نظرية الذكاءات المتعددة: كيف تعرف نوع ذكاءك بخطوة واحدة؟
هناك أشكال متعددة للذكاء، يجب أن يكون الآباء على دراية بها، حتى يفهموا أبناءهم، ويدعموا مواهبهم بشكٍل صحيح.
add تابِعني remove_red_eye 321
- هل عانيت في صِغرك يومًا من وصفك بأنك غير ذكي لعدم تفوقك في مادة الرياضيات؛ باعتبارها مرتبطة بأشهر أنواع الذكاء وهو الذكاء المنطقي؟
- هل تمت مقارنتك من قبل بأحد زملائك في المدرسة، أو بأحد أقاربك ووُبِخت لأنك لم تصبح مثله؟
لا تخجل إن كانت إجابتك بنعم على أي من الأسئلة السابقة عزيزي القارئ؛ فأنت لست وحدك!
تَصدر كثيرًا تلك التعليقات من الآباء والأمهات، و الأقارب، و المعلمين في المدرسة، مما يضرّ كثيرًا بشخصية الطفل، وينزع عنه ثقته بنفسه؛ بل ويجعلنا أيضًا نغْفل عن مواطن التميّز فيه، وبالتالي لا تظهر، أو لا تلْقَ العناية الكافية.
إن الاختلاف والتنوّع في القدرات والميول؛ هما السمة الأساسية التي تميزنا كبشر، فلماذا يُصرّ البعض على حصر وتضييق مفهوم النجاح في أشكال ومجالات محدودة؟ ومن أجل هذا؛ سنُلقي الضوء اليوم على واحدة من أكثر النظريات العلمية رواجًا، والتي تهدِم هذا المعتقد، وتوسّع مفهومنا عن أنواع الذكاء، الذي ضيّقه البعض.
“هاوارد جاردنر” هو أستاذ الإدراك والتعليم للدراسات العليا بجامعة هارفارد، وصاحب نظرية “الذكاءات المتعددة” والتي توضح أن للذكاء أصناف عدّة أكثر من تلك التي تعارف الناس عليها. كما يرى أن اختبارات الذكاء تقيس فقط الذكاء المنطقي، واللغوي، وأحيانًا الذكاء المكاني، في حين أن هناك العديد من أنواع الذكاء الأخرى لا تؤخذ بالاعتبار في هذه الاختبارات. ويرى أيضًا أن طرق التدريس، والأنشطة التي يقوم بها الطلاب لابد أن تختلف وفقًا لنوع ذكاء كل طالب.
وإليك عزيزي القارئ نبذة مختصرة عن أصناف الذكاء الثمانية من وجهة نظر هاوارد جاردنر، عسى أن تساعدك الأسطر القادمة في فهٍم أعمق لنفسك ولقدراتك.
1- الذكاء التفاعلي
ويَسهل تمييز أصحاب هذا النوع من الذكاء بسهولة، فهم دائمًا ما يلفتون الانتباه في الأماكن التي يتواجدوا فيها بمهارتهم العالية في التواصل مع الآخرين، والحصول على تقبلهم، ومحبتهم، وثقتهم. يمكنهم التعامل مع مُختلف أنواع الشخصيات، وإقامة الصداقات بسهولة. حديثهم ممتع، وحضورهم مميز في أية مناسبة.
ومن أبرز الشخصيات الشهيرة بهذا الذكاء؛ الإعلامية أوبرا وينفري، التي وظفت مهارتها بشكل ذكي، فأصبحت من أكثر الشخصيات تأثيرًا وثراءً في الولايات المتحدة. ويُنصح أصحاب هذا النوع من الذكاء باستغلال موهبتهم في مجالات كثيرة مثل: العلاقات العامة، والطب النفسي، والسياسة، والبيع، والإدارة، والإعلام..إلخ.
2- الذكاء البصري-المكاني
ويتميز الأذكياء بصريًا بقدرتهم على تخيّل الأشياء جيدًا، وتكوين الصور، وملاحظة أدق التفاصيل فيها، وتذكّرها، وتخيّلها معكوسة. ومن أفضل الأمثلة التي يمكن أن نستحضرها عند ذكر الذكاء البصري؛ الرسام، والنحات، والمهندس المعماري ليوناردو دافنشي. أما بالنسبة إلى الوظائف التي تناسب هذه الفئة فمنها: تصميم الصور، وتصميم الديكور، وتصميم الأزياء، والتصوير الفوتوغرافي، والهندسة المعمارية وإخراج الأفلام، والطيران..إلخ.
3- الذكاء البدني-الحركي
يُعرَف أصحاب هذا النوع بالنشاط البدني العالي، وحبهم للرياضة، وهم يتعلمون جيدًا من خلال الحركة والتجربة. ويُعد لاعبو كرة القدم المتفوقون من أصحاب هذا الذكاء، مثل: كريستيانو رونالدو. ويمكنهم النبوغ في العديد من المجالات مثل: الرياضة بأنواعها، والمِهن التمثيلية، والزراعة، والميكانيكا، والنجارة، وأعمال مكافحة النيران..إلخ.
