ما الذي يفوق تطوير الذات أهمية؟
مقال مترجم
add تابِعني remove_red_eye 205
يواجه الكثير من الناس بل ربما معظم الناس حياة مليئة بالكفاح والمعاناة، فحياتك المهنية ليست تلك التي أردت أن تنعم بها، ومظهرك ربما لا يوحي بأنك تمتع بحالة صحية جيدة، فأنت حقًّا تحتاج إلى أن تبدأ باتباع نظام غذائي أفضل، وتبدو علاقتك بشريك حياتك معقدة.
صحيح أن الوعود المذكورة في الكتب المساعدة للذات على الأغلب وعود مبالغ فيها، ويتضح لك أن الخطط التي ترشدك لتصبح ثريًّا في أسرع وقت تأخذ وقت طويلًا ولا يمكنك بها إصلاح جميع مشاكلك في الحياة. ومع ذلك، يمكنك تقليل الكثير من الصعوبات من خلال خطوات واضحة إلى حد ما (ولكن ليست سهلة بالضرورة): حدد الأهداف، وانتهج عادات أفضل، وتعلم المزيد وطبق ما تتعلمه.
لكن لنفترض أنك نجحت في ذلك. وتمكنت من التعامل مع أصعب الأمور في حياتك. حتى لو لم تصل الأمور إلى مرحلة الكمال، فأنت تسير في اتجاه جيد وما تبقى لك هو في الغالب صغائر الأمور. إذن ماذا بعد ذلك؟
الجوع والمعاناة
يبدوا أن الإجابة المنطقية لإصلاح مشاكلك الرئيسية هي أن تعلن انتصارك عليها. فقد انتهيت منها، والغريب هو أن القليل من الناس من يستجيب لمشاكله بطريقة عقلانية. يا لسعادتك عندما تسعى جاهدًا لتحقيق أمر ما، ويا لغرابتك عندما لا تجد له طعمًا وقت حصولك عليه.
إليك تجربة مماثلة لذلك عاشها الجميع منا عند مررنا بتجربة الجوع. عندما تكون جائعًا، كل ما تفكر فيه هو الطعام، كم سيكون الطعام لذيذًا عندما تحصل عليه، لماذا، لماذا، لا يمكنك أن تأكل الآن؟
جميعنا يدرك هذه الظاهرة عندما تتعلق المسألة بالجوع، ولكن إذا كنت لا تنعم بحصانة مالية أو قوام رائع أو علاقة قوية مع شريكك إلا ما ندر في حياتك، فمن السهل أن تصدق أن تجربة هذه الأمور سيكون أمر مختلفًا. لكن بمجرد أن تحصل عليها فلن تشعر بالفرق أبدًا. وغالبًا ستدرك بأن ظهورها في حياتك من باب المفاجأة دون السعي وراءها سيكون له طعم مختلف.
هدم الأشياء لبنائها مرة أخرى من جديد
ومع ذلك، فإن وضعك عندما تكون في تحسين للذات يختلف إلى حد ما عن ما إذا كنت في حالة جوع. لأنه أثناء مواجهتك لصراعات الحياة غالبًا ما يؤدي ذلك إلى شعورك بالألم والحرمان ،و يمكن أن يضيف أيضًا توترًا محفزًا في حياتك. هذا التوتر المحفز ليس دائمًا مقبولًا، لكنه يوفر الأساس ويعمل كموجه لك بالأمور التي تقوم بها. وبمجرد أن تنتهي من الصراعات الرئيسية في حياتك، غالبًا ما يتلاشى التوتر المحفز لك أيضًا، فيمكن أن تكون النتيجة هي أنه على الرغم من أنك لا ترغب في عودة معاناتك فإنك تريد استعادة نفس القوة التنشيطية التي دفعتك إلى تحسين الأمور في المقام الأول.
