كيف انتصرت (ماري بوتنام جيكوبي) للنساء المحرومات من دخول الجامعة!
على مرّ العصور حرمت النساء من حقوقهن في التعلم، للدرجة التي جعلتهم يوظفون العلم لحرمانها من التعلم، وقد حاربن من أجل أخذ حقهن.
add تابِعني remove_red_eye 62,056
في التاريخ، حددت القيم الذكورية العلمَ، فمن أرسطو الذي رأى أنه لا يوجد ما يسمى بأنثى فهو يرى أن الأنثى ذكر شائه (مشوّه) إلى تلك القيم التي استبعدت النساء، وفي أمثلة للاستبعاد الصريح للنساء أو الحطّ من شأنهن أو لحرمانهن من حقوقهن مثال علماء الكرانيولوجي، وهو العلم المنوط بقياس الجمجمة والمخ، وقد كان هذا العلم مبحثًا هامًّا خلال القرن التاسع عشر، حيث أجريت الكثير من الأبحاث على المخ والقدرات الذهنية، ورأي العلماء في ذلك المجال أن الذكاء يرتبط ارتباطًا مباشرًا بحجم المخ، هنا كانت الحجة فحجم جماجم النساء في المعدل العام أصغر من حجم جماجم الذكور، واستنتج من ذلك علماء الكرانيولوجي أن النساء أدنى في الذكاء من الرجال، وبالتالي أقل قدرة على التفكير فأخبر العلماء المرأة أن المناشط العقلية عبء كبير على أجهزتهن العصبية الحساسة وتقلل من معدل خصوبتهن.
في سبعينيات القرن التاسع عشر كان هناك إجماع على تعليم الفتيان إلى ما هو أبعد من القراءة والكتابة، أما بالنسبة للفتيات فقد كان النقاش وظل مستمرًا -على الرغم من وجود مدارس نهائية للفتيات ومدارس اقتصاد منزلي- إلا أن العلوم والرياضيات كانت أحلامًا بعيدة، حاولت “إيما ويلارد” أن تناضل في ذلك الاتجاه فافتتحت مدرسة للبنات في تروي، وافتتحت “كاثرين بيتشر” مدرسة للبنات في هارتفورد. أدى التعليم العالي إلى زيادة الطلب على المساواة في مجالات أخرى، وهو ما لم يكن ليرضي الأفكار المجتمعية السائدة آنذاك.
فرصة عادلة للفتيات!
كان إدوارد هاموند كلارك طبيبًا ومدربًا في جامعة هارفرد، كما أن وضعه كان جيدًا في مجتمع بوسطن، ولد في عام (1820م) حصل على شهادته في جامعة هارفرد (1841م) دعاه نادي نيوإنجلند للنساء -وهي منظمة من نساء بوسطن التقدميات- ليلقي خطابًا واختار لموضوع خطابه (التعليم المناسب للفتيات) كان حديثه يدور حول أن تعليم الفتيات محفوف بالمخاطر، حيث يؤثر نموهم العقلي على المبيضَيْن، كما أشار إلى أن الموضة والغذاء وكل تلك الأشياء التي تتعلق بالأنوثة مثل ارتداء النساء للكورسيهات والأنظمة الغذائية تؤثر عليهن لكن الأكثر ضررًا هو التعليم .
فقد أوضح أن عمل المعدة وعمل المخ يتداخلان؛ لذلك فإن إرهاق النساء بالعمليات العقلية يؤثر على نموهم وأن الذكور هم الأقدر على تلك العملية، حيث إنه يمكنهم التعلم كما يتحملون قسوة الممارسات المصاحبة للتعلم لكن الفتيات لن يتحملن ذلك الأمر، دعّم تلك النظرية أنه حين كان في رحلته إلى كندا كان محاطًا بالرجال والنساء أصحاء وسعداء، والسبب أنه ليس لديهم مدارس عامة. ثم نشر نظرياته تلك في كتاب أسماه (الجنس في التعليم أو فرصة عادلة للفتيات) وفي كتابه أضاف بحثًا من أوروبا يزعم فيه أن الفتيات ازدهرن حينما تركن الدراسة وهن مراهقات، انتشر الكتاب حينها انتشارًا كبيرًا وظل مُؤثِّرًا (17) عامًا، وصف كلارك في خطابه الطالبات بأنهن
“مجموعة شاحبة الوجوه، أنثوية فاقدة للحيوية توحي بأنها مصابة بأمراض السل وداء الخنازير وفقر الدم والألم العصبي”.
