خمس خرافات عن القراءة
القراءة لذة للعقل، وطوق نجاة للأمم من الجهل والفقر والمرض، أو ما يشبه مستشفى العقول الذي تتعافى فيه الأذهان والمدارك
add تابِعني remove_red_eye 8,859
“القراءة لذة للعقل، وطوق نجاة للأمم من الجهل والفقر والمرض، أو ما يشبه مستشفى العقول الذي تتعافى فيه الأذهان والمدارك من مختلف العلل” مريم أمجون. هل كنت تقرأ يومًا ما ليقاطعك أحدهم ناصحًا اعمل شيئًا أكثر فائدة؟ أو، إن القراءة تسببت في انحراف تفكيرك؟ بل وتصل أحيانا تلك المواقف أن يهاجمك أحدهم فقط لأنك تمسك كتابًا له عنوان قد يبدو للبعض استفزازيًّا. قد تبدو تلك المواقف مألوفة، بل إنه يُمكننا أن نظل نسترسل في المواقف التي يتعرض لها القراء بالعمل، بالمنزل، وأحيانًا في الشارع.
ما الذي يجعلنا نحن القراء نتعرض لتلك المواقف؟ هل لأننا نقوم بفعل يكتنفه الرفض أو الغموض؟ فعل القراءة نفسه ليس منتشرًا في مجتمعاتنا العربية؟ ومن رأيي الذي أتيت اليوم لمشاركته معكم هو أن القراءة ليست مرفوضة وليست سيئة لكي يتم تعاطي فكرتها بين أهلنا وأصدقائنا بهذا الشكل، بل بما حظيت به من رفض أو إشاعات تغلفها تغليفًا محكمًا فلم تعد حقيقة القراءة تظهر للعيان إلا لمن وضع عدسة مكبرة أمام غابتها وقام بالمغامرة والدخول فيها بقلب مرتعش وروح جائعة.
القراءة يا سادة لم تكن يومًا عدوًا للأمم بل هي وسيلة، دائمًا كانت الكتب وسيلة للارتفاع والعلم واستيعاب الآخرين وما يدور في خلدهم. لذا نحن هنا اليوم لكي نسرد القليل من الخرافات التي نعتبرها كقراء بالنكات السخيفة التي سنسمعها مرارًا وتكرارًا حتى يتوقف قائلها ليدخل معنا الغابة.
الخرافة الأولى: القراءة مجرد هواية
الخرافة الأولى المضحكة التي لم أجد لها أساسًا من الصحة أو تاريخًا هي أن تكون هواية. هواية يعني أنها يمكن استبدالها، يمكن توقفها، وحتى يمكن ألا تصبح ركنًا أساسيًّا من اليوم أو الحياة. القراءة لا يمكنها أن تكون هواية، فأنت بعد الكتاب لا تعود كما كنت، ستضاف إليك كلمات جديدة، تعبيرات ووعي بشخصيات يمكنك أن تقابلها في الواقع بل وتدرك مشاعر وأحاسيس لم تكن لتدركها دون أن يصفها أحدهم لك بدقة، فكيف بالله عليك عزيزي القارئ تعتبر القراءة التي نعيش عليها ونعيش على ما تحمله لنا من تجارب وسفر ونحن في مكاننا أنها مجرد نشاط بجانب الأنشطة الأساسية في اليوم؟
الخرافة الثانية: القراءة تعزلك عن العالم
لا أعلم متى ظهرت تلك الخرافة الغريبة، فهي بالفعل غريبة جدًّا، فالكتب هي ما تجعل اليوم يسير دون ملل. ففي مترو الأنفاق، أقرأ لأقتل مللي. كما أنني حين أكون على سفر أقوم بعمل حقيبة للكتب، وذلك لكي لا أبقى بدون فعل شيء ولقتل الملل الذي يمكن أن ينتج من جلوسك مع أناس مختلفين عنك أو جلوسك في مكان خلاب، ولكنه فارغ من الأنشطة والحركة. لذا فالقراءة بالنسبة لنا كالموسيقى التي تجعل للمشهد معنى أكثر بل طعمًا وروحًا.