إحدى الإستراتيجيات التي يستخدمها الناس لاستعادة هذا التوتر هي تدمير الذات. فما عليك إلا أنت تقوم بهدم الأشياء التي اجتهدت في بنائها، حتى تتمكن من إعادة بنائها مرة أخرى، فبعض الناس يخون شريك حياته لأنه يشعر بالملل. والبعض يستقيل من وظيفته فجأة بمجرد استقرار وضعه الوظيفي. فيتضح وجود مشكلة في هذه الإستراتيجية وهي أنها تجعل الأمور تسوء مرة أخرى، صحيح عاد التوتر المحفز، ولكن عادت معه أيضًا كل الصعوبات التي عملت بجد للتغلب عليها.
لكن لحسن الحظ، أعتقد أن معظم الناس ينجحون في تجنب السلوك الذي يدمر الذات بقوة، حتى لو ظهر أن الأفلام والبرامج التلفزيونية تجعل من هذا السلوك أمرًا شائعًا لأغراض درامية.
هدم إنجازاتك السابقة نفسيًّا
أعتقد أن هناك إستراتيجية شائعة يتبعها الكثير من الناس وهي خلق صراعات جديدة نفسيًّا بدلًا من التدمير الفعلي للإنجازات السابقة. وهذه الإستراتيجية الأفضل من سابقتها؛ لأنها لا تتضمن تدمير ما عملت بجد لإنشائه، ولكن لها آثار جانبية تتمثل في خلق نفس حالات الشعور بالحرمان المرتبطة بمعاناتك. ومثال ذلك الشخص الذي يتمتع بجسم لائقٍ بدنيًّا، ولكنه الآن يريد أن يكسب دهونًا إضافية في جسمه بنسبة (6٪) وأن يصبح جسمه مُعضَّل بالكامل، أو مثال الشخص الذي يكسب (200) ألف دولار سنويًّا، لكنه الآن غير راضٍ ويريد أن يكسب ما لا يقل عن مليون دولار سنويًّا، إذن ما كان جيدًا بالنسبة لك في السابق ليس بجيد الآن، وتبدأ المعاناة من جديد.
اسمحوا لي أن أكون واضحًا، الشيء الذي أنتقده هنا ليست العقلية التي تفكر بالتطور المستمر، ولكن صنيع ذلك التحفيز الباعث على التطور وهو خلق حالات شعور بالحرمان جديدة ومتخيلة، يمكن للمرء بالتأكيد السعي وراء أقصى درجات التميز في كثير من النواحي دون أن يقلل ذاتيًّا من جميع إنجازاته السابقة.
هل يمكن أن يكون لديك توتر محفز دون أن تعاني؟
من الواضح أنه في حين أن المعاناة تعد أمرًا سيئًا، إلا أن التوتر المحفز غالبًا ما يعد أمرًا جيدًا. نظرًا لأن معظم تجاربنا التي مررنا بها كان وراءها توترات محفزة أتت نتيجة معاناتنا، فإننا غالبًا ما نعيد خلق هذه المعاناة على الواقع أو في مخيلاتنا لاستعادة هذا الدافع.
أعتقد أن طريقة الخلاص من هذا الفخ تتضمن تغيير في فلسفة الحياة التي تؤمن بها عن نفسك، يجب أن يكون تغيير بعيدًا عن التوتر الناجم عن إصلاح مشاكلك ، إلى أهداف أكثر تجريدية تدرك بوضوح أنها لن تحسن من حياتك.
يختلف الشكل الذي تتخذه هذه الأهداف المجردة اعتمادًا على الشخص الذي تسأله. فتقديم المساعدة شكل بارز على نحو خاص، حيث يندفع المرء لاستبدال معاناته بمعاناة الآخرين في التوتر المحفز الذي يشعر به. التفوق هو شكل آخر، وهو السعي وراء التميز نفسه مع ضرورة رفضك الصريح بأن مثل هذا التميز سيحسن من مشاكلك. الرؤية الإبداعية وهي شكل ثالث؛ إحضار شيء ما موجود فقط في عقلك إلى الواقع، لأنك ببساطة تعتقد أنه يجب أن يكون موجودًا.
