رسائل بين الأصدقاء في زمن كورونا
الحلقة الاولى من سلسلة مراسلات بيني وبين مجموعة من الاصدقاء حول الحياة في زمن الحظر في السعودية
add تابِعني remove_red_eye 529
جرت عادة الاصدقاء في القديم عندما تحول بينهم المسافات لأي سبب كان، ويصعب عليهم التواصل، أن يوثقوا تلك المرحلة بمراسلات تعكس الجو العام وتلقي ببعض الضوء على مشاعرهم ووجهات نظرهم حول ما يحدث، فأصبحت تلك المراسلات وثائق تاريخية حتى أن بعضها -بعد عقود أو قرون- يُتداول بقيم مرتفعة لارتباطها بأحداث غامضة أو شخصيات مهمة اثرت على المشهد.
بالطبع لسنا هنا الا لنوثق الزمن ببضع كلمات وحسب نستثير بها القارىء ان يتخذ من الكتابة حلًا لبعض مشاكله، الكلمات التي سننشرها استثارتها رسالة كتبتها لمجموعة من الاصدقاء الاعزاء الذين باعدت بينهم فترة الحظر المطبق في السعودية منذ ١٩ مارس ٢٠٢٠ وحتى الان.
نص الرسالة
صديقي العزيز،
جائحة كورونا تعصف بنا .. تعيد ترتيب حياتنا .. تلك القيم والأولويات التي نتمسك بها في أوقات الرخاء اختفت وتبدلت وحل مكانها قيم أخرى بأولويات متباينة، رغم كل ذلك -والحمدالله- ما زلنا نتمتع بنعم كثيرة، مازال لدينا وطن يهتم بأبنائه، سخر طاقاته في كل النواحي لسلامتنا واستقرار حياتنا قدر المستطاع، هو فقط رتم الحياة الذي اعتدناه من تبدّل وتغير.
صديقي العزيز،
حرمتنا الجائحة لقاءك، وحرمتنا ساعات الحظر أحاديثك الرائعة والاستمتاع بأفكارك المتميزة الملهمة وشغفك للحياة.
ما الذي تغير في حياتك يا صديقي؟ حدثني عن أمرٍ عميق تغير، عن روتين حياة تبدل، عن شوق كبير تضخم، حدثني عن آمالك لما تبقى وعن أمنياتك لما بعد زوالها، ماذا تتمنى ان تفعل؟ حدثني عن حالك الان كيف تراها، عن مخاوفك التي تحدّث بها نفسك وتلك التي لا تريد التفكير فيها لو طالت.
حدثني عن التفاؤل الذي يسكنك ولا زلت تحاول التشبث به، اخبرني كيف تفاعلت مع ما يجري؟ هل تتذمر؟ أم أنك تعايشت بقلب مطمئن وتأمل خيرًا؟ بماذا كافحت شعور الملل أو سهام الخوف أو موجات عدم الثقة التي لا تتوقف؟
أعلم أن رمضان فرصة مغايرة، جاء في وقته فأعاد الطمأنينة لقلوبنا وعلاقتنا مع القيم العليا، دعنا نكتب عن كل شيء، دعنا ننظر بتمعن اكثر لانفسنا.
أنتظر ردك وحديث نفسك الصادق، فتلك الأسطر التي ستكتبها ستوثق مرحلة مهمة في حياة الانسان المعاصر.
هذا مشروع نأمل منه تدوين أفكارنا وهمومنا وحربنا مع هذا الوباء.
فالحروب والأزمات الإقتصادية أو الأوبئة والأمراض لم ولن تتوقف، والتاريخ شاهد على ذلك. والانسان يثبت في كل مرة أنه سيقف صامدًا وسيقاتل طلبًا للنجاة وهذا ما نريد توثيقه.
دمت بخير ودامت حياتك مذهلة منتجة مستقرة بنمو وسعيدة بحبور..
المرسل صديقك
أبويوسف – إبراهيم
الرسالة الأولى من طبيب في الصف الأول في حرب كرونا
“أحدثك ياصديقي من أرض المعركة مع جند كُثر -رجالا ونساء- نخوض غمار أرضٍ مليئة بالألغام المتحركة، فايروس خفي ينتشر بسرعة بين البشر، نتعرف على خطورته وبعض الغرابة في سلوكياته، فيروس يسلك نهجًا مختلفًا بعض الشيء عن أبناء عمومته ممن حاربناهم قبل سنوات.
الحمدلله الذي قدّرنا لنقود الجيوش، وكل فرد له دور في هذه المعركة، تبين ليّ أنه فعلًا “كلنا مسؤول”
نَفر من أصدقائي أصيبوا وسقطوا في أرض المعركة، منهم من نجا ومنهم من فاز بالشهادة، لا أمانع أن أصاب باللغم، لكن هناك قلق بين الجند من أن تصبح أنت اللغم الذي يقضي على أحبابك، يعلم الله أننا نقوم بواجبنا ولا نمنّ على أحد مانعمل ونفخر أن الله شرفنا بالاختيار.
عادة، في حالة حدوث أمر سيء -فقدان حبيب أو خبر محزن- قد يشعر ويمر الإنسان بالحزن، هناك خمسة مراحل للحزن وغالبا يكون الحدث الذي سبب الحزن انتهى.
مايحدث خلال هذه الجائحة هو نوع من إحساس وشعور كافة فئات المجتمع بالحزن الاستباقي “الحزن المرتقب”. الحزن المرتقب يجعلنا نغوص في تخيلات مختلفة للمستقبل. هناك عاصفة قادمة.. شيء -هو الأكثر سوءًا- سيحدث مع هذا الفيروس، هذا النوع من الحزن الاستباقي المرتقب مربك جدًا للجميع.
مراحل الحزن الخمسة أو مايعرف بمراحل الصدمة النفسية
١.الإِنكار — “أنا بخير”، “لا يمكن أن يحدث هذا، ليس لي.”
٢.الغضب — “لِمَ أنا؟ هذا ليس عدلًا”، “كيف يحدث هذا لي؟
٣.المساومة — “فقط دعني أعيش لرؤية أطفالي يكبرون.”، “سأفعل أي شيء من أجل أن تعود لي”:
٤.الاكتئاب — “سأموت على أي حال، ما الفائدة من اي شيء سأفعله؟”، “لقد رحلت\رحل، لماذا أستمر بعده\بعدها؟
٥.التقبل — “ما حدث حدث ويجب أن أكمل الطريق”، “لا فائدة من المقاومة، من الأفضل أن استعد لما سيأتي”
مهم جدًا فهم المراحل المختلفة ومعرفة أنها لاتأتي تباعاً، مرحلة تلو الأخرى.
وقد لا تحدث بهذا الترتيب، فهمنا لمشاعرنا وردة فعلنا وأننا قد نمر ونشعر ونعيش بأكثر من مرحلة بنفس الوقت مهم جدًا للتعايش والتكيف وعدم فقدان التوازن.
ماذا من الممكن أن أفعل؟
إيجاد التوازن في الأشياء التي أفكر فيها، وترك ما لا يمكنني التحكم به،
“فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً”
ختاما شكرا لسؤالك ياصديقي،،، نسأل الله أن نلتقي قريبًا على خير وأحسن حال.
ع. ص.
add تابِعني remove_red_eye 529
link https://ziid.net/?p=56476