“التنمية البشرية” هل هي تقنية جديدة لبيع الوهم؟
كلما اتسعت دائرة اليأس اتسع معها الكثير من الممارسات الاحتيالة بشتى أنواعها وبكل الطرق والوسائل وأبرزها التنمية البشرية
add تابِعني remove_red_eye 381
سؤال مشروع يرجع سبب طرحه -من وجهة نظري- لاعتمادها بالمقام الأول على متاعب وهموم الناس وقلة حيلتهم، فأولئك الناس دائمًا ما يكونون فى حالة بحث عن عون لحل مشاكلهم المهنية والنفسية والاجتماعية وحتى العاطفية.. فلا يلقى ممتهنو ذلك الاحتيال أي صعوبة للإيقاع بهم.
فإذا كانت الفئة الأكثر جهلًا والأقل تثقيفًا ووعيًا من الناس قد يلجئون للدجالين والمشعوذين لحل تلك الأمور التي عجزوا هُم عن حلّها أو على الأقل وضع مبرر يقنعون به أنفسهم للتنصُّل من المسؤولية تجاه أنفسهم وما يخصها، فبالطبع ذلك النوع من الاحتيال والدجل لا يتناسب مع فئة يمنعها تميزها التعليمي والاجتماعي عن الفئة سابقة الذكر من الاقتناع به فكان من الضروري استحداث الفكرة وإيجاد بديل يقوم على نفس الفكرة الا وهي “بيع الوهم” واستغلال متاعب الحياة واحتياجات الناس لخداعهم واحتيالهم ماديًّا.
لماذا أعتبر التنمية البشرية أو اللايف كوتشنج احتيالًا؟
الاحتيال كما ورد تعريفه: هو ممارسة تنطوي على استخدام الخداع للحصول المباشر أو غير المباشر على شكل من أشكال الاستفادة المالية، وإلحاق الخسارة المادية بالأشخاص المتعرضين لذلك دون تحقيق أدنى استفادة.
من هو اللايف كوتش وما مهنته بالأساس؟
غالبًا ما يكون شخصًا غير مختص أو مؤهل ولا حتى له سابقة دراسة أو ممارسة للطب النفسي، كل ما فعله هو القيام بحضور دورة تدريبية بإحدى الجامعات أو المراكز الخاصة تعطي شهادات بمقابل مادي لأي شخص بغض النظر عن دراسته وتخصصه. ومن ثَمّ يقوم ذلك الشخص بوضع افتراضاته على عينة ضئيلة من الناس المحيطين به سواء كانوا أهله أو أصدقاءه أو معارفه من ذوى المشكلات المكررة والمعتادة والمتعارف عليها فى مجتمعنا، ويقوم بالتنظير على الأفعال وردود الأفعال فى حدود معرفته المتواضعة وإلقاء بعض من النصائح على إثرها متجاهلًا حقيقة أننا كبشر إن تشابهنا في السلوك والأفعال والانفعال والدوافع الكامنة وراء ذلك والمشكلات السلوكية والوجدانية الاضطرابات العصبية، فإننا بالطبع نختلف كليًّا فى التنشئة الاجتماعية والظروف والخبرات والعقد أيضا وغير متشابهين سيكلوجيا، وعليه فلا يمكن أن ينطبق على شخص ما ينطبق على غيره حتى وإن كان يعانى نفس المعضلة.
فالطبيب النفسي وإن اكتفى ببعض النصائح دون اللجوء إلى عقاقير فإن ذلك يرجع إلى دراسة تؤهله لتمييز الكثير من الطبقات والأفكار فيما يخص السلوك البشري الطبيعي طبقا للنظرية الشخصية الحركية “الديناميكية” ويطلق عليها أيضا نمط الشخصية، وكذلك المتخصص النفسي فهو شخص دارس لعلم النفس وتلقى تدريبات تأهله للعمل على تعديل السلوك. بينما يقوم ذلك المحتال بتقديم إستراتيجيات فارغة وعديمة الجدوى.
