قواعد التفكير الإستراتيجي: نظرة في كتاب فن الحرب
كيف يمكن لكتابٍ عن الخطط الإستراتيجية للحروب أن يساعدنا في حياتنا اليومية؟!
add تابِعني remove_red_eye 14,729
على الرغم من أن كتاب «فن الحرب» الذي بين أيدينا الآن، والذي قام بتأليفه القائد العسكري الصيني “صن تزو”، يُعد أحد أشهر الكتب الكلاسيكية في فن الحروب. إلا أن أي قارئ يقِظ للكتاب لا يسعه إلا أن يسقط ما طواه الكتاب من قواعد ومبادئ على واقعنا اليومي، فيستخلص منه نصائح إستراتيجية لمواجهة صراعاته اليومية.
والأمر الذي جعل الكتاب من أشهر الكتب الصينية التي خلّدها التاريخ وأثّرت في تاريخ البشرية، هو أنه يُعد مرجعًا رئيسًا لكتب الإدارة والتجارة والأعمال والقيادة بشكلٍ عام. فلم يكن الكتاب خاصًا بالقادة العسكرين فحسب، ولكن ما جاء فيه من أفكار ألهمت الساسة ورجال الاقتصاد ورواد الأعمال للتعامل تجاه منافسيهم بطرقٍ إستراتيجية، بل ألهمت الرياضيين أيضًا في المباريات الرياضية.
في البداية وقبل كل شيء، صن تزو ينصحنا لأول مرة تجنب الحرب! أنها ليست فعّالة من حيث التكلفة، ومضرة لكلا الطرفين، لكن إذا كان الأمر لا مفر منه –كمثل ما نواجه في صراعتنا اليومية- فإنه ينصحنا بالاستمرار في السيطرة على مراحل الحرب. هنا نضع بين أيديكم بعضًا من القواعد التي سردها الكاتب في كتابه.
أهم قواعد التفكير الإستراتيجي
1- التخطيط
يخبرنا الكاتب بشأن هذه القاعدة أنه علينا استخدام العقل لتصوير وتخطيط النتيجة التي نريدها، بل والتحرك نحو هذه النتيجة. فيؤكد أن وضع خطة مدروسة جيدًا للحرب يمكن أن يعني الفرق بين الحياة والموت!
ويقول “صن تزو”:
وقد ذكر لنا أيضًا العوامل الخمسة الرئيسية التي يجب مراعاتها دائمًا وهي: القانون الأخلاقي، البيئة المحيطة، القائد، الطرق والوسائل المتوافقة مع الوضع الحالي. وبذلك يرشدنا الكاتب هنا إلى ضرورة دراسة الظروف المحيطة بنا، وكذلك العدو الذي نواجهه، من هو، ماهي نقاط قوته وضعفه، ولم يتوقف الأمر على العدو وحسب!
ولكن علينا أن ندرس أنفسنا جيدًا ونعرف قدراتنا الحقيقية. على سبيل المثال، إذا أردت بدء مشروعك الخاص، عليك أولًا معرفة مواردك ودراسة قدراتك جيدًا، وأيضًا معرفة منافسيك جيدًا.
2- الحروب تُبنى على المكر والدهاء
يقول “صن تزو”: الحرب خدعة وجميع أعمال الحرب تعتمد على الخداع والمكر. ويمكن أن نستفيد من هذه القاعدة في حياتنا الشخصية، هو أنه لا يمكننا كشف جميع اوراقنا للجميع في كل وقت، ليس كل أمر نقوم به نخبره للآخرين!
«دع خططك تكون مظلمة ولا يمكن اختراقها أثناء الليل، وعندما تتحرك كن كالصاعقة»
على سبيل المثال إن كنت تمتلك شركتك الخاصة، لا يمكنك الإفصاح عن خططك أو حتى الخدمات التي تقدمها مرةً واحدة، لا بد أن تحتفظ بشيء من أوراقك بعيدًا عن منافسيك، كي لا تستنفد مواردك مرةً واحدة.
3- ادرس منطقتك جيدًا
يخبرنا “صن تزو” أنه أهم شيء في الحروب هي دراسة البيئة والظروف المحيطة بك جيدًا! فلا يمكنك الفوز بحرب لا تعرف طبيعتها جيدًا.
