في السفر: من لا يعرف إلا بلده لا يعرف بلده

ما  أول شيء خطر في بالك عندما قراءة عنوان هذا المقال؟ أعتقد أنك وكثير من الناس لم تفهم المعنى الحقيقي وراء هذا العنوان مثلي تماما عندما سمعته لأول مرة! فقبل عدة أيام كنت أتابع مقابلة للكاتب عبدالله الجمعة وأثناء حواره ذكر هذه الجملة ( من لا يعرف إلا بلده لا يعرف بلده ) فتوقفت للحظة أفكر في هذه العبارة لأنني لم أسمعها من قبل وأقول في نفسي هل كان يقولها بشكل غير صحيح أم أنني لم أسمعها جيدا؟ وبعدها بدأ في شرح هذه الجملة أو الحكمة لا أعرف ان كانت حكمة أم لا أو إن كان هو قائلها أو أخذها ليثبت وجهة نظر معينة ولكن بعد انتهائه من الشرح وفهمي لها اتضح أنها تختصر كلاما كثيرا جدا بداخلي ولم أستطع قوله بالطريقة الصحيحة!

بلدة جديدة تفتح نافذة على بلدك!

فتخيل معي شخصا يسكن طيلة حياته في بلدة معينة وفي مخيلته أن هذه البلدة هي أفضل بلدة في كل العالم ولا يوجد لها مثيل وأن كل شيء فيها كامل، ولكن في المقابل البلد المجاورة لديها مقومات أفضل وكماليات أكثر تجعلها أفضل من بلده وهذا يعني أن بلده ناقص في أشياء كثيرة وأنه لا يعرف هذا النقص ولا يعرف أن بلدته ناقصة لأنه لم يسافر ويشاهد بلدة غيرها وبالتالي لم يستطع أن يقارن بينها وبين ما هو صحيح أو كامل ويجعله في النهاية لا يعرف بلدة لأنه لا يعرف غيرها! باختصار هو أنك لا تستطيع أن تحكم على بلدك إلا إذا سافرت لبلد أخرى لتقارن بينها وبين بلدك.

تجربة الجديد تُفيد!

وإذا أمعنت التفكير فيها فهذه الحكمة لا تنطبق على البلدان فقط بل إنها تنطبق على جميع الأشياء في الحياة! فمثلا قبل سنتين كان هناك صديق لي يمتلك جهاز جوال من نوع قديم ولم يمتلك غيره طوال حياته ولم يحاول شراء نوع جديد منه،وفي كل مرة أطلب منه تغييره يرفض بحجة أنه ممتاز ويلبي كل احتياجاته وأنه لا يوجد أفضل منه وإن جميع هذه الأجهزة الجديدة مجرد لعبة! وفي يوم من الأيام بعد إقناع طويل ذهبنا معا لشراء جوال جديد له وطبعا كلنا نعرف نهاية هذه القصة أنه في نهاية الأمر أعجبه الجهاز الجديد وندم لحظة لأنه لم يستعمله من قبل، ولكن الحكمة هنا هي أنك لا تدعي معرفة شيء بدون تجربة شيء آخر لأنك دون تجربة أشياء أخرى لن تعرف ما لديك!

فعزيزي القارئ هل هناك أشياء ما زلت تعتقد أنك تعرفها جيدا وأنها أفضل شيء في الوجود ؟ راجع نفسك وحاول تجربة شيء جديد قبل الإجابة.