرك، ومن ثم المساهمة في دفع عملية النهضة والتقدم من خلال أدور تأثيرك
add تابِعني remove_red_eye 102,609
اعتبر عالم النفس الأمريكي “كلير جريفز” أن المشكلات هي ما يتحكم بالقيم، لا الحاجات كما جاء في نظرية “ماسلو”، وقد تطّلب الخروج بنظريته “الديناميكيات الحلزونية” (25) عامًا من البحث وبمساعدة مجموعة كبيرة من الباحثين، والتي هدفت لدراسة القيم عند الشعوب معتبرًا أنها الدافع الرئيسي للتحضر.
وأخذت مستويات الوعي شكلًا حلزونيًّا؛ لأنها متداخلة مع بعضها ومترابطة، وأبرز من شرح هذه النظرية بشكل مبسط في عالمنا العربي المهندس “محمد عاشور” من السعودية حيث قال
ليصبح السلم بين يديك، حدد مكانك واصعد للأعلى. فالطريق للتغيير أصبح واضحًا، إلا أن تغيير المجتمع لا يكون فرديًّا.
مستويات الوعي لدى كلير دبليو. غريفز
بحسب نموذج “جريفز” هنالك (8) مستويات للوعي الحضاري وهي:
1. البدائي
ليس له همّ إلا البقاء، فتجده إذا أراد شيئًا بكى حتى يحصل عليه، لا يتحمل المسئولية، ويريد أن يكون المتحكم في العلاقات، تبدأ من الولادة الى عمر ستة سنوات، ولكن هنالك كبار ما زالوا أطفالًا، أي: لم ينضجوا بعدُ لخلل في التربية، وحلُّ ذلك هو الإشباع والتوازن الأبوي “الحب من الأم والحماية والتوجيه من الأب” وهذا المستوى يعتبر ما قبل الحضارة ويؤثر سلبًا على كل حضارة.
نوع وطبيعة العلاقات في هذا المستوى “البقاء لي”.
2. القبلي أو العرقي
يعتبر هذا المستوى بداية الوعي الحضاري، فيه الفخر والعار والقيم، ينتهي هذا المستوى عند التاسعة من العمر، وبشكل عام العالم كله قبائل (سواء أطلق عليهم اسم قبيلة أو لا) جميعها في الأصل قبائل توسعت وأصبحت شعوبًا، قد ننسى اسم القبيلة وتصبح مسميات مناطقية وهكذا، ولكن ممكن أن يكون هذا التجمع القبلي بانيَ الحضارة، وقد يكون هادمًا لها، ولكل قبيلة ميزة جميلٌ أن تستمر عليها، ولكن العيب أن تكتفي بميزة قبيلتك دون أن تفعل وتقدم أنت شيئًا، والأخطر أن الوعي القبلي يمكنه -مع الجهل- أن يكتسب عادات قبيحة ويضعها مكان التقديس كقولهم: قبيلتنا لا تورث البنات.. وهكذا.
وحتى يكون هذا التجمع القبلي بانيًا للحضارة، عليه الاستمرار في التعلم بحيث يصنع قدوات لا يستكبرون ويقبلون الرأي الآخر، فتصبح ثقافة التعلم ثقافة سائدة. إضافة لاستحداث أنشطة تهدف لرفع مستوى العلم في القبيلة، فيكون هذا الوعي من خلال التوازن في النظر في الحسنات في القبيلة واستثمارها والعمل على معالجة العيوب كالتصاهر مع الآخرين لحل مشكلة خَلْقية أو خُلُقية.
نوع وطبيعة العلاقات في هذا المستوى “البقاء لقومي”.
3. التسلطي
في هذا المستوى يعتمد الناس على ما يميزهم. ويبدأ هذا الوعي في عمر (12) عام ويعتبر مستوى المراهقين، والتسلط يكون في مكامن القوة فالمدير على من دونه يكون متسلطًا، والمجتمعات التسلطية لا يؤثر فيها إلا الأقوياء المتميزين، مشكلة هذا المستوى:الافتقار للأمان، ويكمن المخرج منه في القانون (أو الدين) الذي يضع نظامًا يساوي بين الأقوياء والضعفاء بحيث يكون هنالك محاسبة.