لِمَ يلجأ البعض لللايف كوتش؟
من أكثر السمات الشخصية التي تميز الأغلبية من هذا الجيل هما الاعتمادية والاستسهال وقلة أو عدم الخبرة لخلق القدرة على وضع حلول أو اتخاذ القرارات المتعلقة بشتى الأمور الحياتية وقلة الاعتياد على التصرف بمسؤولية كاملة تجاه القرارات المصيرية والهامة في حياتهم، وذلك النوع من الناس حين يواجهون تلك المصاعب ويجدون أنفسهم بصدد قرارات لتغيير طارئ قد يؤثر بالسلب أو الإيجاب على مجرى حياتهم فيسارعون بالبحث لإيجاد أي وسيلة تساعدهم على التعامل مع تلك الأزمة واتخاذ القرار المناسب حيالها.
ولكن بالتأكيد ليس هذا هو الحل الأمثل ولا الوسيلة المناسبة. ولكن عند الشعور بضعف أو عدم القدرة على إدارة الشؤون الخاصة بحياتنا والمعاناة طويلًا من التردد وعدم القدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة في الكثير من الأمور المتعلقة بنا ما الذي يتوجب علينا فعله للسيطرة على ذلك؟
لا شيء يدعو للقلق حيال ذلك، ونحن جميعًا معرضون لتلك الحالة وخاصة أن الدراسات والأبحاث للأنماط النفسية قد أكدت على أن بداخل إدراك كل شخص يوجد منطقة يعجز فيها عن الفهم الحقيقي والتمييز بين الأمور وتقييمها بشكل سليم، ومن ثم التعامل معها وهي ما تسمى بالمنطقة العمياء، وغالبًا ما يسبب ذلك العجز عن الفهم والتمييز ويؤدي الى الكثير من الفوضى بالأفكار واضطراب الأفعال والإحساس بالعجز نحو اتخاذ القرارات المتعلقة بشتى الأمور الحياتية.
إذن ما الحل هنا؟ وهل يعنى ذلك أنني في احتياج لمساعدة طبيب أم أستطيع عبور ذلك بمفردي؟
في كثير من الأحيان كل ما يستلزمه الأمر هو أن تجلس مع نفسك أو مع أحد الأشخاص المقربين الذين تثق بهم، وتبحث عن سبب ما تمرّ به من ظروف سيئة. لابد أن يكون هناك سبب لهذه الظروف أنت تعلمه أو تجهله أو لا تضع يدك عليه بشكل مباشر، وقد يرجع الأمر لأن هناك أمورًا في حاجة أن تتغير في حياتك فقُم بتحديدها وضعْ خطة للتغيير ولتكن أول وسائلك هي محاولة فهم ميولك أنت والتصالح معها والتعامل معها باعتبارها صحيحة وطبيعية على الأقل بالنسبة لك.
وإن كانت غير ذلك بالنسبة لغيرك، فعند ذلك تكون قد قطعت شوطًا كبيرًا في فهم الفوارق البشرية وتقييمها بطرق سهلة وبنّاءة ومن ثَمّ احترامها والتعامل معها بيسر وسهولة عما سبق، وقم بمواجهة أفكارك السلبية على عكس نصائحهم، فإن الأفكار السلبية ليست دائما للتجاهل فقد يكون لها فوائد أيضا وتجعلنا أكثر انتباها لنقاط ضعفنا ومحاولة التعامل معها واستثمار نقاط القوة الكامنة داخل مخاوفنا.
وتذكر.. أن أشهر النصائح العالقة بلسان أولئك هي أن الثقة بالنفس سر النجاح. وأنا أرى أن الاعتراف بنقاط الضعف والتصالح معها والعمل على تحسينها أفضل بكثير من تلك الغطرسة غير المبنية على أي أسس عملية.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 381
مقال مثير على مسؤولية صاحبته حول التنمية البشرية
link https://ziid.net/?p=65455