نمطية الحب التي تقتلنا
محاولة لإعادة فهم العالم حتي لا يرهقنا ودون أن يجعلنا قساة متحجرين القلب. لننخرط في الحب دون خوف.
add تابِعني remove_red_eye 11,914
منذ عدة أسابيع انتشر “ترند” للمغني المصري “تامر حسني” وهو يتهم زوجته المغربية “بسمة بوسيل” بالتقصير وقلة العقل بعدما أخبرت متابعيها على السوشيال ميديا بأنها على وشك الانفصال عنه بسبب أفعاله التي تحتسبها مشينة، ثم يختم حديثه بـ (بحبك يا متهورة)، لتشتعل بعدها مواقع التواصل الاجتماعي تأييدًا ورفضًا لما قاله المغني المصري، ورصد حديثه وتحليله من جوانب متعددة.
فالأمر ليس متعلق فقط بتامر وزوجته ولكن قالب الحب الذي يصوره، ليهرع الشباب دون وعي لتنفيذه. فالسؤال هنا، هل نحن حقا نحب! أم أننا نبحث عن الحب في شكله النمطي الذي سيهب لنا التعاسة بأشكالها المتعددة
الحب النمطي
“ليتنا أنا وأنت جئنا العالم قبل اختراع التلفزيون والسينما لنعرف هل هذا حب حقًّا أم أننا نتقمص ما نراه”. جملة للكاتب المصري “أحمد خالد توفيق” -رحمة الله عليه- في كتابه قصاصات قابلة للحرق.
فهل ما نرغب فيه هو مجرد رغبة في التقليد وبحث مضنٍّ لإيجاد رفيق يمثل الدور كما نراه ونرغب، فمثلًا عندما تشاهد فتاة مسلسلًا ما، من الممكن أن تعجب بذلك الممثل الجذاب العصبي الذي يحبه وزوجته أو حبيبته التي تدفعه للجنون طوال المسلسل، وفي كل مرة يضرب الحائط بيديه القوية بدل ضرب فتاته، ثم يحتضنها بأسى، ليخبرها أن تتوقف عن التصرف بحمق.
ومن هنا تقع فتاتنا الجميلة في الفخ، فمن الممكن أن ترفض عشرات الرجال اللطفاء والذين سوف يقدرونها حق تقدريها لتنجذب الي ذلك الأخرق العصبي الذي يحول حياتها لجحيم بعد مدة قصيرة. أو أننا نرغب في ذلك الشاب المثير الخائن زير النساء، أو الآخر الذي يعامل من حوله بدونية مفرطة ومنغمس في ذاته النرجسية بشكل فجّ، ونقول لأنفسنا إننا نستطيع إصلاحه وجعله شخصًا لطيفًا وودودًا كما فعلت بطلة ذلك المسلسل. لنجد الحقيقة أمامنا ذات صباح بأن هذا الشخص قد دمّر حياتنا التي كان من الممكن أن تختلف لو لم نختره ليكون شريكنا.
لماذا ننجذب إلى الشخص الخطأ
يقول الكاتب والفيلسوف البريطاني “ألان دي بوتون”:
إننا لا نعرف أنفسنا بالشكل الكافي الذي يجعل التواصل مع الآخرين أكثر سلاسة ومرونة، وليس هذا فقط فنحن ننجذب للشخص الخطأ مرة تلو الأخرى ليس بحثا عن السعادة وإنما لنعيش تعاسة مألوفة، ودون أن ندري نرتبط بالشخص الخطأ الذي سنعيش معه نفس الحزن الذي خضناه، فمثلا قد تنجذب لشخص يعاملك بشكل سيئ وتكمل معه علاقتك حتى الزواج، هذا مؤشر على مشكلة أنه تمّ معاملتك بشكل سيئ في طفولتك أو مراهقتك جعلتك تتقبل معاملته السيئة لك، أما لو مع شخص آخر يعاملك بلطف وتهذب غالبًا ستظنه مملًّا وتتركه.
الأمر أشبه بأنك تقطع مسيرة طويلة من الحزن والألم، وتتصور أنها ستنتهي بمجرد أن تبدأ علاقتك مع شريكك، لتكتشف أنها مسيرة جديدة من نفس المعاناة القديمة. ولكن قبل أن تتوقف عن الانجذاب للشخص الخطأ، اعرف أولًا مَن هو الشخص السيئ.
الشخص الذي لا يجب الارتباط به
هناك بعض العيوب التي قد توجد في الشريك المستقبلي أو شريكنا الحالي والتي يمكن التعامل معها، أو التحدث بخصوصها، عن كيف تزعجنا ومحاولة معالجتها، ولكن هناك بعض العلامات الأخرى بمجرد حدوثها نعلم وقتها أن هناك مشكلة حقيقة من المحتمل أن تتطور لتشكل عائقًا أمام علاقتنا.
الحط من قدرك: إذا كان شريكك يصرخ بك طوال الوقت، يعاملك كأنك طفل لا تفقه شيئًا، وأنك الأحمق والأغبى وهو الشخص الذكي الذي يعرف كل شيء فهذا حتما ليس إشارة جيدة. أن يحط أحدهم من قدرك ليس بالأمر الهين، فنحن نحتاج شركاء يؤمنون بنا، نتطور ونتعلم عن أنفسنا وعن العالم معهم، أن يكون وجودنا معهم يسمح لنا أن ننمو ونزدهر بحرية.
يعنفك: للعنف أشكال كثيرة، مثل الاستغلال المباشر وغير المباشر لأغراض متعلقة به، أن يسبك، أو يهينك، ينتهك مساحتك الخاصة، يفرض عليك أعمالًا لا ترغب بالقيام بها، وأخيرًا أن يضربك، كلها أشكال للعنف قد يمارسها شريكك عليك وأنت تتقبلها وتصمت.
اللوم دائمًا عليك: إذا كان شريكك لا يعترف بخطئه ودائمًا يحملك مسئولية أخطائك وأخطائه، فهذا مؤشر بأن التعاسة قادمة لا محل لتفتك بحياتك.
أن تكون دائمًا خائف: الحب والخوف لا يجتمعان في قلبٍ واحد.
أن تحب هو أن تطمئن، ولكن عندما تصبح العلاقة مع شريكك وكأنك تمشي على قشر بيض، أي تخاف قبل أن تتلفظ ببعض الكلمات أو أن تقدم على بعض الأفعال حتى لا تثور ثائرته، فهذا قطعًا مؤشر بأنك في علاقة غير صحية. كل منا يستحق أن يحب دون خوف، ولكن قبل الحب، يجب أن نتعرف على أنفسنا حتى لا يتأذى أحد وبما فيهم نحن.
إليك أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 11,914
مقال مثير عن الحب والوقوع في فخ النمطية
link https://ziid.net/?p=77970