أعلم بالطبع أن لا شيء مما ذكرته يعد شيئًا جديدًا، فقد جعل فيكتور فرانكل الحب الهدف الأسمى للإنسان في بحثه عن المعنى. وجعل ستيفن كوفي الخدمة عادته الثامنة، ويشجع كل دين سماوي على أمر يفوق أمر تحسين الذات. ومع ذلك، فإني أعتقد أن الأمر الذي لم يكتشف إلى الآن -إلى حد ما- هو الانتقال من نمط (التغلب على المعاناة، وتحسين الذات) إلى نمط آخر وهو (تقديم المساعدة، والتفوق، والإبداع) باعتباره الشكل السائد لتحفيز التوتر في حياتك.
هل يجب على الجميع تخطي معاناتهم؟
الأمر الذي يجعلني أفكر بأني أختلف عن بعض المؤلفين هو اعتقادي بأن بعض الناس يدركون أن الرؤية الإبداعية أو التفوق أو تقديم المساعدة هي أهداف يتخطى بها المرء ذاته، لذلك كان علينا جميعًا أن نسعى لها منذ البداية.
لكن يبدو أنني لا أوافق على ذلك، لسببين على الأقل وهما:
- حتى لو كان صحيحًا أن امتلاك ما يكفي من المال والأصدقاء والتمتع بجسم لائق بدنيًّا وغيرها من الأمور قد يجلب لك السعادة، إلا أنك قد لا تشعر بهذه السعادة. لا أرى أن وعظ شخص يجد أن حياته مليئة بالمعاناة بأنه يجب عليه أن يهتم أكثر بتقديم المساعدة أو التفوق بحد ذاته أمرًا يساعد بالضرورة.
- قد يوجد لدينا احتياجات نفسية حقيقية نفتقدها. وبالتالي فإن المعاناة تكون حقيقية مثلها مثل الجوع إلا أن العناصر الغذائية المفقودة هنا تكون أكثر تجريدًا، فنظرية تقرير المصير هي تفسير شائع للدوافع البشرية التي تفرض الاحتياجات النفسية الأساسية وهي الاستقلال والكفاءة والحاجة للارتباط بعلاقة، إن الافتقار إلى هذه الحاجات يشبه الافتقار إلى الطعام، وبالتالي فإن المعاناة تعد “حقيقية” بمعنى أنه لا يمكن اعتبارها مشاكل خيالية.
لذلك أعتقد أنه بالنسبة للأشخاص الذين يرون أن حياتهم يوجد بها معاناة كبيرة، فإن التصرف الصحيح الذي يجب عليهم اتباعه هو اللجوء إلى استخدام أدوات تخفف من هذه المعاناة.
فتحسين الذات ليس بالدواء الشافي. وبعض المشاكل لا يمكن إصلاحها. والبعض الآخر يمكن تقليلها، لكنها تعود للظهور من جديد بسبب عوامل خارجة عن إرادتك. وهذه ببساطة حقيقة مؤسفة عن الحياة، وليس لها أي علاقة بعجزك في تحسين ذاتك ككل.
ومع ذلك، فبالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يحالفهم ما يكفي من الحظ لمواجهة مشاكل يمكن التغلب عليها، يمكن أن يصل تحسينهم لذواتهم إلى مرحلة يقللون بها خسائرهم. بحيث تلبي احتياجاتك الأساسية على الصعيد الجسدي والنفسي. وعند هذه المرحلة، قد يزول التوتر المحفز الذي شكل حياتك وقادها، مما يخلق فراغًا تريد بشدة أن تملأه، فمن المنطقي التخطيط لهذا الانتقال حتى لو كنت ترى أن حياتك يوجد بها معاناة في الوقت الحالي.
فالشخص الذي يريد أن يدخر كثيرًا ويتقاعد مبكرًا، ولكن ليس لديه خطة عما ستكون عليه حياته فيما بعد بمجرد وصوله إلى هذا الهدف، سيواجه مفاجأة غير سارة. وقد يتعثر الشخص الذي يرغب في الحصول على جسد لائق بدنيًّا، ولكنه لا يعرف ما الذي سيحفزه على القيام بالتمارين، بين التخلي عنها أو الإفراط فيها بمجرد وصوله إلى هدفه.