4- الذكاء الموسيقي
تمتلك هذه الفئة أذنًا موسيقية ماهرة، لذا فهم يعشقون الموسيقى، ويحبون استخدام الإيقاعات الموسيقية في التعلّم. ومن أشهر الأذكياء الموسيقيين؛ المُلحّن، وعازف البيانو بيتهوفن. وبالتأكيد تناسبهم كافّة المهن التي تتعلق بالموسيقى مثل: الغناء والعزف، والتأليف..إلخ.
5- ذكاء فهم الذات
ويتمتع هؤلاء ببَصيرة عالية بدواخل أنفسهم، وبما يعتمل في أعماقهم، لذا تجدهم مُدركين جيدًا لأهدافهم، ولرسالتهم في الحياة. كما أن لديهم حدس قوي غالبًا ما يصيب، ويفضلون الانطواء والعزلة، والاعتماد على أنفسهم. والواقع حافل بالكثير من الشخصيات التي تفوقت بفضل هذه الموهبة، ومنهم؛ الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه. ويمكن استغلال هذه الهبة في التفوق في العديد من المجالات مثل: الكتابة، وريادة العمال، والتأريخ، والاختراع، والطب النفسي، والفلسفة..إلخ.
6- الذكاء المتعلق بالطبيعة
توجد علاقة خاصة بين أصحاب هذا النوع وبين الطبيعة، يعشقونها بكل مظاهرها؛ تجدهم مهتمين بزراعة النباتات، والاهتمام بحدائقهم، وتربية الحيوانات، وإقامة المخيمات وسط سحر الطبيعة، واكتشاف البيئة من حولهم.
ومن الشخصيات الشهيرة التي تميّزت بهذا الذكاء: الفنان جون جيمس أدوبون مؤلف كتاب “طيور أمريكا”، الذي لاحظ شغفه بالطيور ومراقبته لها، فقرر أن يخرج لفترات طويلة في الصحراء ليصطاد الطيور فيرسمها ويدرسها، إلى أن ألّف كتابه الشهير “طيور أمريكا”؛ والذي احتوى على أكثر من 1000 رسمة للطيور. وتُنصح هذه الفئة من الأذكياء باستغلال موهبتهم في مجالات عدّة مثل: علم النبات، والبيولوجيا، وعلم الحيوان، والزراعة..إلخ.
7- الذكاء اللغوي
يتمتع الأذكياء لغويًا بمهارة عالية في استخدام الكلمات، فتجدهم يعبّرون عن أنفسهم بفصاحة سواء كان ذلك شفاهًة أو كتابًة. ويحبون القراءة والكتابة، والشعر، ويبرَعون بشدة في النقاش، وإجراء الحوارات والمناظرات.
ومن المشاهير الذين حققوا نجاحًا طاغيًا باستخدام هذا الذكاء؛ الشاعر، ومؤلف المسرحيات، والممثل ويليام شكسبير، والذي خلّف إنتاجًا أدبيًا غزيرًا مازال يتهافت عليه القراء حتى الآن، ومن أشهر أعماله مسرحية “هاملت” ومسرحية “روميو وجوليت”. وتوجد الكثير من المجالات التي تناسب المتفوقين لغويًا مثل: الصحافة، والمحاماة، والتدريس، والتأليف، والإعلام..إلخ.
8- الذكاء الرياضي-المنطقي
يتميز أصحاب الذكاء المنطقي بالتفوق الملحوظ في إجراء العمليات الحسابية، والتفكير المنطقي، وتحليل القضايا وحل المشكلات، ويستمتعون بإجراء التجارب العلمية. ومن أشهر الشخصيات في هذا المضمار؛ عالم الفيزياء الغنيّ عن الذكر؛ ألبرت أينشتاين؛ الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء، وصاحب نظرية “النسبية”. وتتنوع التخصصات التي تحتاج إلى الذكاء المنطقي؛ كبرمجة الحاسب الآلي، والهندسة، والمحاسبة، والرياضيات، والكيمياء، والفلك؛ والاقتصاد..إلخ.
كل هذه الألوان من الذكاء ونحن لا ندري بعد ما الذي يخبئه لنا العلم فيما يتعلق بعقل وقدرات الانسان. ولكن المؤكد هو أننا سنظل نشكر الخالق جل شأنه على خلق هذا التنوّع البديع في المواهب، والذي يضمن أن يبقى كل منا في احتياج للآخر. وهو الدرس الذي يجب أن يكون الآباء، والمعلمون على دراية كافية به، حتى يتمكنوا من اكتشاف قدرات أطفالهم في سن مبكرة، وتوجيههم إلى الاتجاه الصحيح، ومن ثم تحقيق التوظيف الأمثل لكل موهبة.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 321
تعرف على أشكال الذكاء المتعددة والمختلفة في هذا المقال
link https://ziid.net/?p=71447