متى ظهرت الفنادق في الحضارة الإسلامية
جاءت فكرة الفنادق والخانات في الحضارة الإسلامية من استحقاق ابن السبيل –وهو الغريب والمسافر – لأموال الزكاة
add تابِعني remove_red_eye 20,905
اهتمت الدولة الإسلامية منذ بواكير عهدها اهتمامًا كبيرًا بإنشاء الخانات والفنادق، لأنها تمثل المأوى الوحيد للتجار والمسافرين، تحميهم من حر الصيف، وبرد الشتاء، وقد جاءت فكرة الفنادق والخانات في الحضارة الإسلامية من استحقاق بن السبيل –وهو الغريب والمسافر– لأموال الزكاة لذلك اهتمت الدولة الإسلامية بتوفير كل ما يلزم أبناء السبيل من الطعام. فكان صاحب الخان يحرص على استقدام أفضل الطباخين من أجل تقديم الطعام لنزلاء الخان، والشراب، والسكن، لذلك يمكننا القول إن إنشاء الفنادق يعد من المصالح المرسلة التي ابتكرتها الشريعة الإسلامية، فكان بداية ظهورها في عهد الدولة الأموية، أي أواخر القرن الأول الهجري.
كانت هذه الفنادق تقدم للمسافر كل ما يلزمه من طعام وشراب وفراش، وغطاء، وكان في البداية ينام المسافرون على حصير يعطيهم لهم صاحب الخان، غير أنه مع مرور الوقت أصبح هناك أسِرة ينامون عليها، كما كان يوجد أماكن لحفظ الأموال، والأشياء النفيسة، وأماكن أيضًا لحيوانات المسافرين، وكانت هذه الفنادق تخضع دائمًا لرقابة الدولة؛ فكان المحتسب هو الشخص المسئول عن مراقبة هذه الفنادق من قِبل الدولة الإسلامية، وعلى الرغم من أن الدولة كانت مسئولة عن بناء هذه الفنادق والخانات، فإننا نجد أن كثيرًا من أهل الثراء والنعمة كانوا يشيدون بعض هذه الخانات للمسافرين بالمجان ابتغاءً للأجر والثواب.
أشهر الخانات والفنادق في الدولة الإسلامية
اتسعت رقعة الدولة الإسلامية بشكل كبير، فكان على الخلفاء والأمراء أن يهتموا بإنشاء مثل هذه الخانات على طول الطريق بين المدن الإسلامية، من أجل أن تكون بمثابة محطات يرتاح فيها المسافرون من التجار، وطلبة العلم، وغيرهم، وكان ممن اشتهر ببناء الفنادق المجانية:
- الخليفة المستنصر بالله.
- الأمير نور الدين محمود.
- عصمة الدين بنت معين الدين أنر زوجة صلاح الدين.
- سلطان المرينيين في المغرب أبو يعقوب يوسف المريني.
أشهر الفنادق في العالم الإسلامي
الأندلس
لا يخفى على أحد أن مدينة الأندلس في عهد الدولة الأموية قد ضمت أكبر عدد من الفنادق، ذكر الحميري في كتابه “صفة جزيرة الأندلس”: أن مدينة الأندلس كانت تضم نحو ألف فندق، مما يدل على أن هذه المدينة كانت قِبلة لكثير من الزوار، فكانت الأندلس من أعظم مدن العالم حضارة في ذلك الوقت.
وعلى الرغم من أن هذه الفنادق والخانات في الأندلس كانت ذا أهمية كبيرة، وكانت تخدم المسافرين على اختلاف أنواعهم، فإنه ظهر في الأندلس بعض الفنادق التي كانت تحيد عن الآداب العامة، ولما كانت هذه الفنادق تخضع لرقابة الدولة فكان الخلفاء يقومون بهدم مثل هذه الفنادق التي تحيد عن الآداب العامة، فقد قام الحكم بن هشام بهدم خان من خانات الأندليس في عام 206 هجريًّا، لانتشار المجون والفسق داخل الفندق، فكان الخلفاء والأمراء يتصدون لمثل هذه الحالات بكل قوة وحزم.
الدولة المملوكية
قد أضافت دولة المماليك في مصر جديدًا في نظم الفنادق، لم يكن موجودًا من قبل؛ فقد قاموا بتخصيص فنادق للجاليات الأوربية الذين كانوا يأتون لمصر والشام من أجل التجارة، فنجد على سبيل المثال فندق للجالية الجنوية القادمة من إيطاليا، وفندق للجالية الكيتلانية، كما قاموا أيضًا بتقسيم الفنادق التي تختص بالتجار المسلمين على حسب تخصص كل مهنة.
نماذج لرواد الخانات والفنادق
التجار
كان حكام الدولة الإسلامية يعلمون جيدًا أن اقتصاد الدولة بشكل عام، وتجارتها بشكل خاص لن يزدهر إلا بالاهتمام بالتجار، لذلك حرصوا على إقامة الخانات والفنادق على طول الطرق التجارية من أجل أن يتخذها هؤلاء التجار كمحطات يستريحون بها في أثناء ذهابهم، وإيابهم، وكانوا يجدون فيها الطعام والشراب، وكانوا يأمنون على بضائعهم وأموالهم فيها، فكان التجار من كل أنحاء العالم في ذلك الوقت يأتون إلى العالم الإسلامي من أجل التجارة وهم مطمئنون على أنفسهم وبضائعهم، فازدهرت بذلك التجارة بشكل كبير، فكانت الأندلس مركزًا تجاريًا هامًا، يتوجه إليها التجار من كافة أنحاء العالم، وهذا بفضل العطاء الإنساني الذي قدمته الحضارة الإسلامية لكافة زائريها على مختلف ديانتهم، وجنسياتهم.
2. طلاب العلماء
كان طلاب العلم يتنقلون في مختلف أقطار الدولة الإسلامية من أجل تلقي العلم، ولما كانت الدولة الإسلامية حريصة على العلم والتعلم، فقد أقامت مثل هذه الخانات لطلاب العلم، لتسهل عليهم السفر ولتلقي العلم، فتكون بمثابة استراحات على الطريق، وداخل المدن تكون بمثابة سكن يستقرون فيه، فنذكر أن بقي بن مخلد علامة الأندلس قد انتقل إلى بغداد من أجل أن يسمع الحديث عن الإمام أحمد بن حبل، وفي أثناء إقامته في بغداد قد قام بإيجار غرفة في أحد الفنادق الموجودة في بغداد ليقيم فيها، وغيره كثير من طلاب العلم.
3. الخلفاء والأمراء
لم يقتصر النزول في الخانات والفنادق على المسافرين من التجار وطلاب العلم، بل قد نزل الكثير من الخلفاء والأمراء مع حاشيتهم في هذه الفنادق، فعلى سبيل المثال نجد الخليفة العباسي المعتضد قد نزل بأحد الفنادق الموجودة بالقرب من مدينة الإسكندرونة –موجودة في تركيا حاليًا– أثناء تفقده لأحوال المدن والثغور في الشام.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 20,905
متى بدأت فكرة الفنادق والخانات في الحضارة الإسلامية؟
link https://ziid.net/?p=93053