يقدّم أنطوني روبير في كتابه (كيف توقظ العملاق الذي في داخلك) مقاربة واقعية لكيفية التحكم في القدرات الذهنية والعاطفية والجسمانية والمالية بصورةٍ تُمكّن المرء من تحقيق ما يريده في الحياة، ويؤكد الكاتب أن تكوين وتنمية مبدأ “قوي للحياة” له تأثيرًا كبيرًا على ما يأتي به الفرد من أقوالٍ وأفعالٍ وأفكارٍ يرسم من خلالها الطريق الذي ينتهجه لتحقيق هدفه النهائي، وتتم آلية إيقاظ العملاق الذي في داخل أي إنسان من خلال مسارين، الأول أطلق العنان لقواه، والثاني تولّى زمام الأمور (منظومة التحكم الرئيسية).
المسار الأول: أطلق العنان لقواك
يضع الكاتب مجموعة من القواعد يمكن من خلالها أن يطلق الفرد قواه الكامنة نوجزها في الآتي:
1ـ لا تستسلم للأحلام وتصاريف القدر
تقوم الفكرة الرئيسة في هذه الخطوة على أن كثير من الناس يعلم ما يجب عليهم عمله كي يحققوا النجاح في الحياة، لكن القليل منهم من يفعل ذلك، لذلك يجب السيطرة على العواطف والحالة الصحية والعلاقات الشخصية والمهنية والماديات والوقت.
2ـ اعلم أن القرارات هي الطريق للقوة
قراراتك وليست ظروفك هي التي تحدد مصيرك ومدى قوة القرارات تحدد خبراتك في الحياة، والمحك ليس فيما تعرفه بل فيما تلتزم به.
3ـ اكتشف ما هي القوة التي تشكّل حياتك
كل الأمور التي ترتبط بآلامك ومسرّاتك تُسهم في تشكيل جميع جوانب حياتك، ويستطيع كل شخص تغيير هذه الارتباطات، ومن ثم يمكن تغيير الأفعال في المستقبل.
4ـ تعرف على منظومة البناء والهدم
ليست أحداث الحياة هي التي تشكّلنا بل ما تحمله لنا هذه الأحداث من معانٍ ومدلولاتٍ حسبما نراه في معتقداتنا وإيماننا، وأن مدلول الأحداث كما نقوم نحن بصياغتها له دور كبير في صياغة وجودنا؛ لذلك يجب أن نؤمن بمعتقداتٍ إيجابية ونترك المعتقدات السلبية.
5ـ هل يمكن أن يحدث التغيير في لحظة؟
التكيّف العصبي الشرطي هو عملية ربط أقصى درجات السرور، بما تود أن تحبه وتريده، وكذلك ربط أقصى درجات الألم بما تود أن تجتنبه وتنأى بنفسك بعيدًا عنه، بذلك يمكن أن تغيّر عادةً سيئةً بسرعة لأن العقل البشري يبتعد بشكلٍ تلقائي عن مسببات الألم.
6ـ كيف تغيّر أي شيء في حياتك
لا بد من ست خطوات لتحقيق التكيّف الشرطي العصبي وهي حدّد أهدافك، اجعل لنفسك حافزًا، حطّم القوالب الثابتة، أضف التجديد والجاذبية، تخيّل تصرفاتك البديلة، اختبر منهجك الجديد عن طريق تخيّل موقفٍ ما سبّب لك إحباطًا في المستقبل.
7ـ كيف تحصل على ما تريد حقا
يرتبط أقصى ما تتمناه في الحياة بمشاعرك، فكل ما أنت بحاجةٍ فعليةٍ إليه في الحياة هو أن تغيّر ما تشعر به في معظم الأوقات من مشاعر وأحاسيس تجاه الأشياء.
8ـ طبيعة الأسئلة هي الحل
التفكير هو عملية طرح التساؤلات ثم البحث عن إجاباتٍ لها؛ لذلك إن كنت تفكّر وتتصرّف عكس ما تفكر به، فعليك أن تطرح أسئلةً مختلفة. وهناك ثلاثة أهداف للتساؤلات: تغيير اهتماماتك الذهنية، اختيار التفكير الإيجابي، وتفتح سُبلاً جديدة لاستغلال موارد قديمة.
9ـ تكلّم بلغة النجاح المُطلق
للكلمات قدرة على تكوين المشاعر التي يمكن أن تتحوّل إلى تصرفاتٍ من شأنها تغيير مصائرنا، ولذا يجب الالتزام بالآتي: اهتم جيدًا بالكلمات التي تستخدمها بشكلٍ معتاد لوصف مشاعرك السلبية، ضع قائمة بأوصاف أخرى بنّاءة تكون بديلة للكلمات الهدامة، أوجِد طريقة جديدة لفرض التحول الجديد في تصرفاتك.
