كيف تستغل سنوات الجامعة للتخطيط لمستقبلك؟
سنوات الجامعة هي مرحلة تدريب النفس وإعدادها للوقوف على خط البداية قبل انطلاقك لسباق المستقبل وتحدياته
add تابِعني remove_red_eye 29,562
في مقالتي السابقة “خطط لنجاحك” وعدتكم أني سأخبركم بالتفصيل عن مغامراتي المجنونة في الجامعة، وسأوفي بوعدي اليوم، أعلم أني تحدثت في مقالات سابقة عن الاستعداد للجامعة وما بعدها؛ لكن اليوم سأحدثكم عن إستراتيجيات بناء مستقبلك ومواجهة التحديات، والاعتياد على اختبارات الحياة، وسأبدأ معكم بجملة يرددها كل رواد التنمية البشرية والذاتية في العالم، وهي “يا ليتني أدركت تلك الحقائق قبل 10 سنوات”.
وهذا بالضبط ما أشعر به مؤخرًا؛ فعلى الرغم من الفيديوهات والكتب اللامتناهية التي قرأتها عن تطوير الذات والنجاح وإدارة الوقت إلا أن كل هذا لم يؤثر في حياتي بقدر تأثير التجارب والخبرات التي مررت بها بالفعل؛ لذا دعوني أخبركم بتجاربي التي مهدت لي الطريق للمستقبل.
1- لا تتوقف عن القتال أبدًا
مهلًا، أنا لا أوجهكم لأيّ نوع من أنواع العنف أنما أعني أن تستمر في بذل كل ما في وسعك ولا تترك أي شيء للحظ وللصدف، وهنا سأخبركم بأول تجربة جعلتني أعتمد على جهدي بدلًا من الاعتماد على قدراتي فحسب.
في الجامعة اعتدت دائمًا أن أبدأ مذاكرتي للامتحان بمقارنة المحاضرات بمعلومات الكتاب والمصادر، وقتها لم أعترف أبدًا بالمُلخصات، وكنت أعشق جمع كتب الجامعة والحفاظ عليها، وحتى الآن ما زلت أحتفظ بكل كتب جامعتي من سنة أولي لسنة رابعة؛ لكن في عامي الثاني بالجامعة -وتحديدًا في امتحان المادة الإعلامية باللغة الإنجليزية- وثقت بقدراتي في الترجمة ولم أفتح صفحات محاضراتي ولا حتى كتاب المادة ودخلت الامتحان، وكأني قائد منتصر، وكانت النتيجة أني حصلت على أول وآخر مقبول في حياتي.
وتلك كانت كارثة بكل المقاييس لأن كل تقديراتي إما امتياز وإما جيد جدًا، وبسبب هذا “المقبول” الوحيد لم أحصل على تقدير عام امتياز، وتخرجت من الجامعة بتقدير عام جيد جدًا، ومنذ تلك اللحظة وأنا لا أترك أي مجال للخطأ في حياتي، حتى مقالاتي السياسية لا أكتبها إلا بعد مراجعة كل معلوماتي والتأكد من الأرقام والتواريخ والإحصائيات، وأول نصيحة سأقدمها لك عزيزي القارئ هي أن تثق في نفسك وفي قدراتك بشرط أن تُكللهم بالعمل الدؤوب.
2- اصنع فُرصك بنفسك
الأذكياء لا ينتظرون أن تطرق الفرص أبوابهم لكنهم يذهبون إليها بأنفسهم، وتجربتي الثانية في الجامعة كانت عبارة عن البحث عن الفرص؛ ففي أحد الأيام طلب منا أستاذ السيكشن -وكان صحفيًّا بجريدة الجمهورية- أن نجري حديث صحفي مع شخصية مؤثرة في المجتمع، وقتها كنت في عامي الأول بالجامعة، وعلى الفور بدأت بقراءة كل شيء يتعلق بالحوار الصحفي وبحثت في الصحف عن حوارات صحفية، وهنا لمحت خبر عن السحابة السوداء، وكانت تلك هي الفرصة الذهبية.
طويت الجريدة وبحثت عن رقم وزارة البيئة واتصلت بهم وحددت موعد لإجراء الحوار، وبالفعل تم تحديد الموعد وكان على ما أتذكر في منطقة المعادي، ويومها أتى والدي معي لمقر الوزارة، لا تتعجبون؛ لأن والدي فعل ما هو أغرب من ذلك في أول يوم بالجامعة، وكنت أول طالبة جامعية في مصر تأتي مع أبيها للجامعة ويقوم بتوصيلها حتى باب المدرج في الدور الرابع بالكلية، دعونا نعود للمقابلة في وزارة البيئة.
