تجربتي في تعلُّم العزف على الآلات الموسيقية، و 3 أمور مستفادة
القدرة على خوض تجربة جديدة نرى فيها نفسنا ونعرفها.. ستعود علينا بثمار حلوة المذاق.. فقدراتنا ليس لها نهاية ..لنبدأ
add تابِعني remove_red_eye 102,609
منذ أن كنت طفلة كانت تستوقفني الآلات الموسيقية، فكنت أذهب إلى محلات بيعها المعروفة في بعض المراكز التجارية أو محلات لبعض المهتمين بالموسيقى والفن المعروفين مثل: “سمير للآلات الموسيقية” أتأمل هذه الآلات وأحاول العزف، كذلك كنتُ أقِف طويلًا أمام العازفين في الحفلات، والمناسبات العائلية. وبما أني طفلة كنت أشتري هذه الآلات على شكل ألعاب لأعزف بها، وحين تجاوزت الثانية عشَر من العمر بدأت أفكر في شراء آلة حقيقية وليست لعبة فكانت آلة “البيانو”.
الرحلة التي قدمت لي (3) دروس مستفادة حتى الآن
1- من نقطة الصفر إلى..
كمبتدئة لا تعرف العزف على البيانو إلا على مقطوعة “طلع البدر علينا” و”هبي بارتي” عانيت كثيرًا خاصةً وأن ليس هنالك مدرب، ولم يكن هنالك مقاطع يوتيوب أو غيرها من الدروس على الإنترنت ولا حتى الكتب! أتذكر أني كنت أجلس لفترات طويلة وأنا احاول أن اعزف بداية أي أغنية محاولات من دون منهج أو حتى نوتة موسيقية!
أصبحت أسمع وأبحث عن موسيقى واضحة نغماتها حتى أستطيع أن أعزفها إلى أن اخترت الأسهل حتى تكون محاولاتي عليها.. ولكن لم أكن أعرف من أين أبدأ فليس هنالك أحد يدربني ولن أنتظر.
هذه المحاولات كانت تذكرني بجلوسي للمذاكرة في ليلة الاختبار النهائي لا شيء يشغلني مع تركيز حاد على الهدف.
لا أنسى تلك الفرحة العارمة التي اجتاحتني في لحظة أن وجدت”تِن.. تِن” كانت هذه النقطة الأولى ومنها استطعت أن أصل إلى إكمال المقطوعة الموسيقية.. كل هذا كان تعليمًا ذاتيًّا.. وبقيت في محاولات التعلم بنفسي إلى أن انتقلت إلى آلة “الأورج”. وأحببتها أكثر ربما لأنها أسهل بالنسبة لي.
2- لن تُجيد كل شيء
بعد ذلك قررت أن أتعلم العزف على آلة القيثار لأكثر من سبب، صوت هذه الآلة جميل ويلج إلى أعماق النفس وطريقة العزف بالإضافة إلى سهولة تنقله في السفر وفي أي مكان، ولا يحتاج إلى الكهرباء ولكن صُدمت بأن هذه الآلة معقدة مقارنة بالأورج. على الرغم من أني هذه المرة استعنت بمدرب وأخذت أكثر من عشرة ساعات تدريب وكان من المقرر استكمال مدة التدريب التي كانت على مرحلتين فإني رفضت أن أستكمل لأكثر من سبب لم أجد نفسي مع هذه الآلة، ولم أستسغ الأوتار وتحريك الأصابع بينها التي كانت تؤلمني فترة التدريب.
إلى أن قررت أن أصبح مستمعة ومستمتعة بسماع عزف القيثار فقط دون أن أعزف بنفسي. تقبلت الفشل كنت كمن يختار تخصصه الجامعي وبعد أن يدرس يكتشف بأن هذا التخصص لا يناسبه وعليه أن ينتقل إلى تخصص آخر ليس فقط لأنه لم يشعر بمَيْل لهذا المجال بل لا يستطيع أن ينجح فيه.
تقبلت الفشل حتى أتجاوزه، ولا أنكر بأن الإحساس بالإخفاق مؤلم ولكن إمكانية الترك كانت نعمة فلم يكن الأمر “تأبيدة”.
