كيف نمنع تأثر الأطفال بالانفصال، وكيف يشبع الوالدين حاجتهم النفسية؟
الانفصال أمر مؤسف بالطبع، ويكون وقعه على الأطفال أكبر من الوالدين إذا تم التعامل على إثره بصورة خاطئة، لذا يجب التعامل بحرص بعده
add تابِعني remove_red_eye 11,872
حينما نبدأ بذكر كلمة الانفصال لا يخطر في الأذهان إلا التأثير السلبي الذي يمكن أن يتركه هذا الأمر في نفوس الأطفال، ولربما كان هذا السبب هو ما يؤخر الكثير من حالات الطلاق في العالم، فمبجرد طرح الفكرة يدور في الذهن مشهد تخيلي لحالة الأطفال بعد الانفصال، إلا أن أغلب الآباء والأمهات لا يعلمون أن هناك الكثير من الحلول التي تحول دون تأثر الأطفال السلبي بالانفصال، ويغفل عنهم أيضًا أن وجودهم معًا وهم منفصلين روحيًا له تأثير أسوء على الطفل من انفصالهم فعليًا.
كيف نحمي الأطفال من التأثر السلبي بالانفصال
لن أكذب عليك وأقول أن الطلاق هو الحل الأمثل في الخلافات، أو أن الأطفال الذين ينشأون في كنف والديهم مثلهم مثل الأطفال الذين ينشأون بين أبوين منفصلين، ولكنني أقول أن الطلاق – إذا كان هو الحل الوحيد المتبقي – أفضل بكثير من علاقة يشوبها التوتر والإهانة مما يؤثر على حياة الأطفال بصورة أكبر.
كل ما علينا فعله عند اتخاذ القرار بالانفصال هو أن نكون على بينة بالطريقة التي لا تجعل أطفالنا يتأثرون سلبًا بهذه الخطوة، وأن نكون على قدر من المسئولية بحيث نستطيع أن نشبع حاجة أطفالنا النفسية وإبقاء سعادتهم كأهم أولوياتنا، لذا إليك أهم الطرق التي تخفف من تأثير انفصالك على أطفالك:
اعطِ طفلك الفرصة لاستيعاب ما حدث
تأثير الانفصال على الأطفال يختلف عن تأثيره على الكبار، فالطفل كائن لا يعتمد على نفسه بل يستمد قوته وأمانه من والديه، وبالتالي عندما يحدث انفصال لا يستطيع عقل الطفل معالجة هذا الأمر وفهمه في الحال، لذا يجب تفهم الاضطراب الذي يمر به الطفل في هذه المرحلة، وإعطاؤه الفرصة لاستيعاب هذا الحدث الجلل في حياته.
في هذه المرحلة سوف يسأل طفلك العديد من الأسئلة، ويجب على كلا الأبوين أن يكونا صادقين في الإجابة على الأسئلة التي يعرفون إجابتها، وصادقين أيضًا مع الطفل حينما يسأل أسئلة لا يوجد لها إجابة في الوقت الراهن.
امنح طفلك الطمأنينة
يفقد الأطفال وقت الانفصال مفهوم الأمان والطمأنينة والاستقرار، ويفكرون في العديد من الأشياء، هل كانوا هم سبب الانفصال؟ هل يمكم إصلاح ما حدث؟ هل سيتركهم أحد الوالدين ويختفي من حياتهم تمامًا؟ هل سينفصلوا عن أخوتهم؟ هل سيتركون المنزل؟ وغيرها من الأسئلة التي تنم عن الخوف من المستقبل المجهول.
يجب على الأبوين في هذا الوقت منح الطفل الأمان، والتأكيد على أنه لم يكن طرف أبدًا في مشكلة الانفصال، وأن هذا القرار لا دخل له به وهو غير مسئول بأي حال من الأحوال عنه.
حافظ على استقرار حياة طفلك
لا يجب أن يحدث اختلاف كبير في حياة الطفل بعد الانفصال، فمثلًا يفضل أن يبقى الطفل في منزله ولا يغادره، ولا يجب أبدًا أن يتم تقسيم الأولاد بين الوالدين، لا تفصل أولادك عن بعضهم البعض.