10 ـ استثمار قوة الأمثلة في الحياة
من خلال تبنّي أمثلة محفزة لخبرات الحياة لأنك ستتبنّى ميزاته الجديّة المحفّزة لأن الأمثلة تستخدم لشرح مبدأ معين عن طريق مقارنته بشيءٍ آخر.
11ـ تنمية العواطف العشرة للقوة
العواطف إشارات تحدّد لك طبيعة شعورك بالأشياء بعض الناس يشعرون أنهم يعيشون تحت تأثير عواطفهم لكنهم في الحقيقة كل شخص يشكّل بنفسه عواطفه الخاصة به وهي تعتبر ملاذًا هامًا وهي دعوة لاتخاذ الإجراء المناسب، لذا فإن مهمتك الرئيسة هي تنمية هذه العواطف وهي: الحب ودفء العلاقة، التقدير والامتنان، الفضول، الإثارة والشغف، الإصرار، المرونة، الثقة، الابتهاج، الحيوية ، المساهمة والمشاركة.
12ـ تبنّى هاجسًا عظيمًا
كل شخص يمكنه أن يرسم مستقبله المبهر عن طريق وضع أهداف عظيمة ثم العمل بقوة من أجل تحقيقها على أن تكون الأهداف واضحة التصور ومحدودة التفاصيل، يتبعها خطة فورية لتحقيقها، لها مدلول ممتع في الخيال والمشاعر نستمر باسترجاعها مرتين يوميًا على الأقل.
13ـ مارس التحدي الذهني لمدة عشرة أيام
التحدي هو أن تتحكم كليّةً في أفكارك وأن ترفض الركون لأية أفكار أو مشاعر غير مفيدة لعشرة أيام متتالية.
المسار الثاني: تولى زمام الأمور، منظومة التحكم الرئيسة:
وهنا يذكر الكاتب بعض أساليب التحكم في حياتك
1ـ اكتشف المؤثر الأقوى في منظومة التحكم :
إذا أراد شخص تغيير أي شيء في حياته، فأمامه إما أن يغير طبيعة شعوره اتجاه الأشياء أو طريقة تصرفاته، وتغيير الشعور هو الأقوى تأثيراً والأكثر قوة.
2ـ ضع قيما لحياتك الخاصة تكون بوصلتك الشخصية
يمكنك ببساطة أن تغيّر اتجاه حياتك عن طريق إعادة صياغة قِيَمك لكي تُعكس بطريقةٍ أكثر دقة، منتهى آمالك وأهدافك، ضع قائمة بعشر قِيَمٍ تؤمن بها غير متعارضة ورتّبها بالصورة الأمثل، تمسّك بها في تصرفاتك.
3ـ ضع القواعد والأحكام المناسبة
ضع مجموعة من الأحكام والقواعد التي يمكن تطبيقها بسهولة وييسر حتى نشعر بمزيد من الرضا والسعادة، راجع القواعد والأحكام التلقائية التي تفرضها على نفسك وتتحكم بتصرفاتك والتي قد لا تسعدك وضع أخرى تسعدك ويمكنك التحكم بها وتتحكم بحياتك من خلالها.
4ـ نوّع الخلفيات والخبرات المرجعية
يستقي الفرد جوهر معتقداته وقِيَمه من خلفياته المختلفة ومن خبراته الشخصية أو خبرات الآخرين مما سمع أو رأى أو قرأ عنهم في وسائل الإعلام المختلفة وكلما توسّعت دائرة المعارف البشرية من حيث العدد والقيمة كان لها تأثيرًا قويًا في قدرة هؤلاء الأفراد على الاختيار السليم.
5ـ اعمل على تقوية عناصر الهوية الذاتية
هويّتك تستقيها من معتقداتك التي بموجبها ترى وتحدد الأشياء من حولك مما يحدد شخصيتك الفردية وتجعلك متميزًا بين الآخرين، يمكنك صنع هوية أكثر قوة باتباع عددٍ من الخطوات: ضع قائمة بكل العناصر المثيرة والفعالة للهوية التي تتمناها، ضمّنها بصفاتٍ شخصيةٍ أنت مُعجبٌ بها، ضع خطة عمل لتعيش حياة الإنسان الذي تتمناه من جميع النواحي العمل واللبس وغيره.
في الختام
بالنتيجة يقدم الكاتب مجموعة نصائح نهائية منها قوله: عِش كل يوم وكأنه أهم يوم في حياتك ولتجمع بين تلقائية الشباب وحكمة الكبار ذوي الخبرة واستمر في النمو والتعلم والحب وإن مصير الإنسان تصنعه القرارات البسيطة التي تتخذها كل يوم، الأشياء الصغير يمكن أن تكون أشياء عظيمة، القيود الوحيدة التي تحد من تأثيرك على العالم الخارجي هي التي تضعها أنت بتصورك للأشياء وما تلتزم به من أفعال.
مقال ملهم حول الإنجاز وإخراج العملاق الذي يمكن بداخلك من كتاب المؤلف أنطوني روبير
link https://ziid.net/?p=30555