أحضرت معي جهاز “الووكمان” -كان هو المسجل الوحيد لمتوفر لديّ في عام 2008- وسجلت المقابلة، وكتبت الحوار كاملًا، وسلمته في الموعد، كنت وقتها فخورة جدًا بإنجازي، وكانت تلك التجربة بمثابة برمجة جديدة لعقلي، ومن يومها اقتنعت أن السعي في حد ذاته سيفتح لي أبوابًا وفرصًا كثيرة.
3- أبدأ السباق قبل الآخرين
أول جملة يجب أن تخبر نفسك بها يوميًّا هي “سأصل لخط النهاية قبل الآخرين وسأبدأ قبلهم في خوض سباق جديد”، وهذا ما فعلته في بداية عامي الثاني بالجامعة، في تلك المرحلة بدأت أحضر ورش عمل في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، وبدأت حياتي المهنية في التسويق، وتدربت في جرائد حديثة الإصدار، ونُشر لي أول مانشيت صحفي باسمي على الصفحة الأولي في يناير 2010، وبالرغم من كل هذا كنت أتمنى لو أن باستطاعتي أن أبدأ أبكر من هذا حتى قبل التحاقي بالجامعة.
وتلك هي نصيحتي الثالثة: لا تنتظر انتهاء دراستك وتتوقع أن كل شيء سيسير على ما يرام بمجرد تخرجك من الجامعة، ولكن ابدأ على الفور في العمل ورسم مستقبلك، وفكر في بناء مشروعك الخاص، وصدقني المهارات والخبرات وحتى تعلم اللغات ستتقنها مع الوقت ولن تقف عقبة في طريقك.
4- احذف من قاموسك جملة “لا أستطيع”
هل يوجد أسوأ من أن تُصاب دولتك بثورة تقلب الأوضاع رأسًا على عقب؟ بالطبع لا، ولسوء حظي حدثت ثورة يناير في إجازة نصف عامي الأخير بالجامعة -في فترة إنهاء المشروع- هل تعلمون ماذا فعلت في فبراير 2011 في وقت انتشرت فيه الفوضى؟؟ ذهبت لنادي الممثلين في العاشرة مساءً، وعبرت طريق يدعى البحر الأعظم بالجيزة، هذا الطريق من أكثر الطرق خطورة لأيّ شخص يريد عبور طريق السيارات، ولكن يومها سخر الله لي شخصًا ساعدني في الحصول على معلومات التواصل مع الممثلين.
جلست على كرسي خارج النادي في البرد القارس لأكتب الأرقام، ثم ذهبت لخان الخليلي والمناصرة لمقابلة المصادر الصحفية لإنهاء تحقيق الأرابيسك وعدت لمنزلي في الثانية عشر ليلًا، وبعد يومان ذهبت لأستوديو مصر، وبعد يومين آخرين ذهبت لنزلة السمان في الخامسة فجرًا مع أخي، وبعد يوم أوصلني شخص لا أعرفه بسيارته الملاكي لمدينة الإنتاج الإعلامي، عاملته وقتها معاملة سائق التاكسي وأعطيته الأجرة، وعدت لمحطة المترو مع شخص آخر لا أعرفه في سيارة نصف نقل، وأعطيته أجرته أيضًا، وكل هذا بخلاف ذهابي لساقية الصاوي بعد الحادية عشر مساءً.
طبعًا كل تلك المعاناة كانت من أجل إنهاء حواراتي الصحفية والتحقيق لمشروع التخرج، ولله الحمد أسفرت جهودي عن تحقيق أرابيسك، وحوار مع الفنانة نهال عنبر ود/ محمد الصاوي.
كل هذا الجنون كان نابعًا من ثقتي في الله بأنه سيُعِينني ويحميني، وكان بسبب ثقتي في نفسي؛ فلا توجد ثورة ستمنعني من إنهاء مشروعي ولا حتى أيّ ظروف أخري ستقف حائلًا بيني وبين أحلامي؛ فكن أنت كذلك أيها المُغامر الصغير.
في الختام
اذهب لإحضار ورقة وقلم ودوِّن معي تلك الكلمات؛ أولًا: لا تنتظر أن تعطيك الحياة شيئًا بدون مقابل؛ لذا اعتمد على نفسك وامتلك زمام حياتك، ثانيًا: زِنْ الكفة، و اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا، وأخيرًا: انضم لنادي الخامسة صباحًا، وهذا ما سأحدثك عنه بالتفصيل -بإذن الله- في المقالة القادمة، وحينها سأخبرك عن نادي الخامسة فجرًا من منظور مختلف تمامًا عن ما ذكره روبن شارما في كتابه.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 29,562
إليك تجربة ملهمة في استغلال سنوات الجامعة بشكل إيجابي للمستقبل
link https://ziid.net/?p=84091