وإذا انغلق باب فهناك مائة باب. وإذا خسرت جولة فهنالك جولات قادمة. ومثلما قال أديسون: “ضعفنا الأكبر يكمن في الاستسلام. وأكثر الطرق المؤكدة للنجاح هي أن تحاول مرة أخرى” انطلقت لأحاول مرة أخرى، وإلى آلة أخرى وهي آلة “العود” ولم أنجح أيضًا
“النجاح أن تنتقل من فشل إلى فشل من دون أن تفقد حماسك”.
3- الروتينولوجيا
هو منهج لمعالجة ما يعرف بداء الروتين الحاد كما جاء في رواية “حياتك الثانية تبدأ حين تدرك أن لديك حياة واحدة” وقد أسمت الكاتبة تطبيقات علم النفس الإيجابي بهذا المصطلح. وأعراض الروتين الحاد ما يلي:
- انخفاض درجة الحافز والكآبة.
- صعوبة الاحساس بالسعادة، وتملك خيبات الأمل للإنسان.
- الشعور بالتعب.
- إحساس بالفراغ.
باختصار أن يكون لديك كل شيء ولكن ليس لديك المفتاح حتى تستفيد.
ولقد مرَرْت بهذه الحالة من انخفاض الحافز، وبعد تجربة فَقْد لأهمّ مصدر من مصادر الطاقة لديّ فكانت تجربتي التالية على العزف بمثابة المعالج والداعم “الـروتينولوجي” الذي كان في الكتاب. فالتعلم وممارسة التدريب لتجربة آلة جديدة كانت تحولني من حالة السكون إلى الحركة، فكانت هذه المرة مع آلة “الدرامز” تعلمتها مع مدرب وأخذت كل الدروس وطبقتها وتمرّنت ونجحت في تعلم هذه الآلة بشكل متكامل.
من أسباب نجاحي في هذه التجربة من وجهة نظري بأنه كان لدي استعداد وقدرة مسبقة، كذلك المنهج الواضح للمدرب والانتظام في التعلم والممارسة. وفي هذه التجربة طبقت “نظرية الخطوات الصغيرة” فما كنت أعزف في يوم وليلة بل هي مراحل، وجهد متواصل علمتني التجربة كيف أطبق هذه النظرية مع كل أمر في حياتي أودّ أن أغيره أو أضيفه. “التغيير باب لا يُفتح إلا من الداخل”.
اتبعت أسلوب “النمذجة” في تقليد أكثر من يعجبني في العزف. وتخيلت نفسي عازفة محترفة، وحتى أتمكن كان لا بد من المثابرة، والحذر من الوحوش الداخلية الكسل والإحباط.
مررت بإخفاقات خاصة في الإيقاعات الجديدة علي ولكن كنت أتجاهل أي شيء سلبي ممكن أن يوقفني، كان هدفي الصغير إجادة العزف وهدفي الكبير تدريب نفسي على المثابرة والوصول للغايات. هذه التجارب كانت بالنسبة لي دورات لتنمية الذات وزيادة ثقتي في نفسي، وتعلم وممارسة للانضباط. ومن خلال هذه التجارب كنت أكتشف قدراتي وأنقب عمّا يصلح أن أضيفه كمهارة من مهاراتي حتى أعمل على رعايتها والاهتمام بها والاستفادة منها ولهذه التجارب متعة خاصةً إذا نجحت في إيجاد موهبة لديك وهبها الله فيك..
وفي النهاية لم تكن هذه المحاولات والتجارب إلا لاستكشاف ذاتي والتعرف عليها وتوسيع دائرة مهاراتي والتنفيس عن النفس، والتعبير عن مشاعري.. وتدريب النفس وتهذيبها فقد قال أول متسلق لإيفرست: “ليس الجبل هو ما نغزوه بل أنفسنا”. لم تنته تجاربي فأنا حاليًا أخوض تجربة مع الآلة الموسيقية الشرقية “الناي”.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 102,609
تجربة ملهمة لتعلم العزف وأثرها على الحياة والمهارات بشكل عام
link https://ziid.net/?p=64073