العمل عن بعد طوق النجاة أمام كورونا: نظرة من داخل أروقة الشركات الكبرى
نستطيع رؤية كيف أن كورونا أطلق حالات الطوارئ في قطاع الصحة، ولكن هنالك حالة استنفار أخرى تحدث في سوق الأعمال والشركات
add تابِعني remove_red_eye 414,635
ربما كان العمل من المنزل حُلمًا للكثيرين، لكن لم يخطر على بال أحد أن الأمر قد يُصبح مفروضًا علينا إثر (كابوس) يُدعى فيروس كورونا (CoronaVirus).
انتشر مرض (COVID-19)، وهو المرض الناجم عن فيروس كورونا، خارج موطنه الأصلي في مدينة “ووهان” الصينية منذ ظهوره في نهاية العام الماضي، ولم يقتصر خطره على الحالات الـ (119000) في جميع أنحاء العالم، بل بسببه باتت الشركات متعددة الجنسيات تُعيد النظر في مؤتمراتها وسفرها وتنقلات موظفيها اليومية.
فمع بداية الأسبوع الماضي، اُضطرت قوقل لتشديد سياساتها بعد أن أظهرت نتيجة فحص أحد موظفي مكتبها (في مدينة زيورخ، سويسرا) إصابته بفيروس كورونا، وقيدت سفر موظفيها وألغت أكبر فعالياتها (Google Cloud) لهذا العام مع تزايد المخاوف بشأن تفشي المرض.
بل وأصدرت إدارة مكتب عملاقة التكنولوجيا في العاصمة الإيرلندية “دبلن” أمرًا لموظفيها -والبالغ عددهم 8000 موظف- بالعمل من المنزل الثلاثاء الماضي على خلفية إبلاغ أحد موظفيها عن أعراض تشبه أعراض الأنفلونزا.
وقد أكدت “قوقل” أن الإجراء -الذي استمر لمدة يوم- كان احترازيًا وتطبيقًا لنصيحة الخبراء الطبيين، حيث صرّح متحدث باسم “قوقل” لموقع Business Insider:
“نواصل اتخاذ التدابير الاحترازية لحماية صحة وسلامة القوى العاملة لدينا، وفقًا لنصيحة الخبراء الطبيين، وكجزء من هذا الجهد، طلبنا من فرقنا في دبلن العمل من المنزل غدًا”
شركات التكنولوجيا الأخرى تحذو حذو قوقل
تُعتمد الآن سياسات العمل الاحترازي من المنزل بين شركات التكنولوجيا الأخرى، ومنها عملاقة التدوين المصغّر (تويتر).
اليوم، تشجّع تويتر -وبقوة- موظفيها في جميع أنحاء العالم (قرابة 5000 موظف) بالعمل من المنزل. وقد أعلنت الشركة عن ذلك عبر تدوينة رسمية يوم الاثنين الفائت، وترافق ذلك مع إيقافها جميع رحلات السفر غير الهامة للموظفين واعتذار المؤسس والمدير التنفيذي للشركة (جاك دورسي – Jack Dorsey) عن حضور مؤتمر SXSW في مدينة أوستن الأمريكية (والذي كان من المزمع عقده في الفترة ما بين (13-22) من الشهر الجاري).
كما أعلنت منصة تبادل العملة المشفرة (Coinbase) عن إجراء مماثل، وفقًا لتغريدة نشرها الرئيس التنفيذي للشركة (براين أرمسترونغ – Brian Armstrong) على تويتر:
جدير بالذكر أن عدد الإصابات المؤكدة لفيروس كورونا –حتى لحظة كتابة هذا التقرير– بلغت: حوالي (119000) حالة (556) منها منتشرة في البلاد العربية على الشكل التالي: (110) في البحرين – (74) في الإمارات العربية المتحدة – (71) في العراق – (69) في الكويت – (59) في مصر – (52) لبنان – (29) في فلسطين – (24) قطر – (20) في كلٍّ من الجزائر والمملكة العربية السعودية – (18) في عُمان – (6) تونس – (3) المغرب – وحالة وحيدة في الأردن.
كيف تعاملت الشركات العربية مع فيروس كورونا؟
كشف استطلاع أجراه مركز “جلف تالنت” Gulf Talent الخليجي المتخصص في الاستطلاعات الميدانية والرائد في مجال التوظيف بالمنطقة، الأسبوع الماضي، أنه مع انتشار فيروس كورونا بأنحاء مختلفة من العالم، فقد بدأ (35%) من مدراء الشركات التي تتخذ من دول مجلس التعاون الخليجي مقرًا لها التخطيط لتوجيه موظفيها للعمل من المنزل.
وأظهر الاستطلاع -الذي شمل (1600) شركة- أن (6%) من تلك الشركات قد بدأت للتوّ خطط العمل من المنزل، في حين أكد 5% منها خططًا يجري تطبيقها قريبًا، وتراجع إدارات (12%) منه هذا المفهوم، في حين صرّحت نسبة مشابهة (12%) عن حقيقة كونها كانت ترتب للعمل عن بُعْد قبل تفشي المرض.
ومن بين الشركات التي تستعد لهذا التحول فإن (45%) منها تخطط لتنفيذ ذلك على مستوى عام وعالمي، بينما ستطبق البقية ذلك انتقائيًا لمهن وقطاعات معينة، وخاصة قطاعات الإدارة والموارد البشرية، لتبقى قطاعات الهندسة والعمليات هي الأقل احتمالًا.
