كيف تبني لنفسك حدودًا مع الآخرين لا يستطيعون تجاوزها؟
أن تبني حدود مع الآخرين لا يستطيعون تجاوزها لا يعني أن تفقدهم وأن تعاملهم بقسوة لكنه يعني أن تحترم نفسك وتقدر خصوصيتك وتحافظ عليها
add تابِعني remove_red_eye 11,872
يشتكي الكثير من الناس من عشوائية علاقة الآخرين بهم حيث لا حدود، يشعرون أن حياتهم مستباحة، وأسرارهم دائمًا مخبأة في حقيبة شفافة، يشعرون أنهم منتهَكون ومراقبون طوال الوقت، والمعضلة الأساسية لهذه المشاكل هو الشخص نفسه، لأنه لم يستطع أن يبني لنفسه حدودًا مع الآخرين بحيث لا يستطيعون تجاوزها، أن يضع مبادئ صارمة في التعامل بحيث تُحترَم وتُقدَر من قبل الآخرين، شخصيته هشة وكلمته غير حازمة مما يوصل للآخرين رسالة مفادها:
أنا كتاب مفتوح لكم!
كيف تبني لنفسك حدودًا مع الآخرين لا يستطيعون تجاوزها؟
لنتفق أن بناء حدود مع الآخرين بحيث يعرف كلّ منهم ما له وما عليه يختلف تمامًا عن قطع العلاقة بهم أو معاملتهم بقسوة، كل ما في الأمر أنك ستضيف بعض الحزم لعلاقاتك، ولنتفق أيضًا أن هذا الأمر برمته في يدك وحدك، الآخرون ليس عليهم أيّ دور أو عبء، لأن من سيرسم الحدود ويبنيها وينفذها هو أنت، وما سيكون على الآخر إلى التقبل والاستسلام. ولن تبدأ في وضع حدودك مع الآخرين إلا حين تكتشف حقوقك، إذن ما هي أهم الحقوق التي يجب ألا تفرط فيها في حياتك؟ على سبيل المثال:
- حقك في قول رأيك أيًّا كان -بلا إهانة لمن أمامك- دون خجل.
- حقك في تبني معتقد ما.
- حقك في تشجيع فريق أو عدم تشجيعه سواء كان ثقافيًّا، سياسيًّا أو دينيًّا.
- حقك في توزيع وقتك بالطريقة التي تراها، بذله في الأشياء التي تحبها.
- حقك في أن تقول لا في الوقت غير المناسب.
- حقك في حماية خصوصيتك، وألا تكون جميع أسرارك محل للسؤال والاستفسار والاستباحة.
لو استمريت في وضع قائمة بحقوقك أعتقد أني لن أنتهي اليوم، لذا لتضع بنفسك فوق هذا كله قائمتك الخاصة بأهم الحقوق التي ترى أنها ضرورية ولا بد أن تحترم، ولنأتي إلى النقطة التالية مباشرة. الآن أنت وضعت حقوقك وعرفتها جيدًا، إذن كيف يمكنك أن تبني حدودًا مع الآخرين بحيث لا يمسون هذه الحقوق ولا يستطيعون تجاوزها؟
#1 لا تخجل
الخجل هو أول عدوّ لك في بناء شخصية مستقلة قوية لها حدود صارمة مع الآخرين، ستخجل من قول لا، ستخجل من الرفض والقبول والطلب، ستخجل من التذمر، ستخجل من كل شيء وسيعيقك هذا عن بناء حدودك اللازمة، فكّر في الأمر، لما يجب عليك أن تخجل بينما يعتدي الآخر على حق من حقوقك، لماذا يجب عليك أن تسكت بينما الآخر يتصفح كتاب حياتك كما شاء بما فيه من أسرار وأشياء مفرحة ومحزنة ومخجلة، إذن العيب لديه هو، والخطأ عنده هو فلماذا أنت من يخجل؟
الخجل هو المعضلة التي إذا تم التخلص منها ستكون قد وضعت الأساسات اللازمة لبناء منزل حدودك مع الآخرين، بدون هذا الأساس سيكون بنيانك ضعيفًا وهشًّا وأول رياح ستمر عليه ستهدمه، لذا إذا شعرت أن الآخر قد تعدى خصوصيتك فلا تخجل من التعبير عن ذلك صراحة بجمل مثل: لا أريد التحدث عن هذا، ليس لك شأن بهذا، هذا أمر شخصي، هذا أمر عائلي، توقف عن سؤالي في هذا الأمر، وغيرها من الجمل الحازمة التي ستصدم من أمامك ولن يعيد عليك الكرة مرة أخرى.
#2 قدر نفسك
أغلب الاستباحة في العلاقات لا يكون سببها المباشر عدم وجود حدود، بل إن عدم وجود حدود ما هو إلا سبب من مجموعة أسباب أهمها عدم تقدير النفس، يشعر الشخص من داخله أنه أصغر من أن يكون له شخصية، وأقل من أن يكون له حدود، يشعر دائمًا أن الآخر أفضل، وأنه إذا بدأ في وضع حدود سيخسر علاقاته كلها لأنه لا يمتلك ما يميزه بحيث يجعل الآخر يختار البقاء في حياته.
