الجهاد المجهول [بر الوالدين]
الأم والأب عنوان الحياة التي نحياها مفاتيح كل خير، روضة من رياض الدنيا وجنة من جنان الآخرة، سند الأبناء وعماد الحياة التي يعيشونها
add تابِعني remove_red_eye 266
قد يتساءل الكثير: الكل يعرف معنى الجهاد، فكيف يكون مجهولًا إذن؟
نعم هناك نوع من الجهاد أوصى به الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم حين قال لرجل أراد أن يجاهد معه في غزوة، ألك والدان؟ قال نعم .قال ففيهما فجاهد.
ما أرحمك يا حبيبي يا رسول الله، توصيه بالعناية بأبويه وترفع هذه الدرجة إلى منزلة الجهاد، إنها أخلاق الإسلام وما أروعها وأعظمها من أخلاق.
إنها الأم إنه الأب، هما الوالدان اللذان كانا سبب الوجود، ولو لم يقدّما أي خدمةٍ لنا سوى أنهما سبب وجودنا في هذه الحياة لحق علينا أن نبر بهما، لأنها لحظات صعبة مريرة تكبّداها لنصل إلى هذا الواقع المُعاش، وها هي الآية الكريمة توضّح هذا المعنى في قوله تعالى {حملته كرهًا ووضعته كرهًا} ومن منطلق هذه الآية يتبين لنا أن الأم هي التي تتحمل وتتعب لأجل أولادها أكثر من الأب وإن كان هو الآخر له نصيب من الأتعاب.
دعونا نتحدث قليلًا عن الأم:
عن هذا القلب الرحيم الذي لا يعرف سوى البذل والعطاء دونما انتظار مقابل أو مكافاة من الأبناء، همّها الوحيد أن يكونوا صالحين نافعين لأنفسهم أولًا، وللمجتمع ثانيًا، وهي في سبيل هذا كله تتحمل الأعباء وتكابد المشاق وتسهر إذا سهروا، تبكي إذا بكوا تمرض إن مرضوا، ولا يرتاح لها بال ولا يهدأ لها ضمير إن تأخر أحدًا منهم عن الموعد المحدد للدخول إلى المنزل.
إنها الأم التي حق الجهاد فيها، وارتبط رضا الله بمرضاتها، وحتى أدنى عبارات الشتم ضراوة لا تليق بأن تذكر لها، كيف لا والله عز وجل يقول في الآية الكريمة: {ولا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريما} إذن هي الجنة التي أعيش فيها في دنياي والتي توصلني إلى جنّتي، كيف لا والحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يقول {الجنة تحت أقدام الأمهات}
يذكر أن أحد السلف الصالح [كان شديد البر بوالدته كثير النفع لها، وحدث وأن توفيت رحمها الله فبكى عليها بكاءً أجهش من معه حتى سألوه، كيف تبكي وما قصرت بحقها ولا أخطات؟ قال أبكي لأن بابًا من أبواب الجنة أُغلق] نعم هكذا كانوا، كان همهم الوحيد هو إرضاء الله والفوز بالجنان، لله درّهم قد سابقونا إليها وشمّروا.
ولكن المؤسف في وقتنا الحالي أن الكثير من أبناء شباب هذه الأمة تخلوا عن القيم، وتخلوا عن المبادىء تخلوا عن الأخلاق، نرى أن الكثير منهم صاروا يضيقون بآبائهم ذرعًا، فمنهم من يسب ويشتم ويصرخ ولا يبالي، ومنهم من وصل إلى حد الضرب، والأدهى والأمرّ من هذا أن هناك من أخذ أبويه إلى دور العجزة أو تخلص منهما بالقتل، وهذا كله لا يخفى على أحد، فما نسمعه وما نقرأه وما نشاهده يؤكد كل ما قيل ويقال.
يا ترى هل هذه هي الأخلاق التي دعى إليها ديننا وحث عليها نبينا عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم؟ لا وألف لا، قال: {ففيهما -أي الأبوان- فجاهد} وقال أيضًا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لرجل يسأله عن أحق الناس بصحبته {أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك}
وها هو الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم مجددًا يبدأ وصيته للصحابي الجليل بقوله {أمك ثم أمك ثم أمك} لأنه كان يعلم أنه لا قلب في هذا الكون يحب الخير له أكثر منها، ولا عقل أرشد من عقلها في معرفة مصلحة الأبناء أكثر من عقلها، لهذا أوصاه الحبيب عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بأن يلزم صحبتها وبرّها.
الأم والأب عنوان الحياة التي نحياها، مفاتيح كل خير، روضة من رياض الدنيا وجنة من جنان الآخرة، سند الأبناء وعماد الحياة التي يعيشونها، كما أنهم أجمل قصيدة تروى وتتناقلها الأجيال على مرّ الدهور والأزمان.
الأم والأب هم أحق الناس بالمدح والثناء، كلاهما خير وعطاء، تعاهد للأبناء في الصغر ورعاية لهم في الكبر، فكيف نوفي حقهم؟ لا أبدًا لا يمكن أن نعوّض ما فعلوه لأجلنا حتى ولو جاهدنا فيهما.
قال أحد السلف الصالح لصحابي جليل {أخذت أمي إلى الحج وهي مشلولة لا تمشي، فحملتها على ظهري وطُفت بها وأديت لها المناسك كلها وأنا أحملها على ظهري، فهل تراني أوفيتها حقها؟ قال لا ولا بطلقة واحدة منها}
add تابِعني remove_red_eye 266
link https://ziid.net/?p=24172