انتقالاتي الخاصة
أشعر أنني تخليت عن معاناتي في الكثير من جوانب حياتي منذ فترة طويلة. ولا أعني بقولي هذا أن حياتي مثالية أو خالية من المشاكل. بالتأكيد هناك مشاكل أواجهها مثلي مثل غيري من الناس. لكن الأمر ببساطة هو أنه لا توجد لدي مشاكل كبيرة وواضحة أحتاج إلى إيجاد حل لها من شأنها أن تجعل حياتي تتغير للأفضل.
لم أستطع التخلي عن معاناتي في الحياة دفعة واحدة أو في جميع جوانب حياتي في نفس الوقت بالضبط، على سبيل المثال: أشعر أنني استطعت التخلي عن معاناتي في الجانب التجاري / الوظيفي من حياتي قبل جانب علاقتي بشريك الحياة.
وبالمثل، فإن حياة المرء ليست ثابتة أبدًا، حيث تظهر مشاكل جديدة تلقائيًّا لم تكن موجودة من قبل. فعندما انتقلت في عملي من العمل الفردي إلى العمل مع الفريق، زادت معاناتي كثيرًا بسبب ذلك الانتقال. حيث لم أعد أمتلك كامل الحرية، وأيضا هناك مشاكل الخادم التي تتطلب مني إجراء مكالمات طلبًا للدعم الفني في الساعة (2) صباحًا، وكذلك الحاجة إلى فصل بعض الموظفين، فتجاوز المعاناة ليس انتقالًا دائمًا. فالحياة تجد دائمًا طرقًا لإدخال تحديات جديدة في حياتنا.
ومع ذلك، وعمومًا، فالتوترات المحفزة التي دفعتني إلى “إصلاح” جوانب من حياتي عندما كنت في أوائل العشرينات من عمري قد ولّت. ومنذ ذلك الحين، كنت أعتمد كثيرًا على تقديم المساعدة والتفوق والإبداع كمصادر جديدة للتحفيز.
كيف تعرف أنك تخطيت معاناتك؟
من الناحية النظرية، يجب أن يكون هذا أمرًا سهلًا، فالمعاناة هي أكثر الأشياء وضوحًا في حياتنا، لذلك يجب أن ندرك متى ترحل عنا. ومع ذلك، فإن الدوافع للتراجع عن نجاحاتنا السابقة (نفسيًّا أو فعليًّا) قد تعني استمرار بقاء المعاناة في أذهاننا لفترة أطول مما هي عليه في الواقع. بالإضافة إلى ذلك، هناك دائمًا خط أساس للصعوبات التي لا يمكن التغلب عليها حقًّا، أن تكون بلا معاناة لا يعني أن لا تمر بأيام سيئة أو حالات طوارئ أو حالات فشل، بل يعني أنك تدرك أنه لا يوجد الكثير من الأمور (الكبيرة) التي يمكنك القيام بها والتي بها ستزيل ما تبقى لك من صعوبات.
هذي النقطة الأخيرة التي ذكرتها هي أيضًا أمر يتعلق بالشخص نفسه. فقد لا أستمتع بإحساس الضيق الذي ينتابني وأنا على متن الطائرة، لكنني أعتبر ذلك حقيقة مألوفة عن الطيران. ولكن على النقيض مني فقد يعتبر شخص آخر هذا الأمر، علامة على أنه يجب عليه كسب المزيد من المال حتى يتمكن دائمًا من السفر على الدرجة الأولى. وبالتالي هناك دائمًا تقييم ضمني لأنواع المعاناة التي يجب التغلب عليها وأيها مجرد جزء من الحياة.
ومع ذلك، أعتقد أن المؤشر الرئيسي الذي يدل على أنك على وشك الانتقال في تفكيرك هو شعورك بالملل في الغالب. فقد قل التوتر المحفز الذي وجه حياتك ولم تعد قادرًا على إيجاد أمور كبيرة تثير حماسك وترغب ببذل جهود لتحقيقها. وقد يبدو هذا مفزعا بالنسبة لك في الوقت الحالي –مثل سفينة تائهة في المحيط– لكنني أقول لك هذه أخبار جيدة في الواقع. فهذا يعني أنك على استعداد لبدء التفكير في الخطوة الأبعد.
إليك أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 205
link https://ziid.net/?p=76202