شيء من “الإجابة”… لماذا الكهف بالتحديد؟!
حولت نظرتي من يائسة لا مبالية إلى تأملية تدبرية. وهذه أول خطوة لتخلق علاقة مميزة بينك وبين القرآن عمومًا وسورة الكهف خصوصًا
add تابِعني remove_red_eye 853
لا أعتبر من الذين يواظبون على قراءتها لكنني حتما من الذين يتساءلون_كلما مر عليهم تذكير بضرورة قراءة الكهف يوم الجمعة_لماذا هي بالتحديد؟ من بداية السورة لنهايتها أحاول أن أفهم ما المميز في هذه القصص، الشخصيات، وحتى المفاهيم العامة التي تعرضها السورة. لا أعدكم بإجابة في هذا المقال، ليست لدي إجابة. بل هو تحاور وتساؤل وتأملات قد تقودني وإياكم لشيء من“ الإجابة”.
لا أريد هنا أن أعدد تفاسير السورة أو معانيها الباطنة والظاهرة بل المقال هو تأمل لما يشكل العلاقة مع الكهف ومواجهة للصورة النمطية السطحية التي جعلتنا نأخذ من نور الكهف ما قل. المقال دافعه طموحٌ للمزيد والمزيد من نورها.
استمر تساؤلي
قال لي أحد أساتذتي إن التساؤل عن البدهيات يفتح أبوابًا جديدة للعلم. وأضيف، عندما نكسر اعتيادنا ونندهش بما صنفناه سابقاً بمسلم به أو “معتاد”، يظهر لنا الكون أسرارًا عظيمة خلف ما اعتبرناه “عاديًّا” قراءة سورة الكهف قد تصنف تحت بند ما اعتدنا عليه ثم واستسلمنا له كنمط يتكرر ببلاهة، يأتي دور السؤال ليفتح سبلا جديدة، ينعش فضولنا فتبدأ سلسلة من التحديات الممتعة، بظهور الإجابات، نكتشف ذواتنا بعمق، ونتدفق بسلاسة مع سنن الله في كونه، عندها تتجلى الحكم -إن شاء الله-…
سورة عادية
أتى يوم الجمعة، موعد بيني وبين الكهف! أحمل هم التفاعل مع هذه السورة المليئة بالقصص، لا أستطيع أن أبصر خلاف ذلك. أصنفها بين وبين نفسي بأنها سورة “عادية” ما المدهش فيها؟ فيستفزني “السؤال” لو كانت عادية لم أصبحت نورًا يحيط بمن يقرؤها؟ ولم ارتبطت بيوم كالجمعة؟ فعل السؤال فعلته، تحولت نظرتي من يائسة لامبالية إلى تأملية تدبرية. وهذه أول خطوة لتخلق علاقة مميزة بينك وبين القرآن عموما والكهف خصوصًا أن تؤمن أن هناك حكمة، وتبحث عنها كضالتك!
هكذا يصبح النص طائعًا
تروّض النص، عندما تتواضع له وتترك له زمام القيادة، تدعه ليسمو بك. تتأمل انفعالاته، هدوءه وغضبه، عندما تتعامل معه ككيان حي يرافقك وترافقه. هكذا تعاملت مع سورة الكهف تركت لها الوجهة والرحلة وأصبحت أسايسها وأتنعم بما تجود به علي من حكم الله في كل آية. في هذه المرحلة تتلمس شيئاً من النور الذي وعدت به. فقط أصفو لها واتركها بحريةٍ لتحاورك.
يصمت العقل مذهولا وينبض القلب مندهشا، فيبدأ الحديث بينك وبينها سلسًا متزنًا ويتفق إيقاعك مع إيقاع السورة، عالم جديد رؤية جديدة صفاء ووضوح تكاد تجزم أن كيانك يتجدد مع كل حرف، تتساءل مندهشًا، هل كشفت لي الستار عن عالمها؟! تغلق المصحف وأنت في شوق لموعد جديد وكلك ثقة أن ما رأيته هذه الجمعة لن يتكرر في التالية، فيبدو لك أن لتكرارها حكمة! السورة هي ذات السورة لكنك لست أنت كل مرة!!
ماذا يعني لك الكهف؟
الغالب أن كلمة كهف تقدح في أذهاننا صورا للآتي: ظلام، عتمة، وحدة، انعزال، رطوبة/ حر، وقد نتخوف من وجود حشرات، أفاع وغيرها. مجموع هذا أن هنالك شيئًا مجهولًا، خوف وترقب، ما رأيك أن تبحث عن صور لكهوف عبر الإنترنت وتدون ما تشعر به بكلمات مفردة؟ هكذا تستطيع أن تعرف المشاعر المرتبطة لديك بكلمة كهف.
حسنًا، بالرجوع لكلمة كهف في السورة، نجد أنها في سياق السورة تعبر عن مكان مفصلي في قصة الفتية، الكهف: ملاذ، استعانة، أمل، سؤال، دعاء، هداية، تهيئة، مأوى، رغبة، اعتزال، صبر…إلخ. الكهف الذي دخلوه قد يكون مثله مثل أي كهف مخيف ومظلم المصير فيه مجهول، لكنهم اعتزلوا فيه رغبة في الله وبحثًا عن رحمة الله وموجة للهداية والتثبيت، ما جعل من الكهف مرحلة لا بد منها بل ونُقش في أذهاننا تصور جديد لمكان كالكهف، ليرتبط بمفاهيم كالعزلة واللجوء لله وطلب الإرشاد.
أصحاب الكهف وضبط المصنع
هذا من ضمن ما تفعله سورة الكهف، إنها تعيد صياغة ما اعتدنا عليه وتجدد تصوراتنا وتعيد توجيهها للواحد الأحد. كأنها السورة المسؤولة عن إعادة ضبط المسلم! فكل قصة وحدث، كل مكان وشخصية في كل آياتها ال 110 هي نقاط متصلة بدقة تؤثر في قارئها إن وعى ذلك أو لم يعه! التزامنا بقراءتها ليس استجابة ساذجة لمنبه الساعة كذا من يوم الجمعة. إن تكن من أصحاب الكهف يعني أن تلتزم بإعادة ضبطك وتوجيهك لله وحده وأن تفلتر كل المفاهيم المغلوطة التي صاحبتك طيلة الأسبوع.
الحكم أكثر من أن تحصى ويبدو أن سؤالاً مثل: لماذا الكهف بالتحديد؟ لا يزال يحمل مفاجآت.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 853
تأمل ملهم في سورة الكهف
link https://ziid.net/?p=102875