وبالنسبة للموظفين أنفسهم، فقد أظهر استطلاع رأي أجراه موقع (الإمارات اليوم) عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي -وبمشاركة نحو (17) ألفًا و(500) مشارك- أن (89%) من المشاركين عبر صفحته الرسمية على الفيس بوك يؤيدون تطبيق نظام العمل عن بُعْد، في حين بلغت نسبة التأييد (84%) للمشاركين على الإنستغرام، و(82%) على تويتر، بمتوسط نحو (85%).
يُذكر أن مؤسسة محمد بن راشد الحكومية للإسكان -بحسب صحيفة “البيان” الإماراتية– بدأت تطبيق نظام ساعات الدوام المرن -والذي يتماشى مع قانون إدارة الموارد البشرية لحكومة دبي رقم (27) لسنة 2006- المرونة لموظفي الوحدات التنظيمية المختلفة لتنسيق الأوقات فيما بينهم شرط الالتزام بعدد الساعات المقررة رسميًّا ودون التقيد بحضور الجميع وانصرافهم في وقت واحد.
كورونا فرصة لإظهار الجانب الإنساني وتوسيع قاعدة العملاء (على حدٍّ سواء)
في الواقع، وكما حرصت شركة “قوقل” على صحة موظفيها -كما أسلفنا- نجدها حريصةً على صحة عملائها:
ففي بادرة لطيفة منها، قررت توفير النسخة التجارية Enterprise Edition من خدمتها لبثّ مؤتمرات الفيديو عبر الانترنت (Hangouts Meet) مجانًا حتى 1 يوليو (تموز) للعام الجاري.
تتيح النسخة التجارية لمستخدميها استضافة اجتماعات عن بُعد أكبر ومشاركة البث المباشر مع ما يصل إلى (100000) مشاهد.
من جانب آخر، أعلنت شركة مايكروسوفت عن رفعها الحدود التي تقيّد استخدام نسختها المجانية من (Microsoft Teams) -وهو الاسم الجديد لاشتراكات سكايب للأعمال- وذلك لمدة (6) أشهر اعتبارًا من (10) مارس/آذار للعام الجاري.
يمنحك (Microsoft Teams) إمكانية الوصول إلى مكالمات جماعية أكبر بالإضافة إلى إمكانية الوصول السحابي للمستندات. تقدم الشركة ترقية للأعمال التجارية والشركاء الآخرين مع الموظفين الذين يعملون عن بعد.
للوهلة الأولى، قد تبدو “التنازلات” التي قدّمتها شركتَيْ “قوقل ومايكروسوفت” كمساهمة إنسانية في الحدّ من انتشار المرض. إنما من البديهي القول أن شركات وادي السيليكون الشهيرة تفكر بعقلية (المسّوق الناجح): فهي -من خلال ما قدمته- توسّع من قاعدة عملائها، وتصل بها إلى شريحة جديدة ربما لم تكن تحلم بالوصول إليها.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ماذا سيحدث بعد انتهاء (الفترة المجانية)؟
هل العمل عن بعد مجرد حلّ مؤقت؟
حين تقرر شركة تحويل خدمتها المدفوعة إلى مجانية، فهي تُضحي بذلك بعشرات آلاف الدولارات -وربما المئات أيضًا- كأرباح محتملة. وبما أننا هنا نتحدث عن شركتين عملاقتين كقوقل ومايكروسوفت، فلا يمكن أن يصدر ذلك القرار جزافًا، بل لا بدّ أن يكون هناك خطة ما!
من الواضح أن المذكورتين آنفًا لا تحصران اهتمامهما بالسوق الحالي، بل تبحث عن فرص نمو مستقبلي. لكن كيف؟
يكفي أن نُلقي نظرة بسيطة على المؤشرات الاقتصادية لندرك مستقبل الوظائف في العالم، فالجيل الحالي الذي يدفع باستخدام آبل باي (Apple Pay) عوضًا عن فتح حساب بنكي، ويعيش في عصر السيارات ذاتية القيادة والثورة الصناعية الرابعة، ذلك الجيل لن يكون مستعدًا ليجلس خلف مكتب مغلق يخنق إبداعه، أو يلتزم بنظام الدوام (5-9) التقليدي.
وحتى بالنظر إلى الأطفال ممن يدرسون في المرحلة الابتدائية حاليًا، فالواقع يُشير إلى أنهم سيعملون -حين يكبرون- في مجالات لا نعلم عنها شيئًا حاليًا.
إن اقتصاد الوظائف المؤقتة الذي يتيح للشركات التعاقد مع أفراد مستقلين للقيام بمشاريع وأعمال قصيرة الأجل، هو اقتصاد يُنبئ عن وجه جديد من ممارسة العمل، حيث يمكن للشركات العمل عن بعد وفي الوقت نفسه، يمكن لهذا الاقتصاد المرن من الوظائف أن يمنح العاملين إمكانية تحديد ساعات العمل حسب رغباتهم الشخصية.
ومن الرائع هنا أن نجد قرابة 100 شركة عربية تعمل عن بعد في محاولة منها للتكيف مع الطبيعة المتغيرة للعمل وإدراك أن التكنولوجيا بسّطت إجراءات العمل، وطمست الحدود الجغرافية للشركات.
add تابِعني remove_red_eye 414,635
link https://ziid.net/?p=50086