«حينما تسمع الرعد لا يعني بأنك تسمع جيدًا، وحينما ترى الشمس لا يعني بأنك ترى جيدًا»
على سبيل المثال، إذا أردت أت تبدأ مشروعك الخاص في منطقةٍ ما، فأول ما عليك فعله هو دراسة ظروف تلك المنطقة؛ هل هي بيئة صالحة لتبدأ بها، هل مناخها يتناسب مع مشروعك؟ هل الخدمات التي ستقدمها شركتك أو محلك مثلًا يحتاجها سكان هذه لمنطقة؟ فكم الشركات التي حققت أرباحًا ونجاحًا واسعًا في بلد وأخفقت بشكلٍ كبير في أخرى.
4- ابدأ حربك فقط حينما تكون جاهزًا
يخبرنا الكاتب في هذه الجزئية، أنه يجب ألا يكون هدفك الأساسي هو شن الحروب، بل انتصر أولًا، ثم قرر خوض الحرب ثانيًا. فالتفوق الأسمى يتمثّل في كسر مقاومة العدو دون قتال. فلا تلجأ إلى هذه الحروب إلا إذا تحتم عليك الأمر، ولا تبدأها إلا إذا كنت تمتلك القوة الكافية للانتصار.
«إنها القاعدة في الحرب، إذا كانت قوة العدو عشرة أضعاف، أحط به. إذا كانت خمس أضعاف، هاجمـه. إذا كانت الضِّعف، قَسِّمه. إذا كانت مساوية، أشغله. إذا كانت أقل، تهرب منه. إذا كانت أضعف، تجنبه»
وينبّهنا الكاتب هنا أنه بدلًا من خوض الحروب للانتصار، هناك طريقة أسهل، وهو التأني وانتظار الفرص -وصنعها إذا تحتّم الأمر- لهزيمة العدو! فعلينا أن ننتظر حتى يرتكب العدو خطأ، ونكن مستعدين للاستفادة من هذه الأخطاء.
5- جنودك هم أولادك
من أهم القواعد التي ذكرها الكاتب وهي أنه على القادة أن يتعاملوا مع جنودهم تمامًا مثلما يتعاملون مع أولادهم؛ فلا يقومون بتدليلهم وترك لهم زمام الأمور، وفي نفس الوقت لا يتعاملون معهم بقسوةٍ مفرطة دون احترام أو إبداء أي تقدير.
«عامل رجالك مثلما تفعل مع أبنائك المحبوبين، وسوف يتبعونك إلى أعمق الوديان»
على سبيل المثال، حينما يعامل صاحب الشركة أو مدير العمل أفراد فريقه أو موظفيه كأنهم أحد أفراد عائلته، فحتمًا سيجد منهم الجد والولاء والرغبة العارمة في العمل لتحقيق المزيد والمزيد.
6- استخدم الجواسيس
هنا يذكرنا الكاتب مرةً أخرى بحقيقة أن الحرب خُدعة، وضرورة استخدام أساليب المكر والدهاء، ومن أهم تلك الأساليب -من وجهة نظر الكاتب- هي الاعتماد على الجواسيس؛ لا بد لك من معرفة حقيقة عدوك وذلك لن يتسنى لك إلا من خلال معرفته جيدًا من الداخل!
وحينما نُسقط تلك القاعدة على حياتنا اليومية، نجد أنها تذكرنا بضرورة المعرفة المسبقة للأمور قبل الخوض بها، وأنه لا يمكننا الاقتصار فقط على ما ظهر منها، بل علينا محاولة الخوض في مكنونات الأمور وكشف حقيقة كنتها من الداخل.
وفي نهاية المطاف، دعنا نسرد إليكم أهم الاقتباسات التي طواها كتابنا هذا:
– “إن كنت تعرف قدراتك وقدرات خصمك، فما عليك أن تخشى من نتائج مئة معركة. وإن كنت تعرف قدرات نفسك، وتجهل قدرات خصمك، فسوف تعاني من هزيمة ما بعد كل نصر مُكتسب. أما إن كنت تجهل قدرات نفسك، وتجهل قدرات خصمك.. فالهزيمة المؤكدة هي حليفك في كل معركة.”
– “من السهل أن تحب صديقك، ولكن في بعض الأحيان يكون الدرس الأصعب للتعلم، هو أن تحب عدوك.”
– “إن الأعظم بين القادة ليس المنتصر في مئة معركة، بل ذلك الذي لا يحتاج إطلاقًا إلى القتال لينتصر.”
– “يفوز المنتصرون أولاً ثم يذهبون للحرب، بينما يذهب المهزومون للحرب أولاً ثم يسعون للفوز.”
– “خطّط لما هو صعب في حين أنه سهل، افعل ما هو رائع بينما هو صغير.”
– “وأخيرًا، إذ لم تغامر أبدًا، لن تفوز أبدًا.”
add تابِعني remove_red_eye 14,729
link https://ziid.net/?p=32165