نعم أنا انطوائية
لا يستمتع الشخص الانطوائي بما يستمتع به الشخص الاجتماعي إنما هو شخص مختلف
add تابِعني remove_red_eye 784
ليس لدي رهاب اجتماعي، لستُ خجولة ولستُ مريضة أيضًا. أمرّ بمواقف عدة يسيء فيها الناس فهمي خاصة عندمَا يتم وصفي بالانطوائية. عندما نعرف أن الكثير من المفكرين والفنانين الذين كانت لهم بصمة في تغيير العالم هم انطوائيون، حينها سنفكر مرة أخرى في تعريف كلمة الانطوائية.
الرئيس الأمريكي ابراهام لينكون الذي ألغى نظام العبودية في الولايات المتحدة الأمريكية، وعالمة الفيزياء والكيمياء ماري كوري التي حصلت على جائزة نوبل مرتين والعالم ألبرت أينشتاين الذي تبنى النظرية النسبية، كل هؤلاء هم أشخاص انطوائيون.
إنها مهمة تتسم بالصعوبة أن أجعل صوتي كانطوائية مسموع في عالم يضج بالأشخاص المنفتحين لكنها بحد ذاتها إنجاز. يتصف أغلب المنفتحين بانعدام الثقة بالانطوائيين ربما يرجع هذا إلى قلة معرفتهم بما يجري داخل هذا الشخص المختلف، كيف يفكر وكيف يتعامل مع الآخرين في المواقف الاجتماعية، لكن هناك عالم آخر داخل الشخص الانطوائي وهذا ما يجعله صعب الفهم ويزيد من صعوبة الوصول إليه.
عندما نتطرق لتعريف الانطوائية، نلاحظ أن أغلب المعاجم والقواميس اختارت معاني غير دقيقة وتتسم بالسطحية نوعًا ما.
فنرى أن الانطوائي يعرف دائمًا بأنه
1- شخص خجول، شخص هادئ يجد صعوبة في التحدث إلى الآخرين.
2- شخص مكتئب ومتحفظ.
3- شخص يواجه صعوبة في التكيف مع المواقف الاجتماعية المختلفة.
كل هذه التعريفات غير صحيحة، وما هي إلا مجرد صور نمطية عارية عن الصحة وأفكار مسبقة توارثتها الأجيال.
كونك خجولًا يعني أنك “تفتقر إلى السهولة والثقة في التعامل مع الآخرين مع الميل للارتباك وفقدان السيطرة عندما تشعر بأنك تحت أنظار الجميع وأنك مراقب”. يمكن أن تنطبق هذه السمة على كل من الشخصيات الانطوائية والمنفتحة وغالبًا ما تعود جذورها إلى الطفولة، في طبيعة الحال يمكن لكل منا أن يكون خجولًا في بعض المواقف الاجتماعية الخاصة، وهذا ليس متعلق بالانطوائي بتاتًا.
كوني انطوائية يعني أن بعض العلاقات والتعاملات الاجتماعية تمتص ما أمتلكه من طاقة، حتى في حال أنني كنتُ أستمتع بها كثيرًا إلا أن المآل ينتهي دومًا إلى استنزافي تمامًا… في كثير من الأحيان أبدو منفتحة عندما أتشارك أطراف الحديث مع الآخرين ولكن نظرًا لأن الأمر يتطلب الكثير من الطاقة فغالبًا ما أختار الأماكن والمناسبات التي أحضرها وأيضًا أنتقي الأشخاص بعناية.
الانطوائيون ليسوا كارهين للبشر، بل على العكس، إنهم يهتمون حقًّا بكل من يحاورهم لهذا يجدون صعوبة في تحمل المحادثات السطحية ويستغلون أي فرصة للانتقال إلى موضوع آخر أكثر أهمية.
ماذا يحدث في دماغ الانطوائي؟
تشرح كريستين فونسيكا في كتابها، الأطفال الهادئون: “ساعد طفلك الانطوائي على النجاح في عالم منفتح “، إن الشخصيات الأكثر انطوائية تستخدم ناقلًا عصبيًّا يسمى أستيل كولين كثيرًا وهو مثل الدوبامين، مرتبط بالمتعة لكنه يعمل بشكل مختلف. يمنحنا هذا المركب شعورًا بالرفاهية عندما نركز على ما بداخلنا ويتيح لنا التفكير بعمق، كما أنه مرتبط بالذاكرة طويلة المدى والتعلم والتركيز الهادئ.
يتأثر الانطوائيون أكثر بالبيئة والتفاعلات الاجتماعية، وتنفد طاقتهم بشكل أسرع بكثير من زملائهم المنفتحين، فهمهم الرئيسي هو إذا كان بإمكانهم تعلم أي شيء في موقف معين أو لا. فإذا لم يكن الأمر كذلك، فسيتركون المكان بسرعة ويسعون إلى إنهاء المحادثة المعنية.
بالنسبة للباحثة والطبيبة النفسية مارتي أولسن لاني، مؤلفة كتاب “انطوائي وسعيد”، فإن الانطوائيين أكثر تأثرًا من المنفتحين للدوبامين. لذلك، هم بحاجة إلى القليل من المحفزات ليصبح التأثير مرتفعًا بشكل سريع، فمع وجود الكثير من الدوبامين، يشعر الانطوائيون بالإثارة المفرطة والحمل الزائد.
تقول مارتي لاني: “بالنسبة للانطوائيين الذين يتمتعون بمستوى عالٍ من النشاط الداخلي، فإن أي شيء من الخارج سيزيد بسرعة من مستوى شدتهم. إنه يشبه إلى حد ما الشعور بالدغدغة – ينتقل الشعور من “لطيف وممتع” إلى “مزعج جدًّا” وغير مريح في جزء من الثانية”.
يظن الكثير من الأشخاص أن الانطوائي خجول لكثرة انعزاله عن العالم الخارجي وقلة انخراطه في المناسبات الاجتماعية، والواقع أنه بعيد عن ذلك الوصف، إنّه يتميز بالشجاعة والوضوح والبعد عن النفاق. صحيح أنه شخص متغير، ومتقلب المزاج في بعض الأحيان اعتمادًا على المكان أو البيئة التي يتواجد بهَا، لكن ذلك يدل على سيطرة شخصيته الداخلية عليه. غالبًا ما يكون ذا شخصية قياديّة، وقادرًا على السيطرة على الآخرين وإقناعهم بالأمور التي يجدها صحيحة ومناسبة.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 784
link https://ziid.net/?p=81687