متي ظهرت وظيفة المحتسب في الدولة الإسلامية
كان نظام الحسبة يحر ص على راحة الناس وأمنهم ودعتهم، ويهتم بكل شئون حياتهم، فيحفظ أموالهم، ويتابع أسواقهم ويوفر قوتهم.
add تابِعني remove_red_eye 20,905
ظهرت الحسبة في المجتمع الإسلامي وكان الهدف من هذه الوظيفة في البداية هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تطبيقًا لقول الله تعالي: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ ۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ).
ومع مرور الوقت لم تقتصر وظيفة المحتسب على مجرد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل دخل ضمن اختصاصات المحتسب بنود أخرى من ضمنها مراقبة المكاييل والموازين، منع الغش في الصناعة والتجارة، مراقبة الأسواق، الاهتمام بالطرق ونظافتها، منع المعلمين من ضرب الصبيان، الاهتمام بالحيوانات.
وكانت هذه الوظيفة ابتكارًا إسلاميًّا أصيلًا فلم نجد نظام الحسبة في أي حضارة سابقة أو حتى لاحقة، بل نجد أن أوربا في العصور الوسطي قد أخذوا عن المسلمين نظام الحسبة، فقاموا بتعين محتسب في كل مدينة من المدن التي كانوا يستولون عليها في الشرق، بل وحتى كانوا يقومون بتعيين المحتسبين في مدنهم في أوربا.
الحسبة في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
- كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يمارس الحسبة بنفسه، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مر على تاجر عنده طعام فأدخل يده فيه فأصابه بلل، فقال: “ما هذا يا صاحب الطعام؟”، قال الرجل: أصابته السماء يا رسول الله، قال: “أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش أمتي فليس مني”.
- وبعد فتح مكة قام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بتعيين سعيد بن العاص محتسبًا على أسواق مكة، من أجل مراقبة البيع والشراء والصناعات في هذه الأسواق.
الحسبة في عهد الخلفاء الراشدين
كان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يقوم بوظيفة الحسبة بنفسه، فكان يمشي في الأسواق يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكان يراقب الأسعار، ويمنع الغش وتطفيف الميزان.
الحسبة في عصر الدولة الأموية
قام معاوية بن سفيان بتعيين زياد بن أبيه محتسبًا على أسواق البصرة.
الحسبة في عصر الدولة العباسية
يعد عصر الدولة العباسية هو العصر الذهبي للحسبة، فقد أولى الخلفاء اهتمامًا كبيرًا بالمحتسبين، وبتعين الكثير من المحتسبين، والعمل على إعلاء شأن المحتسبين، وفي عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، تم نقل الأسواق من بغداد عاصمة الخلافة العباسية، إلى باب الكرخ وباب الشعير؛ من أجل أن تكون الأسواق بعيدة عن المدينة ودواوينها وجميع مصالحها، وكان يتم تعيين العديد من المحتسبين على هذه الأسواق من أجل تسيير العمل فيها، ومراقبة التجار، والإشراف على الأسعار، ومراقبة عمليات البيع والشراء.
ولم يقتصر الأمر على الأسواق فحسب، بل نجد أنه في عصر الدولة العباسية اتسعت دائرة اختصاصات المحتسب لتشمل؛ مراقبة المساجد؛ فكان المحتسب يتفقد نظافة المساجد، والتزام المؤذن بمواعيد الصلاة، كما كان المحتسب يراقب الموظفين والعمال، بل وكان يراقب القضاة أيضًا، وكان المحتسبون يختبرون أصحاب المهن والحرف من أجل إعطائهم تصريح لمزاولة المهنة؛ ففي عصر الخليفة العباسي المعتضد تم عقد امتحان لجميع أطباء بغداد، والذين بلغ عددهم 860 طبيبًا على يد رئيس الأطباء سنان بن ثابت، وكان المحتسب يعطي تصريح بمزاولة مهنة الطب بعد النجاح في الاختبار.
دور المحتسبين في الأزمات
وكان الخلفاء يهتمون بتعين محتسبين أصحاب علم ومهارة وحزم، حيث كانت وظيفة المحتسب ذات أهمية كبيرة خاصة في أوقات الأزمات وغلاء الأسعار ففي عام307م، حدث ارتفاع كبير في الأسعار في بغداد، وكان التجار يرفعون الأسعار بشكل كبير على العامة، فثار الناس، وعم الغضب في بغداد، وهنا ظهر دور رجل يدعى إبراهيم بن بطحا – والذي كان يشغل منصب المحتسب في ذلك الوقت – وقام بتسعير السلع الضرورية مما كان له أثر كبير في تهدئة الأوضاع.
وفي وقت الحروب كان المحتسبون يحثون الناس على المشاركة في الحرب والنهوض من أجل الدفاع عن بلادهم؛ فقد كان التجنيد في ذلك الوقت تطوعيًّا، فلم يكن التجنيد الإجباري قد تم فرضه، فنجد أحد المحتسبين في وقت الحرب في مدينة طرسوس يسير في الطرقات والأسواق يحث الناس على النفير ومشاركة السلطان في ملاقاة الأعداء، ولا بدّ أن نداء هؤلاء المحتسبين كان يأتي بثماره، فنجد الناس تتطوع وتشارك مع السلطان، وتهب لحماية بلادهم.
كما كان المحتسبون يعملون على درء الفتن والشائعات، وفي أوقات الأوبئة والأمراض كانوا يدعون الناس للتضرع والدعاء من أجل كشف الغمة، وكان الناس دائمًا ما يتجاوبون مع هؤلاء المحتسبين، ففي عام 822هـ تعرضت القاهرة لوباء فتّاك، فكان المحتسبون في القاهرة يدعون الناس أن يصوموا ثلاثة أيام ثم يخرجوا مع السلطان إلى الصحراء من أجل الدعاء أن يكشف الله عنهم هذا الوباء
وعلى الرغم من أن الدولة كانت هي التي تقوم بتعيين المحتسبين، إلا أنه كان هناك من يتطوع للقيام بإداء مهام المحتسب لأنهم كانوا يرون أن من واجبهم الديني أن يقوموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولا بدّ أن نذكر أنه كما كان لهذا النظام فضل كبير في ضبط الأسواق والأخلاق في الدولة الإسلامية، وعلى الرغم من عظم دور المحتسب، إلا أنه كان يوجد بعض المحتسبين الذين كانوا يعيثون في الأرض فسادًا، وكان من أشهر المحتسبين المعروفين بالفساد رجل يدعى محمد بن شعبان الشمس، كان يشغل وظيفة المحتسب في القاهرة، وكان يستولي على أموال الناس بغير حق هو ورجاله، ولكن السلاطين لم يكونوا ليسمحوا بذلك، فما كان من سلطان المماليك إلا أنه عزله من الحسبة، وأمر بضربه ثلاثمائة عصا. مما كان له أثر كبير في الحد من ظهور الفساد بين المحتسبين.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 20,905
هل سمعت من قبل عن نظام الحسبة؟؟ حسنًا إليك كل ما تحتاج معرفته
link https://ziid.net/?p=91762