حمية، دايت (Diet)، رجيم (Regime) كلها مصطلحات لنفس المعنى. هي التقليل من الطعام من أجل صحةٍ جيدة وجسم ممشوق.
الترجمة الحرفية لكلمة Regime
هي النظام الحاكم، فهل هناك علاقة بين الحمية والنظام الحاكم؟ أم أن استخدام نفس الكلمة جاء صدفة؟ عموماً نستطيع أن نجد علاقة منطقية بين اللفظين فالنظام الحاكم يحكم ويتحكم والحمية كذلك تحكم وتتحكم بكمية ونوعية الطعام الذي يدخل إلى الجسم فتنظمه ولا تسمح بالفوضى ولا بإدخال الطعام على الطعام. وإن كانت الحمية ذات سُلطة عادلة فلن تظلم الجسم أما إن كانت تملك سُلطة جائرة فلابد أن يتعرض الجسم للظلم وتُهضم حقوقه.
صيت الحِمية
كان صيت الحِمية منذ قرون مضت بغيضاً وغير جيد وما زال، يعتبرها البعض العدو اللدود للنفس لا للجسم، فهي من مسببات الحرمان، تأتي موجة البغض كلما جاع الجسم فيبدأ الصراع بين الرغبة في الأكل ورفضه، فالجسم يصرخ لا تأكل والنفس تصرخ بل كُلْ الأخضر واليابس. صراع دموي متكرر من ٣ إل ٤ مرات في اليوم. لذلك يكره المرء لحظة الجوع التي تدخله في ذلك الصراع. ويبدأ بالخلاص منها والركون لمنطقة الراحة بأكل ما تقع عليه يداه وتنظر إليه عيناه. بل ويزيد جرعات الحلوى كهدية للجسم الذي افترض أنه محروم.
ما الذي أثّر على صيت الحِمية فجعلها مكروهة؟
هناك الكثير من النكات التي ولّدها المجتمع تعكس مدى الهم الذي يحمله الناس لمجرد أن تذكر الحِمية في المجالس، فلماذا كل هذا؟ إنها (متعة الطعام). إن للأكل متعة يشعر بها الشخص فيتلذذ في اختيار أصناف الطعام واختيار الأماكن التي سيأكل بها ذاك الطعام ولا ننسى اختيار صُحبة الطعام فهناك أناس لا يحلو الطعام إلا معهم وبهم، ذلك التنوع ما هو إلا متع تقض مضجع الحِمية التي ستحرم ذلك المستمتع من الأكل والفسح والصحبة، فيغض طرفه عنها وعن فوائدها وكأنه لا يعلمها. وهناك أيضاً سبب آخر وهو أن الحمية عند أغلب الناس ليست نظام حياة.
من الخطأ جداً أن نتعامل مع الحِمية كمشروع يحتاج لتخطيط ودراسة جدوى وحسابات، فالأصل أن الحِمية نظام حياة لا ينفك عنها كما النوم والأكل والشرب، أشياء طبيعية في حياة الإنسان يفعلها كروتين يومي.
الإنسان عدو نفسه في بعض الأحيان، يعلم أن إدخال الطعام على الطعام مفسدة ورغم ذلك يأكل الاخضر واليابس، يعلم أن تناول الطعام الساعة الثانية عشر ليلاً يُهلك الجسم ورغم ذلك لا يستطيع أن يتناول عشاءه إلا في ساعات متأخرة من الليل ولا يستحسن الثلاجة إلا في ذلك الوقت، يعلم أن الزيوت المهدرجة والمتحولة هي سموم تملأ خلايا الجسم ورغم ذلك لا يستمتع إلا إذا تناولها، وغيرها الكثير من التناقضات في رحلة الطعام.
أصدقاء الحِمية
كما قلنا سابقاً الحِمية نظام حياة، إن قررنا أن نصاحب الحِمية إلى الأبد فهو القرار الصائب الراجح، إنها حماية لأجسامنا من العطب وتراكم السموم والأمراض المتكررة التي لا تنتهي، الحِمية هي توازن بين الجسم والنفس، هي السعادة بالإنجاز، هي أن أرى التغيير الإيجابي على نفسي فتتملكني السعادة التي أحتاج وأفرح بالنتائج. نحن نعقد صداقة مع الحِمية ومن ثَمّ مع الرياضة. الحِمية والرياضة صديقان حميمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، ومن فكر بأحدهما لابد أن يفكر بالآخر، فمن غير المنطقي أن نقلل كميات الطعام دون تحريك للجسم. فمن يقرر أن يبدأ بالحمية يبدأ بالرياضة أولاً.
العبارة المتكررة: “أريد أن أصل لهدفي في التنحيف ثم أثبت حتى لا أزيد” كلمة (أثبت) تعني أن الحِمية سترافقك مدى الدهر لتتمتع بصحة جيدة بعيداً عن التُّخمة، هذا إن كنت صادقاً في قرارك.
كيف أجعل الحِمية نظام حياة؟
لا بد أن تتقبلها كصديق مرافق ليل نهار، كالظل الملاصق لا يمكن أن يبتعد عنك، تقبلك لفكرة الحِمية يعني أنك لا بد أن تستغني ذهنياً وعملياً عن الكثير الكثير من أصناف الطعام غير الصحية مثل الشكولاتة ذات الزيوت المهدرجة واستبدالها بالشكولاتة الخام، نستغني عن السكريات المصنعة بطرقٍ غير صحية واستبدالها بالحلويات ذات المكونات الصحية مثل السكر الطبيعي وعجائن المكسرات وذلك بطحن مجموعة من المكسرات واستخدامها كعجينة، لا بد من الاستغناء كذلك عن العصائر الصناعية ذات الأصباغ والمشروبات الغازية واستبدالها بالعصائر الطبيعية، استغنِ عن كل ما يقال لك أنه ضار، عليك أن تقلل نسبة الكربوهيدرات اليومية، ومبيضات القهوة الصناعية واستبدالها بالحليب الطبيعي أو حليب جوز الهند،.
عليك بالاستغناء الذهني أولاً كتدريب للعقل على تقبل الحمية كصديق حنون عليك ويحب لك الخير والصحة الجيدة. ثم بعد ذلك ابدأ بالاستغناء العملي سترى كيف ستتمتع بجسم صحي وستنجح في رفض كل ما يؤثر على صحتك سلباً.
تاريخ النشر: الجمعة، 13 ديسمبر 2019
link https://ziid.net/?p=44742