تحقير الذات من أقوى الأسباب التي تعطي انطباعًا لمن حولك أنك مستباح دائمًا، عدم تقديرك لذاتك سيجعل من المستحيل على الآخر أن يقدرك، لماذا يقدرك وقد ضمن بقاءك، نحن نقدر الأشخاص الذين نخشى أن نفقدهم، وبما أنك موجود دائمًا ومستباح في أي وقت فإنه يستطيع الدخول والخروج لوحده من حياتك دون أدنى مشكلة، أنت بلا حدود فلماذا يعاني هو مجهود إخراج جواز المرور من حقيبته؟
#3 وقتك أولًا
يجب أن تحترم وقتك أكثر من هذا، لن يكون لك حدود إذا اقتحم الآخرون وقتك كلما أرادوا، إذا احترمت وقتك ستجبر الآخرين على احترام مواعيدك، ستجعلهم مجبرين على سؤالك في كل مرة: هل وقتك يسمح الآن؟ وقتك هو جزء من حياتك فكيف تفرط في حياتك لأجل حياة الآخرين؟ ضع نفسك أولًا ووقتك أولًا ثم ضع الآخرين وأوقاتهم، واعلم أنك لن تستطيع النجاح في احترام وقتك إذا كنت توافق على كل شيء يطلبه منك الآخرون في أي وقت.
تعلم أن تقول لا في الأوقات غير المناسبة: أريد أن تقوم بكذا، أو قابلني الآن، أو سآتي إليك الآن وغيرها من الجمل التي تعد انتهاكًا صريحًا لوقتك، إذا وافقت عليها جميعًا فأنت لا تحترم وقتك، بل يجب أن تتعلم أن تقول: لن أقوم بهذا، لا أستطيع مقابلتك الآن، لا تأتي الآن لدي مهمة أخرى أقوم بها وسأتصل بك حين يكون الوقت ملائمًا لي.
#4 لا تخاف من الفقد
الكثير من الناس يجعلون حياتهم مستباحة في مقابل ألّا يفقدوا الآخر، إن معضلتهم الكبرى وخوفهم الأعظم هو الفقد، أن يجدوا أنفسهم وحدهم فجأة، لكني لطالما ما كنت أتسائل: هل من الطبيعي أن أتقبل كل شيء في سبيل ألا أفقد من حولي؟ ولماذا تكون أنا دائمًا من عليها أن تتنازل؟ ولماذا أنا الطرف الذي يحافظ وحده على العلاقة بمن حوله؟
حتى اكتشفت أن خوفي من الفقد هو ما يحركني، وأن هذا الخوف جعلني حبيسة أفكاري لعدة سنوات، وأني عندما وضعت حدودًا صارمة وحازمة مع الآخرين أحببت نفسي أكثر وشعرت بقيمة حياتي وبأهميتي، بل ووجدت الآخرين يشعرون بقيمتي أيضًا، إنهم يخافون من قول شيء لا يعجبني، ويترددون قبل أن يسألوا سؤالًا فيه بعض الخصوصية، ويحترمون وقتي ويستأذنون قبل طلب أي شيء مني.
#5 كن للآخرين كما تريدهم أن يكونوا لك
لن تستطيع أن تبني حدودًا مع الآخر إذا كنت تستبيح حياته، وتسأله فيما لا يخصك، يجب عليك أن تحترم حياة الآخر كما تريده أن يحترم حياتك، وتقدر وقته مثلما تريده أن يقدر وقتك، ولا تقتحم خصوصيته مثلما تريده ألا يقتحم خصوصيتك، عامِل بما تحب أن تعامَل لأنك مرآة وستنعكس تصرفاتك عليك، إذا تدخلت في شئون الغير فتوقع أن يتدخلوا في شؤونك وحينها لن يكون لديك الجرأة الكافية لتقول لهم لا، لأن أقل رد ببساطة سيكون: لماذا؟ أنت دائمًا ما تتدخل في حياتنا ولم نعترض على هذا.
لذا عليك أن تحترم الآخر وتقدر وقته وتستأذنه قبل طلب أي شيء، ضع كل طلباتك في صيغة أسئلة كـ: هل يسمح وقتك الآن بفعل كذا؟ هل تستطيع مساعدتي غدًا في كذا أم أنك مشغول؟ هل يمكنك أن تقابلني الآن أم نؤجلها لوقت لاحق؟ هل تريد التحدث عن هذا الموضوع؟ وغيرها من الأسئلة التي تعطي الخيار للطرف الآخر في القبول أو الرفض.
إليك أيضًا
كيف تتعامل مع أفراد أسرتك السيئين بطريقة متوازنة
add تابِعني remove_red_eye 11,872
مقال هام للغاية يتناول فكرة وضع حدود مع الآخرين وعدم السماح لأي شخص بتخطيها معك
link https://ziid.net/?p=65617