صبنجة وجهتك السياحية في الشتاء .. لوحة فنية من إبداع الخالق
تستهويني عطلات الشتاء، تعيد تكويني، وتحرض خيالي على التواصل مع الطبيعة وممارسة طقوس الكتابة عنها.فأرسم لوحات بقلمي وقلبي
add تابِعني remove_red_eye 1,811
في مكان بعيد عن موطن أي مسافر، تولد الرغبة باكتشاف أساليب مختلفة للحياة، إثر تعرفه على أنماط من يصادفهم واحتكاكه بحضارات وثقافات، يبتعد عن فكرة الاصطياف يستبدلها بفكرة قضاء نهاية الخريف، الاستمتاع بثلوج الشتاء هكذا هو الشمال التركي يقلب حياة محبيه، يشدهم إلى عالمه المتجدد الفصول والحكايات.
جبل كارتبه
ما إن تبدأ السيارة بالتحرك بعيداً عن مدينة اسطنبول تطالع السائح لوحة فنية فائقة الغرابة والجمال، تغريه بالاطلاع على عالمها الساحر، تستدرج العيون لتبهرها بجبل كارتبه، تستعطفهم لتسلقه وممارسة متعة التثلج فوقه تستدني القاصي والداني وتدعوه لاكتشاف دروبها المتوازعة وسط أدغال من هضابها المغطاة بالخضرة المتنوعة المسميات، إنها صبنجة الواقعة شمال تركيا.
هي بلدة اجتمعت فيها كافة مقومات الصفاء، لن تسمح للأحزان اختراق عالمها، ولاتلتزم بمصافحة مكتئب دسته الصدفة لأروقتها المخملية، اصطحب مجموعة من المسافرين ليبتعدوا عن صخب الحياة، هي ليست ملاذ مرضى الضغوط النفسية أو أصحاب الذكريات الأليمة. صباحها رغم برودته، وردي باسم، تتسلل من شرفات منازلها روائح الطعام الريفي، وإبريق الشاي دائم الحكايات لاتهدأ ناره، تتموضع المباني العمرانية فيها وسط مساحة احتضنتها التلال والجبال والبحيرات! كل مافيها جميل، لايزيدها تبديل الفصول سوى بهاءً وحسناً وألقاً.
تنفرد ساحاتها باستقبال زائريها بشيء من التحفظ، تسترسل بحفظ ملامحهم، عليهم الحفاظ على ودها، وعدم الانسياق وراء النواحي الغافية فوق تلالها، إنها تريدهم لها وحدها، بدون حقائب، لتوزع عليهم أدوات التثلج ومعاطف ثقيلة إنها على مشارف جبل يدعى كارتبه، إحدى ضفافها النائية، يخترق فضاءاته العربات الهوائية، يخال للسائح بأنه يتوسد بساط الريح، ذاك الذي قرأ عنه بإحدى أساطير الشتاء، أو ربما حكت له جدته حكاياته قرب مواقد التنور.
ترتسم حوله آفاق بيضاء، يفتش عن قوس المطر فلايلقاه، ويبحث تحته عن موطء قدم فيتعثر بركام ثلجي، مدهش كل ما حوله، ومحزن أن تفوتوا فرصة زيارة صبنجة الخبيرة باستقبال وافديها.
شلالات كوزولوك
إحدى المفاجآت السارة هناك، وعلى ضفة ثانية من حياة هذه البلدة توجد شلالات كوزولوك سبريغز الحرارية، تنشط قلوب محبيها، بمختلف العناصر الطبيعية والمعدنية التي تكتنزها، بعد رحلة استشفاء يمكن قضاء أمتع الأوقات وأجملها في الأكواخ الخشبية، التي يغزل لهيب مواقدها همساتٍ شتائية دافئة. تملأ المكان روائح الأخشاب الطبيعة، بينما تغطي الدروب والمنحدرات الثلوج، التي تلونها مصابيح متعددة الألوان، لا تخمد ولاتنطفئ هي ومواقد الشتاء على اتفاق دائم بإنارة قلوب سائحي البلدة الساحرة
بحيرة ليلكية
وعلى مسافة ليست بالبعيدة عن سكون صبنجة، بحيرة ليلكية الأمسيات، تتساقط حبات المطر فوقها بوداعة رائعة للغاية. تعكس جمال الطبيعة فوق صفحتها الواسعة، كم تغار الإوزات من عيون السائحين، وهي تودع أسرابها لتحتمي من برد تشرين ورطويته، على ضفافها يسترسل الشعراء، ليسطروا أحلى الكلمات بوصف هذه اللوحة الفنية الساحرة، لاشيء يبعث للملل أو الضيق، كل مافي المكان يدعو للسرور والشعور بالاطمئنان.
صبنجة! في الليل برودة ماتعة، تقرب السائحين من مواقد الاستراحات الخشبية، الشاي الساخن، أو بعضاً من الحساء الدافئ، كفيل بمنح الشعور بالراحة، تعود ذاكرة الشعراء إلى بحيرتها الهادئة، التي تحتضن أوراق الخريف البرتقالية فوق مياهها لتشكل أطباقاً ورقية تبحر بشكل دائري وسط البحيرة، يستمتع بوصفها الأدباء الذين يحملون كراريس عشقهم بالطبيعة الساحرة ليبهروا قراءهم بعذب الأوصاف والكلمات.
وعندما تصفح الشمس عن أروقة البلدة، تنسدل أشعتها من خلف الديمات لترسل أشعتها إلى قمم الجبال المثلجة، ومياه البحيرة المتجمدة ليبدأ إبحار الخيال والاسترسال، بذوبان الثلوج بشكل طفيف، يسمح للأقدام بالتنزه او ممارسة هواية التثلج.تبدأ الموسيقى الكلاسيكية ببعثرة سكون الطبيعة، تنبعث من المقاهي أو صالات الفنادق الأنيقة.
تتوزع في مختلف الدروب محلات لبيع مشغولات نسوة هذه البلدة مفارش ومطرزات تجذب هواة المنسوجات اليدوية يمكن لصبية بلحظة تأمل أن تغريها ألوان الخيوط لتطلب تعلم فن الحياكة اليدوية وإتقانها لتذكرها على الدوام بزيارتها لإحدى بلدات الشمال التركي. في صبنجة يمكن النوم بأي لحظة فالهدوء يرسل في النفس طمأنينة بالغة، فيداعب العيون التي قدمت لترصد جمال الطبيعة فيها.أما عن الأحلام فهي دون شك وردية، فيها كل ماشاهده السائح من نهارات صبنجة وبحيرتها والجبل المطل على نواحيها.
add تابِعني remove_red_eye 1,811
لوحة فنية في هيئة مقال حول مدينة صبنجه في الشمال التركي
link https://ziid.net/?p=41672