إشارات نفسية قد تخبرك أنك مُحبط.. احذر

بعد المحاولة الأخرى من الفشل لن تسلم منك، سينهشك الألم حتى يحرق كل إشارات النور التي لا زلت تتمسك بها، ليس يأسًا بقدر ما هو تساؤل يكرر نفسه بعد كل محاولة جديدة دون نتيجة: لِم أنا؟ فيخيل لك أن الجميع وصل دونك، وأن جميع النجاحات تستثنيك، وأنك كَلٌّ وفاشل مهما حاولت.

القليل من الإحباط قد يكون ضروريًّا لكون طبيعة الإنسان ليست خارقة وليست قابلة لإعادة الحماس والشغف بصورة متواصلة دون توقف. لكن أن يتحول الإحباط إلى صورة كئيبة تعدم كل شغفك وتجعلك في دوامة اكتئاب رهيبة فهنا المشكلة أضحت واضحة وتدخل الإرشاد الطبي والنفسي أمر بالغ الأهمية. كلما قرأنا وتأملنا في واقعنا أكثر سنجد أن للإحباط إشارات مشتركة، معرفتها مهمة حتى يتسنى لنا فهم المشكلة ومعالجتها قبل أن تتفاقم.

يشعر الشخص المحبط برغبة ملحة في الاستسلام، يرمي كل ما هو تحت يديه ليصبح فارغاً. يلازمه شعور عدم الرغبة في البقاء حيث هو الآن، وترك موقعه الحالي والمغادرة، ويبدأ بتجميع الوساوس المختلفة بأنه لا يستحق هذا النجاح أو الظفر بمثل هذه النتيجة، تجده يغادر مسرعًا خشية خيبةً أخرى، دون أدنى تفكير بإعادة المحاولة أو محاولة فهم لماذا أخفق مجدداً، وكيف باستطاعته إصلاح الأمر.

لا يشعر المحبط بحبه لنفسه، ولا يبادلها أي شعور إيجابي لرفع معنوياتها، بل يجحف على نفسه بالتفوه بكلمات بائسة وتحطيم قدراته بكلمات جارحة دون رحمة. إزاء ذلك لن يجد المحبط في نفسه أي سبب لحبها وكسب ثقته بنفسه مجددًا، بل على العكس يصبح ضعيف الشخصية، هزيل الملامح، ولا يزيده ذلك إلا كرهًا لنفسه وتفتيت ثقته حتى تتلاشى. قد يستغرق ذلك وقتاً طويلاً للعودة مجددًا وحينها على الشخص أن يتفهم أنه بحاجة إلى وجود مساعدة وتدخل سريع لإخراجه من ذلك الوحل..

من الطبيعي جدًّا أن نحزن بعد خيباتنا، لكن ما يحدث في ساعة الإحباط المستمر أن الحزن أيضاً لا يجد مخرجاً بل ويتربص بصاحبه طيلة الوقت، مما يقود إلى ما هو أسوأ. القلق أيضًا له نصيبه في هذه اللحظة، مما سيقود إلى حركات جسمانية غريبة وجديدة تطرأ فجأة دون توقف.

نتيجة القلق المستمر والخوف من البقاء في قعر فشلك لفترة طويلة، تبدأ هذه التطورات النفسية تبرز بوضوح وتبلور نفسها في حركات جسدية كالاهتزاز والنقر المستمر بالأصابع، والتنهد المستمر. وهذا ما سيشكل خطراً إن استمرت هذه الحالة النفسية مدة زمنية أطول.

ينعكس كل شيء سلبا على النوم، سواء بفقدان القدرة على النوم أو على عكس ذلك النوم المستمر ولفترات غير طبيعية هربا من الواقع.

قد يلاحظ بدء هذا الشخص في الإساءة لنفسه بطرق كثيرة، كالامتناع عن الأكل، أو ترديد الكلمات السلبية على الدوام، والكثير من الأعمال التي يسعون جاهدين لأن يسيئوا بها إلى أنفسهم. ذلك يعود إلى شدة الكره والحقد الدفين لأنفسهم وإيمان البعض أنهم يستحقون هذا الحضيض.

برأيك ما الذي قد يقود إليه كل هذا؟ شخص محبط وغير منتج ولا يملك أدنى رغبة في المحاولة أتظنه سيظل قصراً على هذه التأثيرات السلبية الطارئة على حياته؟ بالطبع شعور الرغبة في البحث عن مخرج طوارئ سيأخذ مجراه بشكلٍ جنوني وهو ما سيقوده إلى إحدى المخاطر الجديدة إما عالم المخدرات أو أن يبحث عن الموت بكلتا يديه ليزهق روحه دون ذنب.

إن الإحباط يا عزيزي القارئ وحشٌ ضخم لا تدعه يتسلل إلى حياتك ويمكث فيك لفترات طويلة، حاول جاهداً البقاء يقظاً ومدركاً بأن فشلك هذا لا يعني أنك سيئ أو لا تستحق بل إن الله لديه أشياء عظيمة وأجمل مما فقدت، لا زال يخبئها لك إلى وقتها المناسب. اعمل كثيرًا، واسع جاهدًا جرب طرقًا مختلفة، وإن لم يحالفك الحظ في مجال ما بعينه فالحياة مليئة بغيره من المجالات. كن محاربًا ما حييت!