أنا العاجز الصحيح (حين تكون أنت سجن نفسك)
أحياناً يكون الإنسان عاجز عن فعل أى شىء رغم انه لا يعانى من علة جسدية؛ يكون مسجون داخل نفسه، داخل عقله، لا يعطي نفسه الفرصة
add تابِعني remove_red_eye 305
أنا أعمى رغم أني أستطيع أن أرى، وأخرس رغم أني أستطيع التحدث، ومشلول رغم أني أستطيع الحركة، لدي إمكانيات الإنسان العادي ورغم ذلك عاجز لا أستطيع فعل أي شيء، هل هناك أحد مثلي؟
تعجز عن البوح والتحدث بالحقيقة رغم أن لك لسانًا، تعجز عن أن ترى النور رغم أنك بصير، تعجز عن التحرك كما تشاء وأن تذهب لأي طريق رغم أنك تستطيع الحركة، فهل أحسست مرة أنك عاجز كليًّا رغم أنك صحيح كليًّا وليس بجسمك مرض؟ هل تعمل في عمل على غير هواك؟ وتترك عملًا تتمناه؟ هل تعيش مع أشخاص لا تفاهم بينكم؟
هل نحن السبب بما نحن فيه أم غيرنا؟ هل نحن تهاونّا في حقوقنا وتنازلنا إلى أنا أصبح لا حقوق لنا؟ هل أحلامنا هي التي تهرب منا أم نحن الذين استسلمنا وتركناها؟
لماذا نحتاج آلاف الأميال لنصل لأحلامنا؟ لماذا لا توجد وسيلة مواصلات توصلنا بسرعة؟ ما الحكمة الكونية التي تجعل أهدافنا تقترب منّا في بعض الأحيان، ونعجز أن نلمسها؟
لماذا علينا أن نتمرد ونعترض بعنف بل وندخل في معارك لنحصل على حقوقنا؟ لماذا لا تأتي حقوقنا في سلاسة؟ فهل هذا طبيعي؟ بالطبع لا، فالقاعدة هي الاحترام والهدوء في طلب الحق، ولكن الكثير من الناس كسروا القاعدة، فهل أكسرها مثلهم؟ هل أستعمل العنف مع العنيف؟ والكذب مع الكاذب؟ والخيانة مع الخائن؟ ما سبب عجزي؟ سنين وأنا أتساءل؟ وعلمت بفضل الله الإجابة بعدما سرت في طريق طويل مليء بالتعب.
اكتشاف رهيب
كانت صدمة لي عندما أدركت وتيقنت أنني أنا السبب فيما أنا فيه، نعم هذه هي الحقيقة، كان عليّ أن أستمر في السير بل والجري بكل طاقتي وراء أحلامي، لا أن أنتظرها حتى تأتي، كان عليّ أن أنظر لمن هو أقلّ حظًّا مني، لا أن أنظر لمن هو ذو حظ عظيم، فالقاعدة هي السعي والعمل وبذل كل الجهد للوصول لما تريد، لا أن تجلس تندب حظك، فطريق الألف ميل يبدأ بخطوة، فكان عليه البدء سيرًا، فإذا أكرمني الله بمواصلة تسهل لي الطريق سريعًا، فهذا فضل من عنده إذا نلته، وإذا لم أنله فليس من حقي أن أتزمر، وأقول لما لا؟ (اشمعنى) فعليّ الرضا بالطريق الذي اختاره الله سبحانه وتعالى لي؛ لأنه أعلم بما أصلح لي وأنفع.
أنا عدو نفسي
هل رضائي بدور الضحية، بسبب عجزي أم لأنه الاختيار الأسهل؟ الغريب أنك تجد هدفك قريبًا منك جدًّا يكفي بعض الخطوات لتصل له ورغم ذلك تعجز أن تصل له، رغم ذلك تجد من يمنعك من الوصول له وكثير ما تجد من يمنعك هو أقرب الناس لك، فماذا تفعل وقتها هل تتحداه وتغضبه لتصل لهدفك الذي يجعلك تحقق حلمك وبعدها تصبح سعيدا أم ترضى وتستسلم وتظل عاجزًا عن تحقيق هدفك؟ ولا يكون في يدك غير أن تلوم من منعك دائمًا؟ تمرّ علينا قرارات صعبة ومصيرية في حياتنا وإذا لم نستطع أن نتخذ القرار السليم سنظل طول عمرنا في ندم.
مترددون دائمًا، وفي حيرة بين اتخاذ قرارين كلاهما أصعب من بعض وهما في نفس الحين عكس بعض فالقرار السهل اتخاذه صعب في تنفيذه والأصعب أن تتحمل نتائجه والقرار الصعب في اتخاذه سهل في تنفيذه ومريح في نتائجه.
الأصعب من كل ما سبق أن ترى الحقيقة وتتلاشاها، الأصعب أن تحمل نفسك ما لا تطيق وتظل في عذاب رغم أنك تعلم أن هذا لن يسعدك، فأنت تريد شيئا محددًا وهذا الشيء لا تستطيع أن تصل له إلا بسلوك طريق واحد وبسبب عجزك عن سلوك الطريق الصحيح تذهب وتسلك طريق آخر تعلم جيدًا أنك لا تستطيع تحمل مشاقه؛ فهناك فرق بين أن تكون على علم بما يتعبك وتفعله وأن تجهل نهاية الطريق فهذه ليس مثل تلك.
