كيف يقاوم طلاب السنة النهائية التوتر في ظل الجائحة؟
طلاب السنة النهائية يشعرون بتهديد كبير ،الجائحة والأخطار التي تتمثل لهم في الخروج لأداء الامتحانات، وفي الامتحانات نفسها.
add تابِعني remove_red_eye 61,969
منذ ضربت الجائحة العالم أجمع، ونحن بحالة من التخبط جميعًا، ما بين القلق والتوتر، نعيش حياتنا، توقفت الكثير من الأنشطة توقفت الحياة في الكثير من الأماكن، اتخذت اجراءات لم نكن لنتوقعها أبدًا، أغلقت المدارس وعلقت الدراسة، مُنعت التجمعات بكل أشكالها، لم تعد هناك فرصة ليقابل الطلاب أساتذتهم إلا عن طريق شبكات الإنترنت، ولكن بقي لدينا طلاب المراحل النهائية مطالبون بالخروج لأداء الامتحانات، وبعض البلاد علقت امتحاناتهم إلى أجل غير مسمى، ولا أحد يعرف متى تتوقف معاناتهم التي يشعرون بها، ولا أحد يمكنه تخيل الألم والشعور بالإحباط، بل وفي بعض الأحيان الدخول في فترات حزن طويلة والتي بالطبع قد تفضي لاكتئاب.
كيف يُفترض بالآباء أن يتعاملوا في مثل هذه الظروف؟
أبقوا غرفهم مفتوحة
أعزائي الآباء والأمهات لا تتركوا أبناءكم نهب خيالاتهم، يجب عليكم الدخول أخيرًا لعالمهم، ووضع أحلامكم التي زجّجتموهم فيها جانبًا، إن أول وأفضل ما قد تفعلونه لهم هو إخبارهم بأنكم تقبلونهم، وأنكم تحبونهم وأن قيمتهم لديكم أغلى من بضع درجات.
الأمر الآن لا يحتمل أيّ مطالبات منكم لهم بالمذاكرة، بالطبع لا أقصد بذلك أن تَدَعُوهم إلي الخمول أو الكسل، وإنما ما تفعلونه فقط هو إخبارهم بأنهم مقبولون ومحبوبون، ومُعْتنًى بهم، لأن تلك هي احتياجات الإنسان النفسية من دائرته القريبة، فإذا لَبَّيْت تلك الحاجات النفسية أصبحت مناعته النفسية أقوى وقدرته على المقاومة أصلب.
عندما كنت بالسنة النهائية في الجامعة كنت أخبر صديقتي كل صباحَ امتحانٍ أنه لا يمكنني الذهاب لن أتمكن من الأداء جيدًا، حينها كنت أواجه فقط الخوف من الفشل في السنة الأخيرة، وليس من خطر وبائي، وحينها كانت تقوم بدعمي تخبرني أنني قادرة على تخطي كل الصعوبات والمُضِيّ قدمًا وأنني سأتمكن من تحقيق أحلامي.
فللدعم دور مهم، ولا سيما في تلك الأحوال العصيبة، لذا أخبركم افتحوا غرفهم الآن واحتضنوهم أخبروهم أنهم مهمون، وأنكم جواراهم، جاهزون للدعم في أي وقت، وبأي طريقة. لا تصابوا بالذعر أيضًا حينما يخبرونكم برغبتهم في التأجيل أو عدم دخول الامتحان، إنها غالبًا رغبة يحركها الخوف ليس أكثر ويمكن تجاوزها بقليلٍ من الدعم.
هلّا أغلقتم قنوات الأخبار؟
لأنني شخص قد يقتله التوتر كَفَفْتُ عن متابعة الأخبار منذ زمنٍ طويل ونصحت كل من أعرفهم بذلك، إن متابعة الأخبار لحظة بلحظة أمر لا يَجْلب إلا السوء، ما دمت تعرف أساليب الوقاية، وكيفية التعامل مع الأحوال الطارئة، فلا حاجة لك بمتابعة المزيد من الأخبار أو على الأقل يجب عليك أن لا تُمَرِّرها لأفراد أسرتك ومِن ثَمَّ أبنائك.
تقول صديقة لي في السنة النهائية من الجامعة:
(عندما أستمع للأخبار التي تحمل أعداد المصابين أو عدد الموتي وتطورات المرض يصيبني الذعر، هل سأتخرج أصلًا، هل سأعود من امتحاناتي سالمة):
وتقول أخرى:
(أشعر بالاجدوى، لما أذاكر أصلًا والبشرية على أعتاب النهاية؟).
زيادة المجهود لا تعني أبدًا أن الأمور على ما يرام
إن زيادة المجهود في المذاكرة عن الطبيعي لا تعني أبدًا أن الأمور تسير على ما يرام، بل أنها قد تعني أحيانًا ( أنا أغرق أنقذني) ذلك أن التغيُّر الحادّ في السلوك عن الطبيعي يُعَد مؤشِرًا خطيرًا.
