أنا وزلزال مصر ١٩٩٢ شجن لن تشفيه الأيام
لحظات لن أنساها أبدًا، ليست وقت زلزال ١٩٩٢ فحسب بل لحظات ما قبل وقوع الزلزال، كان لدي شعور غريب بأن حدثًا ما سيقع
add تابِعني remove_red_eye 15,893
تسبب الزلزال الذي وقع مؤخرًا في جنوب تركيا وعدة مدن بشمال سوريا في حالة من الحزن على كل أهالينا بالبلدين في تركيا وسوريا، هذا الزلزال الذي هز شجن الإنسانية، حيث خلَّف هذا الزلزال العديد من الحالات الإنسانية الصعبة، وكما شد هذا الزلزال انتباهنا لنتابع أهلنا بتلك البلاد، أيضًا تسبب هذا الزلزال في فتح باب الذكريات التي لن أنساها أبدًا عندما عاصرت زلزال مصر يوم ١٢ أكتوبر سنة ١٩٩٢، هذه الذكريات ذات الشجون التي لن أنساها أبدًا.
كلمة زلزال
قبل أن أسرد ذكرياتي حول كارثة زلزال مصر ١٩٩٢، أتذكر أول مرة أسمع كلمة زلزال، فعندما اهتزت الأرض لم أكن أعلم ما هذا، وكنت أبلغ من العمر عشرة سنوات، وسمعت كبار السن من جيراننا يقولون زلزال، حاولت أتذكر الكلمة لكن كانت صعبة علي، والغريب أنني كنت أقرأ القرآن الكريم بكل إتقان حينها، ومررت على سورة الزلزلة، لكني حينما سمعت كلمة زلزال من كبار السن كأنني لأول مرة أسمعها.
لحظات ما قبل الزلزال
ما زلت أتذكر اللحظات القليلة قبيل حدوث كارثة زلزال مصر ١٩٩٢، راودني شعور غريب جدَّا، حيث جئت من المدرسة، ولم أغير ملابس المدرسة، لم أتناول حتى طعام الغداء حيث أسرعت فوق سطح المنزل، حيث كنا نخزن حطب القطن لاستعماله كوقود، فكنت قد قررت ألا أذهب للمدرسة في اليوم التالي، وقررت أن أجمع كمية من القطن المتبقي بين الأحطاب، وانهمكت فعلًا في جمع القطن لمدة ليست بالكبيرة، وراودني شعور غريب حقًّا، ما زلت أتذكر هذا الإحساس حتى الآن.
شعرت وكأن أمرًا مهمًّا جدًّا سيحدث، لكن لا أعلم ما هذا الأمر، شعرت وكأن أحد يوسوس لي بداخل وجداني، وكأني فهمت بأن هذا الهاتف يبلغني بأن أمرًا حالًا سيحدث الآن الآن الآن. (حاجة هتحصل الوخت الوخت الوخت )، فكنت ألتفت حولي فلا أجد سوى الأحطاب، فلم أهتم بهذا الإحساس، ظننت أني فقط كنت خائفًا من تبعات قراري الذي اتخذته حينها بعدم ذهابي للمدرسة في اليوم التالي في ذلك الوقت.
وبعد لحظات شعرت بالأرض تتحرك بسرعة والبيت يهتز، فبدون أية مقدمات وجدت نفسي أجري وأقفز من فوق الأحطاب ونزلت من فوق السطح بمنزلي ذي الطابقين بسرعة بالغة، ثم انتهى الزلزال، فأسرعت للسطح مجددًا حتى آخذ القطن الذي جمعته، فسمعت صرخات الناس من حولنا، فانتابني فزع شديد، كل هؤلاء الجيران شعروا بهزة في بيتنا، فنزلت فوجدت الجيران يتجمعون بمكان فضاء، وكانوا يقولون إنه زلزال.
قصة زلزال ١٩٩٢
في يوم زلزال ١٢أكتوبر 1992 صباحًا كنت حينها بالصف الرابع الابتدائي وكان لدي صحة حساب للأستاذ “راوي” الذي أتذكره جيدًا حتى الآن، وكلفنا بواجب صعب إلى حد ما، وكان حول العامل المشترك الأعلى، والعامل المشترك الأدنى، وقال (اللي مش ها يحل الواجب ما يجيش بكره أحسن) وكان إحساسي إن (حاجة ها تحصل) لأنه كان بالفعل معلم لديه ضمير، وكان مهتمًّا جدًّا إن الكل (يحل الواجب بنفسه) …
وعندما انتهى اليوم الدراسي ذهبت للمنزل سريعًا، ذهبت إلى فوق السطح حتى قبل ما أتغدى (لا مش عشان أحل الواجب) كان همي كله أجمع بعض من القطن من الحطب الذي ما زال أخضر فوق السطح، وكنت أعتبره تحديًا شخصيًّا أن أجمع كمية كبيرة كمان من ( اللاشيء)، وبالفعل جمعت حوالي كيلو في زمن ليس بالطويل، وتوقفت فجأة حيث شعرت بخوف شديد – والله على ما أقول شهيد – (حسيت إن حاجة ها تحصل) (لكن إيه هي مش عارف) ظننت إنه من الممكن أن تضربني أمي مثلًا لأني ذهبت للحطب بلباس المدرسة على السطح.. وفجأة كان البيت يهتز بشدة، ولا أعلم السبب، وبعد ثوانٍ وجدت الناس في الشارع تصرخ، فلم أهتم بالقطن ونزلت بسرعة الأسفل.
خبرة كبار السن
وجدت حينها كبار السن ينصحون الجميع بالخروج للأماكن الخالية بعيدًا عن المباني، لأن ما حدث هو زلزال وقد تقع المنازل علينا، حينها حزنت جدًّا على ضحايا الزلزال بمصر، وما زلت أتذكر ما كانت تقوله نشرات الأخبار حول قيام رئيس جمهورية مصر العربية حينها الرئيس محمد حسني مبارك عندما كان في الصين فقطع زيارته خصيصًا ليتفقد آثار الزلزال الأليم.. وتأجلت الدراسة ثلاثة أسابيع.. وتتابعت المساعدات العينية والمادية لمصر من جميع دول العالم.. كنت أشعر حينها أن المساعدات كأنها لي شخصيًّا ذكريات لكنها ذكريات ذات شجن.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 15,893
تجربة مؤلمة وفريدة من نوعها .. يناقش فيها المحرر ما حدث في مصر في زلزال 92 الشهير
link https://ziid.net/?p=111677