هل وُجدنا لنفشل؟!
ألا تستحي من تسمية نفسك إنسانًا وأنت تحاول البعد عن الوقوع في الخطأ والفشل، ميزة إنسانيتنا يا صاحبي هي وقوعنا في الأخطاء
add تابِعني remove_red_eye 2,414
تكرار الوقوع في الفشل يثقل كاهل المرء، والتصالح مع وجود الفشل في حياتنا وأنه أمر وارد، وأن من لا يفشل لا يتعلم وغيرها من الاعتقادات، قد تذهب أدراج الرياح حال تجربتك لفشلٍ ما.
ما الذي يحدث عندما تفشل؟!
تُذكرك ذاتك بما لم تفعله وبما كان عليك ويجب أن تحتاط له، بالرغم من أنه لا ينفعك في شيء حينها. وللفشل طنين في داخل الأذن يطن على كل تذكر له، ليس هناك مهرب منه، عليك أن تواجه فشلك. فقد تحاول أن تصل إلى مرحلة معينة في علاقة ما مع أحدهم، يلزمك وصله، ورغم تلك المحاولات ترجعك تجاربك يائسًا من عدم الجدوى مما فعلته، ثم تظلّ هذه التجربة تلاحقك عند التواصل مع العديد من الأشخاص، ثم تقرر أنك فشلت في التواصل.
قد تختار مسار علمي تنتهجه في حياتك كدراسة وبحث وطريقة وأفكار معينة، ثم تُوقعك تجارب الحياة في اختبارات متكررة مع ما تعلمته وعرفته واعتنقته، وتكتشف حينها أنك لم تفهم شيئا من ذلك العلم والفكر، ثم تتوقف يائسًا وتردد فشلت في هذا العلم. قد تساعد أحدهم برغبة صادقة وعزم ونية حسنة وقوية للمساعدة، ثم لا تلبث قليًلا حتى تجد أن مساعدتك لم تكن بالشكل الصحيح، وأنها زادت عبئًا على صاحبها بل قد أوقعته في خسارات أكثر مما كان فيها، وتقول مرة أخرى فشلت.
ميزة الفشل أنك بعدما تقرر حدوثه يجعلك تتوقف، وهو أكثر شيء أكرهه في هذا الفشل، فأصحاب التجارب أعلاه توقفوا عن فعل شيء مماثل، والسبب أنهم اعتقدوا أنهم فشلوا. نحن نتعلم بالفشل، وكيف تثبت أنك حي على وجه هذه الأرض إذا لم تفشل!، هناك من فشل 99 مرة ونجح في ال 100، وغيرها عبارات أصبحت غير ذات فعالية، لبعدها عن الواقع وحال السرعة الآن. والإنسان بطبيعته عجول، لكن!!!!
هل معنى ذلك أن الفشل يقول لنا حقيقًة توقفوا؟! أو أنه فقط يشعرنا بالعجز؟!
وهنا المكمن، ذلك العجز الذي يجتاح من فشل في شيء هو مربط الفرس، لأنه هو الفاصل بين الفاشل القديم وبين الناجح الجديد، ذاك الشعور يصاحبه إحساس بالمسؤولية التامة إزاء ما حدث، وعندها عليك أن تقرر البدء من جديد!
هل أكرر ما فعلت؟! نعم. أنت لم تصل بعد، عندما قررت أنك فشلت لأنك وضعت هدفًا معينًا، ولم تفشل في تحقيقه، بل أنت لم تصل إلى ذاك الهدف بعد، لذا ستعِيد التجربة، ستواصل أشخاصًا كثر وستقرأ وستتعلم أكثر وستساعد الآخرين ونفس الشخص مرة أخرى، لكن! بعد معرفة سبب صدور الخطأ الذي أدى إلى عدم نجاح المحاولة. ما نهاية ما نفعله إذاً! وإذا لم نضع لهذا الفشل حَدًّا ونتوقف ونتركه ونذهب لتجربة شيء آخر؟!
إن الفشل والخطأ دليل المحاولة والعيش، فإذا سُئلت ما الذي فعلته في حياتك فستكتشف أنك تمتلك الإجابة، لأنك امتلكت تجارب ومحاولات لم تنجح. وللمحاولة شرف ونزاهة، ليس لها ضوضاء عالية، لكنها ستوصلك لنجاح منشود في الأخير.
على الفشل أن يقود لنجاح أفضل وأكبر بانتظارك، وعليه أن يكون فرصة جديدة لعيش تجارب أخرى، وعليه أن يكون معلم ومرشد لك، ولن يكون ذلك إلا بإيمانك العميق بربك وحكمته في كل شيء يحدث لك، ثم إيمانك بذاتك وباستطاعتك في أن تُعِيد الأمر الكرة تلو الكرة، وفي المحافظة على فألك. ثم عليك تُفهم وضعك، كل شيء له سبب حتى الوقوع في العقبات والأخطاء والخسارات، لا شيء يحدث صدفة وجزافًا، بل هي عملية متصلة من عدة أسباب، أكتشفها وأعرف مكمنها وحللها لتتداركها مجددا، وأخيرًا تحمل ثم تحمل ثم تحمل مسؤولية ما حدث كي تتحقق الاستفادة مما مررت به. وأما عن مُوَاسَاتِي الخاصة لمن أثقلتهم الأخطاء ومن يظلّ عبء اعتقاد الفشل يلاحقهم، لا عزاء، إلا أنّني أقول لهم…
نهاية الأمور توضح لك أن أصعب المواقف التي تحدث لك، قد لا تستحق ردة الفعل تلك. من نجح وربح في المسلك هو الذي اختبر ذاته فيها جرّب، ولاحظ، وعمل، من عرف نفسه جيداً. من تعلّم أن هناك أشياء تستحق وأشياء كثيرة لا دَاعِي لها.
قد تُرشدك الأخطاء، توعيك في أن هناك الكثير مما لا يستحق ذلك الجهد من الغضب، والحزن، واليأس، أنتَ في عالم الحياة. اليوم تشعر بشعور شَيْء غداً يأتيك ما يحوّله إلى سعيد، كأن لا شيء كان. اللحظة هذه أخطأت فيها واعتقدتَ أنك فشلت وغداً تَمُرّ عليك وتتفادى الخطأ، لأنك ببساطة قد تعلمت. لو أننا لا نمرّ بهذه المرحلة لما وعينا مآلات الحياة.
وأخيرًا؛ ألا تستحي من تسمية نفسك إنسانًا وأنت تحاول البعد عن الوقوع في الخطأ والفشل، ميزة إنسانيتنا يا صاحبي هي وقوعنا في الأخطاء.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 2,414
ما المشكلة في الفشل؟ وكيف يساعدنا الفشل لننجح؟
link https://ziid.net/?p=98244