لاحظت أن أخي الأصغر لم يعد ينام تقريبًا، يشعر أن النوم بلا جدوى وأنه يجب أن يُحَصِّل أكثر، زاد صمته وابتعاده عن العائلة، ظننت في بادئ الأمر أنه يحاول بذل المزيد من الجهد ولكن الإحباط كان يبدو واضحًا، لذلك تحركت أغلقت الكتاب الذي يمسكه، وأخبرته أنه لا يجب عليه أن يقتل نفسه من أجل بضع درجات، فليذهب كل شيء للجحيم، فلا نفع للكثير من الدرجات مع إنسان يشعر بالكآبة، لأن الكآبة والحزن بعد ذلك ستعوقه من الحياة الطبيعية.
كما أن الملاحظ على الطلاب في تلك الحالة تكون مذاكرتهم بلا فائدة، إنه مشتت على الأغلب، يشعر بالخوف والقلق فيلجأ للزيادة من معدل مذاكرته حتي يسكت ذلك الصوت الداخلي، ربما يصرخ صوته بالداخل مطالبًا الكف عن تلك العملية، يخبره بلا جدوى عملية المذاكرة فيزيد من هذا الأمر، أو ربما يكبت مشاعر غضب بداخله ويخدع دماغه بأن الأمور تسير علي ما يرام بل إن معدل التحصيل يزيد، وفي الواقع المحصلة تكون صفرًا.
في تلك الحالة حاول أن توصل له مشاعر القبول، وتوقع الرفض هنا، لذلك يحين الوقت لما بعد ذلك وهو تفريغ المشاعر، ومن الطرق التي قد تساعد على تفريخ المشاعر:
- ممارسة الرياضة: وهي أفضل وأنجح الطرق والأساليب على الإطلاق لإخراج مشاعر الكبت والغضب.
- يمكنه مشاهدة عمل يفضله: مثل فيلم كوميديًّا يحبه، هو الآن بحاجة للضحك، أو صنع حلوى مفضلة له ولكن ليشارك في صناعتها.
- التعبير عن المشاعر بصورة مادية: مثل العناق والتربيت، فلا تسهين بمفعول تلك الأفعال، فالفعل البسيط قد يبدو عظيم الأثر.
- ألعاب الفيديو: ألعاب الفيديو وخاصة الألعاب التي يحبها قد تكون مصدرًا لتفريغ الغضب أو الحزن.
أما أهم طرق التفريغ في وجهة نظري هو أن يتحدث عن مشاعره تلك: أن يشاركها، لا يهم مع مَنْ.. معك أو حتى بعض الأصدقاء، أو حتى يمكنه كتابتها إذا كان يجيد الكتابة، أسمي تلك العملية تحليل الشعور.
فأنا حينما أشعر بغضب داخلي لا يكون نتاجًا لشعور واحد أو موقف واحد، بل يكون نتاجًا لعدة مواقف وأحاسيس أخرى تتجمع في صورة واحدة وهي الحزن أو الغضب.
البكاء أيضًا حّل ناجح، فهو ليس عيبًا مثلما يظن بعض الصبية، بل هو أسلوب رائع يجب أن لا ننشئ الأبناء الذكور على احتقاره أو التقليل منه، أو حتى وصفه بأنها من صفات الفتيات فقط.
ماذا لو لم تُجْدِ الحلول نفعًا؟
إذا وصل الابن أو الابنة إلى حالة من تغيُّر السلوك، أو أعراض الحزن الشديد، ولم يُجْدِ الدعم له نفعًا، فهذا يعني أن الوقت حان لاستشارة متخصص، يمكنك زيارة طبيب نفسي مع الأخذ في الاعتبار الإجراءات الوقائية كاملة، حتى لا يتفاقم الوضع إلى ما هو أخطر من ذلك، ولكن إن لم يكن ذلك الخيار متاحًا، فيمكن الاستعانة باستشارة من الطبيب عن طريق الهاتف، أو زيارة المواقع الموثوقة التي توصلك بالأطباء النفسيين مثل موقع (شيزلونج).
إن الحالة النفسية بشكل عام هي خط دفاعنا الأول تجاه جميع الأمراض، فبعض الأمراض العضوية تحدث نتيجة لمشكلة نفسية، وإن من علامات المناعة القوية أن يكون الإنسان صحيحًا نفسيًّا، فالصحة لا تعني أن يكون الإنسان خاليًا من الأمراض فحسب بل أن يكون متوافقًا نفسيًّا مع نفسه وبيئته قادرًا على إدارة الضغوطات.
أخيرًا عندما يذهب الطلاب إلى امتحاناتهم يجب اتخاذ كافة التدابير الوقائية، والتعامل معه حينما يعود باحتمالية حمل المرض على ملابسه أو جسده، فيتم التعامل معه بحرص، والحرص على تغذيته جيدًا حتى تكون مناعته قوية، وتجنبوا دائمًا المراجعة بعد عودته من الامتحان، فإنها تصيب الشخص بالإحباط، ودائمًا أخبروهم أنكم تحبونهم، وتقدرون جهودهم وما يترتب عليها أيًّا كانت النتائج.
add تابِعني remove_red_eye 61,969
مقال موجه لكل طلاب في السنة النهائية ولا يدري ماذا سيحدث وسط أخطار الكورونا وصعوبة الامتحانات
link https://ziid.net/?p=55235