كما يجب على الوالدين أن يخبروا أطفالهم أنهم يحبونهم، وأن قرار الانفصال لا يعني أن حبهم قل تجاههم، ولا يعني أيضًا أنهم أصبحوا يكرهون بعضهم البعض، إنما تم اتخاذ هذا القرار للحفاظ على حب الوالدين واستمرار احترامهم لبعضهم، وأن اختلاف الآراء والأفكار التي أدت إلى الانفصال لا تعيب أحد الوالدين ولكنها تنم عن الاختلاف الطبيعي الذي خلقه الله سبحانه وتعالى في البشر، والذي يجعل أشخاص يتأقلمون معًا وأشخاص لا.
تجنب انتقاد الطرف الآخر أمام طفلك
كثير من الآباء والأمهات بعد الانفصال ينتقدون بعضهم البعض أمام أطفالهم، فالأم تقول أمام أطفالها أن أبوهم رجلًا سيئ الأخلاق وأنها نادمة على معرفته، وحينما يذهب الأطفال إلى الأب يسألهم عن حال أمهم المجنونة التي قررت الانفصال عنه وهو أحسن الرجال.
هذه الأخلاق السيئة التي يمارسها الأبوين هي ما يؤثر سلبًا على الأطفال، لذا يجب التوقف عن الانتقاد تمامًا، ولا يجب أن يذكر طرف الطرف الآخر إلا بكل خير ومودة، ولا يجب أن يصرخ الأبوين كلما تقابلا في وجه بعضهم البعض، فعلى الرغم من انفصالهم إلا أن هناك خيط قوي ما زال يربطهم وهو أطفالهم، لذا يجب أن يتوقفوا عن الأنانية ويفكروا قليلًا في مصلحة أولادهم.
لا تنتقم من شريكك على حساب طفلك
هناك الكثير من القصص السيئة التي سمعنا عنها جميعًا، أب ينفصل عن أم فيحرم أطفاله من كل شيء، يتوقف عن دفع مصروفات المدرسة، يبتعد ولا يزورهم، يقوم بإهانة الأم في كل مرة تسنح له الفرصة فيها، والعكس، أم تنفصل عن زوجها فتقوم بحرمانه من رؤية أطفاله، وترفع العديد من القضايا تجاهه لمجرد أن تجعله لا ينعم بالراحة، وكلها أمور لن تشفي غل صدورهم لكنها ستؤذي حتمًا أطفالهم.
استمر في المشاركة في حياة طفلك، اذهب معه إلى اجتماع الآباء في المدرسة، قم برؤيته كثيرًا واخرج معه، ولا مانع أبدًا من الخروج جميعًا بما في ذلك الوالدين والأطفال مرة كل أسبوع أو أسبوعين، هذا سيساهم كثيرًا في استقرار نفسية طفلك.
حافظ على التواصل الجيد مع شريكك السابق
لا يعني الانفصال أن سبل الوصال بين زوجك السابق تقطعت كلها، كان هناك حياة كاملة مشتركة وعشرة يجب أن يراعيها كلا الطرفين، لذا حافظ على التواصل الجيد مع شريكك السابق، واجعل علاقتكم كلها مودة واحترام متبادل سواء أمام الأطفال أم لا، لأن هذا الهدف هو ما تم الانفصال لتحقيقه، وإلا لما انفصلتم ما دامت الإهانة والعداء سيظل مستمرًا بينكم؟
اطلب من شريكك السابق رأيه فيما يخص الطفل في مشكلة ما، أو خيره بين أمرين أيهما أفضل للطفل، شاركه اهتمام طفله واحتياجاته ولا تثنيه عن حياة طفلك.
ويجب أن تعلم أن أطفالك مسئولية سيسألك عنها الله، لذا قدم دائمًا مصلحتهم على مصلحتك، فالكون لا يدور حولك وحدك، بل يجب أن يدور حولكم معًا، لذا لا يجب على كلا الوالدين أن يفكر في مصلحته الشخصية على حساب طفله، بل يجب أن يقدم مصلحة طفله أولًا على مصلحته.
add تابِعني remove_red_eye 11,872
link https://ziid.net/?p=69566