- 10 نساء أسهمن في نهضة العالم
- غسيل الأطباق يُلهم أجاثا كريستي ويساعد أغنى رجلين في العالم على الإبداع: الوجه الآخر لغسيل المواعين
- هيدي لامار والوجه الآخر للجمال
من هي ماري التي وقفت في وجه العلم الزائف؟
“ماري بوتنام جيكوبي” مواطنة أمريكية و أول امرأة تنتسب لكلية الطب الفرنسية، وقد قابلتها الكثير من الصعوبات لدخول الكلية، لقد شكك الجميع في قدراتها على النجاح حتى والدتها التي مارست عليها الضغوط من أجل ألّا تفعل، ولكنها لم تستمع لأحد ومضت في طريقها، فقد كانت أول رسالة لوالدتها منها (أنا بالفعل لا أقوم بشيء سوى إمتاع نفسي، المستشفيات يوجد فيها الكثير من الأمور التي تحفزني ولا تشعرني بالصدمة لدرجة أنني لا أشعر بإجهاد على الاطلاق).
نشأت “جيكوبي” في عائلة معروفة في مجال نشر الكتب، فبدأت بكتابة بعض القصص في المجلات فنشرت قصصًا في أتلانتك حينما كان عمرها (15) عامًا، وكتبت في نيويورك إيفيننج بوست، لكنها كانت شغوفة بمجال العلوم وتكوين الجسد، فحينما كانت صغيرة وجدت جُرْذًا ميتًا، خطر لها أن تفتح أحشائه وتصل إلى قلبه لكن شجاعتها خانتها، حاول والدها أن يمنعها من دراسة الطب عن طريق الإغراء فقد عرض عليها أن يعطيها مبلغ مصاريف الدراسة كمكافأة لكنها أرادت دراسة الطب بشدة.
وضعت “جيكوبي” نصب عينيها أن تدحض نظرية كلارك التي تقضي بأن النساء يجب أن يوقفن تعليمهن عند سنٍّ معين، كان من الممكن أن تعرض تجربتها الشخصية كحجة مضادة، فقد درست في كلية الطب الفرنسية بعد أن حصلت على شهادتها في الطب من بلدها ولم تمرضها الكلية أو تصبها بالعقم مثلما ادعى كلارك.
ماذا فعلت ماري؟
في خلال (232) صفحة تحتوي على جداول وتحليلات قامت ماري بجمع استبيانات تشمل آلام النساء الشهرية ومدة الدورة والتمرينات اليومية والتعليم، بالإضافة إلى المؤثرات الفسيولوجية كالنبض ودرجة الحرارة وكمية البول؛ لتتمكن بعد ذلك من دحض تلك الدراسة التي نشرها “كلارك” كانت نتائجها منطقية مبنية على تحليلات ليست تحيُّزية كما كانت نتائج كلارك، لقد كانت تتحرى الدقة مما مكَّنها من حسم الأمر بشكلٍ مذهل، إنه لا دليل على أن طبيعة الحيض تتطلب الراحة أو حتى الرغبة في الراحة، أما الإجهاد والأنيميا والألم العصبي -كما ادعى كلارك- ففي دراستها لم تكن موجودة لأنهن يتابعن دراستهن بشكل فعال، حصل بحثها على جائزة بويلستون بجامعة هارفرد بعد ثلاث سنوات فقط من نشر الجامعة كتاب “فرصة عادلة للفتيات”.
وقد أثرت “جيكوبي” بدراستها تلك على حياة النساء بشكل فعال، فبعدما كان دخول الجامعة للنساء يُعَدّ حلمًا خرافيًّا أصبح الأمر أسهل على النساء، وقد أصبح للنساء فرصة كبرى للحصول على التعليم العالي وخاصة في مجال العلوم، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل ساعدت على التأسيس للجمعية الطبية النسائية في نيويورك عام (1872م) وفتح جناح للأطفال في مستوصف نيويورك وأصبحت أول عضو من النساء في أكاديمية الطب. في نهاية حياتها باغتها ورم في الدماغ، وقد قامت بتوثيق أعراضه بعناية وموضوعية وعنونت النتائج بـ(تفصيل الأعراض المبكرة لورم السحايا الضاغط على المخيخ الذي توفيت بسببه الكاتبة).
add تابِعني remove_red_eye 62,056
مقال ملهم حول ماري جيكوبي أول امرأة تنتسب إلى كلية الطب في فرنسا
link https://ziid.net/?p=59372