والجيد في هذا المستوى أن نعرف نقطة قوتنا وأين يسّر الله لنا (ففي منطقة التيسير توجد قدرتك)، والكل في هذا المستوى يريد أن يكون المتبوع لا التابع والحلّ في توظيف الطاقات والتشارك فلكل منّا دوره الذي خلق له، وهبة من الله خصصت له.
نوع وطبيعة العلاقات في هذا المستوى “التفوق لي”.
4. المذهبي أو الرمزي
ينقسم الناس في المجتمعات ذات الوعي المذهبي إلى متقبلين للمذهب ورافضين له (وبينهم درجات متفاوتة)، الأشخاص في هذا المستوى يبحثون عن الصواب ولكن بالتقليد “أيْ دون نضج”، المميز هنا هو البحث عن ما الصحيح وما الخطأ ولكن العيب فيه هو التقليد إذا أحبّ قلّد وإذا كره خالَف، والخطر هو أن تظن الحق بالأشخاص، فمصدر العلم هنا هو الرمز والمفترض التعرف على الحق من الحق، أغلب الجامعات تقوم على الوعي المذهبي الأكاديمي ويظهر ذلك من شروط قبول الأبحاث.
نوع وطبيعة العلاقات في هذا المستوى “الصواب لنا”.
5. النفعي أو المصلحي
في هذا المستوى يكون التحرك من أجل المصلحة، وفيه يكون الخروج من التبعية والتخلي عن القبائل والرموز وتحقق الاستقلالية، نجد هذا في المجتمعات الغربية، ومصدر التعلم في هذا المستوى المصلحة (وخاصةً في الدول الرأسمالية).
نوع وطبيعة العلاقات في هذا المستوى “أساعدك من أجل يربح كلينا”.
6. الإنساني
من هنا يبدأ الوعي الحضاري والدول الأكثر إنسانية هي أكثر حضارة، في هذا المستوى يرى الناس أن من أمامه ليس أقل منه ولا أكثر منه إلا بما لديه من علم، ويعامل الناس بعضهم كما يحبون أن يُعاملوا، ويضع كلًّا منهم نفسه مكان الآخر.
نوع وطبيعة العلاقات في هذا المستوى “إنسان وإنسان أفكر بعقلك وتفكر بعقلي، أشعر بك وتشعر بي، الكل يستطيع أي شيء وكل شيء”
7. التكاملي أو الرسالي
ترى المجتمعات عند هذا المستوى من الوعي أنها تمتلك رسالة واحدة، وأن الفرد لا يساوي شيئًا بمفرده، الفوز للكل والأدوار بحسب إمكانياتهم التي اكتشفوها مسبقًا، وبأقل من ذلك لا ترتقي الأمم، وكان هذا في عهد النبوة.
نوع وطبيعة العلاقات في هذا المستوى “لي دور ولك دور، كُلًّا حسب إمكانياته لبناء المجد، لا لوم بل تحمل مسئوليات”.
8. الروحاني أو الرباني
يكون أفراد المجتمعات عند هذا المستوى من الوعي أصحاب الصفات الربانية “كونوا ربانيين…”. الجميع علاقاتهم مرتبطة روحيًّا مع بعضهم، التفكير في مصلحة الجميع في كل مكان وزمان وهو يتجاوز الإنسان ليشمل كل المخلوقات، الدعاء لمن مضى ولمن سيأتي، نجتمع فيه روحًا مع كل من يعظم الله ونفترق عن كل من يتجاوز الرحمة العالمية التي أرسلها نبيه بها.
نوع وطبيعة العلاقات في هذا المستوى “جنود مجندة، نتعارف على معبود الروح”.
وأخيرًا
يذكّر عاشور أن المستويات السبعة كلها إنسانية الوجود، العمل فيها مادي، أما الثامنة فالعمل فيها لأهداف روحية كبرى يعملون بصفات الرب اللائقة بالبشر.
والغرض من طرح هذه النظرية ليس تصنيف المجتمعات ولا إنشاء عداوات ولكن للارتقاء، ودائمًا الأوعى يقود الأقلّ وعيًا، ولكن من خلال انخراط الأوعى في الشعب يكون له تأثيره ليأخذهم الى مستوى أعلى فأعلى.
add تابِعني remove_red_eye 102,609
مقال ملهم حول مستويات الحضارة وإسهام هذا في ترتيب الأفكار والمشاعر
link https://ziid.net/?p=48644