الخرافة الثالثة: أن الحياة تغني عن الكتب
يقال: إن الكتب تجعلك تعجز عن عيش حياتك، فأنت إما تقرأ أو تعيش.. عن تجربة شخصية؛ فالقراءة هي ما تجعلني أستمر حتى الآن، فالقراءة هي ما جعلتني أكمل دراستي ثم أعمل بأكثر من مكان ثم أتخطى فكرة فراق والدي ورحيله لوجه كريم أو حتى أن أفترق عن حب ظننته أبديًّا. نأخذ الخبرة من الكتب أحيانًا وأحيانًا أخرى نعرف كيف نتصرف في وضع خطير لا نستطيع تجاوزه وحدنا عن طريق الكتب، وفي مواضع أخرى نتعلم أن نتقبل الماضي وأن نخطط جيدًا للمستقبل. الكتب تكمل حياتنا بل أحيانًا تكون كالسند.
الخرافة الرابعة: مفسدة للعقول
من منا حاول أن يتناقش من قبل في مسألة هامة، ثم ظهرت تلك العبارة في وجهه كالاتهام “إنت القراية دي بوظت دماغك!” تعرضنا كلنا لتلك العبارة بشكل أو بآخر .. أليس كذلك؟ حسنًا إلى حد ما العبارة صحيحة، فأنت ومع القراءة تتعلم أن تبحث عن الشيء الصحيح، تتعلم أن تتناقش مع من حولك فيما قرأت وألا تصدقه بشكل كامل بدون بحث ومعرفة. لذا عندما يتطور وعينا بطريقة ملحوظة وعندما لا نسلم بالمعلومات مجهولة المصدر فنبدأ بالبحث والمناقشات فإن عقولنا تصبح لآخرين “فاسدة”! بل تحتاج لإصلاح فهي على حافة من حواف الجنون التي تظهر بسبب الكتب.
لذا عندما تسمع خرافة من تلك الخرافات عن القراءة، فإنك يجب أن تنظر بأعينهم، أن تفكر بعقليتهم وهو ما تعلمه لك القراءة، أن تضع نفسك مكان الآخرين وتحاول أن تتقمص عقليتهم لكي تدرك ما هم متحدثون عنه أو ما يحاولون أن يقولوه دون معرفة بالكيفية.
الخرافة الخامسة: أنت قارئ إذن أنت كاتب
“وهتكتبي كتاب إمتى ولا إنت بتقري ع الفاضي بس؟” كَمْ هي مملة تلك العبارة حينما تخرج من بعض الأقارب، أليس كذلك؟ صراحة، فالقراءة ليست بالضرورة أن تنتج كاتبًا، فالقراء لا يقرأون لكي يصبحوا كُتّابًا بل يقرأون لملايين الأسباب الأخرى، ويمكننا أن نذكرها في سلسلة من المقالات اللاحقة بإذن الله ولكننا الآن نتحدث عن الكتابة، التي عادة ما تحتاج تدريبًا وموهبة وأساليب للبحث والتعبير والمعرفة.. الكتابة عمل مرهق ويكون نابعًا من الداخل .. أحيانًا بسبب وأحيانًا أخرى بدون سبب.. أحيانًا تكون للتعبير وأحيانًا أخرى يكون هدفها أن توصل معلومة ما .. القراء مستقبلون ويمكن أن يرسلوا أيضًا ولكن ليس بالضرورة والقراءة لا تصاحبها ثوابت.
يمكننا أن نستخرج من واقع يومنا أكثر من عشرين خرافة، فأنت عزيزي القارئ تجد نفسك في تلك الفئة التي لا تستطيع أن تُلقِي كتابًا دون أن توجه الأنظار له..
لذا أحيطكم يا من تجولتم هنا في هذا المقال وبين تلك النكات المضحكة أن تستمروا في القراءة، أن تشجعوا من حولكم عليها.. ألا تخجلوا من إمساك كتاب في الأماكن العامة وأن تتناقشوا مع الناس حول ما تريدون وأن تبحثوا.. ابحثوا كمن يبحث لينجو بحياته من فوهة بندقية موجهة خلف رأسه.. ابحث وتعلم واقرأ، لا تخف أن تتوغل بداخل الغابة، لا تشعر بالذعر إن دخلت أماكن مظلمة، فعقلك سراجك فلا تخف ولا تهن ولا تستسلم. فمن وجد قلبًا شجاعًا يعينه على القراءة سيموت والكتاب معه حتى النهاية.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 8,859
إن كنت تقرأ كمن يسير بالقراءة على أنها وقود له .. فهذا المقال لك لكي تبتسم
link https://ziid.net/?p=79541