فاختياري أضرني، فكان علي مقاومة الظروف، وما دمت تحملت كل هذه المشاق كنت أيضًا سأحتمل نتائج اختياري الطريق الذى أحبه؛ وأيقنت أني خُلقت لأجله؛ فالله منح كل واحد فينا موهبة في شيء معين فعلينا استغلالها لا أن نتركها ونسير في اتجاه آخر، فهناك الضحية وهناك المكافح، وأين أنا منهم، فللأسف اخترت الضحية وكنت أنا عدو نفسى، ولعنت الظروف، حقًّا إن الظروف صعبة، ولكنى نسيت الاختبار، فالظروف الصعبة ما هي إلا الاختبار الذي نواجهه في هذه الدنيا، فالضحية هو الذى يتم سجنه أو قيده بالسلاسل الحديدية أمّا الحر الطليق فله الكثير من الفرص، بئس اختياري.
قليل الأدب هو من يحصل على حقه
أصبح عليك أن تتصرف بطريقة خاطئة ليفهمك الناس بشكل صحيح، فكيف هذا؟ فإذا تصرف معك شخص بطريقة خطأ أو أغضبك فتعاملت بهدوء يعتقد أنك ضعيف أو يظن أنك ملاك ليس مثل باقي البشر وأنك لا تغضب من أحد، وفي المرة الثانية بدلاً من أن يراعي ألا يغضبك لأنك كنت مثاليًّا جدًّا معه في التعامل، ترى النقيض تمامًا فتراه يهملك، والغريب أنه يهتم بمن يعامله بقسوة، والمضحك أنه يكون حَذِرًا في معاملته، رغم أنه يغضبه في التعامل.
من هنا اكتشفت أن غالبية الناس لا يحبون المثاليين، وبدأت أقلد عديمي الأخلاق فالصوت العالي ذو الألفاظ البذيئة هو المسموع، ولكن هدى الله أوضح لي مع الأيام أن الناس تخشى عديمي الأخلاق لهذا تعطيهم اهتمامًا مضطرين ليس باختيارهم، فكان عليّ أن أكون أكثر مرونة، وحاولت أخذ حقي باحترام وأصررت وأكلمت للنهاية واندهشت للنتيجة، فلقد نجحت في أكثر من مرة، ووقتها ندمت على ما سبق وفات من حقوقي التي تركتها أو أضعتها لاتباعي طريق الجهلاء عديمي الأخلاق، فغضبي أضاع مني الكثير.
الشجاعة مع نفسي أولًا
عليّ أن اتخذ القرار الشجاع الذي سوف يريحني، ولكن قبل أن أتخذ القرار الشجاع يجب أن أتأكد من أنه القرار السليم الذي سوف ينفعني ولا يضرني ولا يضر أحدا، وقتها سوف أستريح حتى لو مررت بأعاصير في البداية، المهم أن أجد الراحة في النهاية، وذلك لن يأتي إلا بعدما أقف مع نفسي وأستخدم العقل لأختار ما ينفعني وأحبه، وأبتعد عما يضرني حتى لو كنت أحبه، وسألت نفسى ما هو المعيار؟ ووجدت الإجابة فلو كان ما أحبه لا يغضب الله وليس فيه ضرر، فلن استمع لأحد، وسوف أتخذه، وإذا كان لا يرضي الله حتى لو كانت نفسي تهواه، لن أقترب منه، فهذا هو بداية الصدق والشجاعة، أن تكون صادقًا مع نفسك، وشجاعًا أمام نفسك أولًا.
عليّ أن أعرف نفسي
وأهم شيء أن يكون الإنسان عالمًا جيدًا بما يريد فعندما تعلم ما الذي تريد؟ ما الأهداف التي تريد أن تصل إليها؟ وما الأحلام التي تريد أن تحققها؟ سوف تستريح لأنك سوف تعرف ما الطريق الذي يجب عليك أن تسلكه، ولكن عندما تجهل ما تريد ولا تعرف ما تفعل في حياتك وليس لك أحلام وليس مهم عندك الطرق فكلها لديك مثل بعضها، وقتها سوف تشعر بالضياع فسوف تتوه في طرق عديدة وتجد نفسك في متاهة، ماذا أفعل ما هو الصح وما هو الخطأ في أي اتجاه أسير؟
وتظل تسير في طريق طويل ووقتها أنت حظك أو نصيبك، إما أن تصل أو لا تصل، وهذا من الأمور التي تجعلنا عاجزين تعساء، من أكبر الأخطاء أن تترك نفسك بلا أحلام وتجعل غيرك يفكر لك ويحلم لك فهو لا يعرفك كما تعرف نفسك، فقد يختار لك حلمًا لا يناسبك ولا يسعدك فلا تلومه لأنك أنت المخطئ، ما دام الموضوع تم بإرادتك، تلومه -فقط- في حالة لو أجبرك، ولا تنظر لأحد غيرك قد يكون غيره اختار له حلما أو هدفا ونجح، فهذا استثناء من القاعدة ليس مبدأ أساسيًّا فهذا نصيبه أو حظه، ولكن هذه ليست قاعدة.
هذه ليست القاعدة لأنك يجب أن تكون على علم بنفسك من غيرك وإلا إذا لم تكن كذلك فهذه كارثة أخرى وسبب رئيسي من أسباب العجز فغيرك قد يساعدك بوسيلة تصلك إلى هدفك، أو قد يرسم لك خطة للوصول إلى حلمك ولكن لا ينفع أن يختار لك هدفك أو حلمك هذه الأشياء خاصة بك.
ما العمل لو تاه الإنسان؟
إذا عجزت عن معرفة هدفك، وتدبير أمرك، فاتجه لمن خلقك في هذه الدنيا، وادعوه ليهديك، فهو من يهديك كثيرًا إلى طريقك الذي تعلمه جيدًا، ورغم ذلك تبتعد عنه كثيرًا، فما توفيقك إلا بالله.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 305
مقال ملهم وحديث شيق مع النفس نحتاج جميعًا أن نجريه
link https://ziid.net/?p=44834