بعد عامين من الأمومة… تجربتي الشخصية وبعض النصائح
الأمومة ليست أمرًا سهلًا، ولكنه بالتأكيد أمر يستحق، أمر يجعلنا نتقبل الألم والإرهاق وضغط الأعصاب بصدر رحب وحب.
add تابِعني remove_red_eye 4,332
أكتب هذه السطور في الخامس من مارس، اليوم عيد ميلاد ابنتي ووحيدتي” ماريا”. منذ عامين جاءت ماريا للعالم، وبدأت معها رحلة جديدة جميلة متعبة ومرهقة وموجعة للظهر واللسان والروح، ربما تستغرب عزيزي القارئ من وضع أوجاع اللسان، لكنني الآن وبعد أن بدأت صغيرتي الكلام والمحاولة الدائمة لزيادة حصيلتها اللغوية وأنا أتحدث طوال الوقت.
تجربة الأمومة تجربة قوية مزلزلة في حياة كل من تمر بها، أعلم أن خبرتي في عالم الأمومة ما زالت قليلة وأوقن أنني ما زلت أكتشف كل يوم جديد بها، لكنني أحاول أن أنقلها لك هنا لسببين لا غير؛ أولهما: أن مشاركة التجارب تفيد كل من الحاكي والمتلقي، تفيد الحاكي بمساعدته للتخلص من الضغوط والأعباء فكم من أوجاع عندما نحكيها نرى صغر قيمتها، وتفيد السامع -القارئ هنا- لتريه أن ما هو مقبل عليه عادي وطبيعي ومنطقي.
فلنبدأ، وأؤكد أنها تجربة شخصية حاولت فيها أن أجمع وأدقق ما يجب فعله وراعيت جوانب علم نفس الأطفال قدر استطاعتي.
حقائق حول الأمومة من تجربتي
- أوجاع الولادة تنسي كل أوجاع الحمل، فالحمل الذي قال عنه رب العزة أنه (وهنًا على وهن) لا يساوي شيء عند أوجاع خروج الطفل من الرحم.
- لحظة الأمومة الأولى لحظة دقيقة جدًّا لم تنجح أيّ وسيلة تعبير سواء الكتابة أو الغناء على وصفها بدقة.
- الشهور الأولى هي الأصعب على الإطلاق خصوصًا في أول مرة أمومة، أتذكر دائمًا ساعات الليل التي قضيتها لا أعلم نهايتها، وبكائي عندما تبكي الصغيرة لسبب أجهله، محاولاتي الدائمة لفك طلاسم شخص أحبه جدًّا ولا أفهمه كانت تشعرني بقلة الحيلة وقدر من ضآلة النفس ليس بهين.
- حب الأمومة فطري وحبك لطفلك سيلقيه الله في حبك بالتأكيد دون دخل منك، لكنني لا أخاف أن أصرح بأنني أحب صغيرتي الآن أكثر من لحظة ولادتها، كل يوم حبها يزيد مقدارًا لا أجد ما يعبر عنه بدقة، أحبها بالتأكيد جدًّا لكن العلاقة تأخذ أبعادًا أعمق وألطف وأوثق يومًا بعد يوم… فليديمها الرحمن نعمة.
- الشعور بالتقصير ملازم للأمومة، إذا أرضعت طفلك بطريقة طبيعية ستجد من يتهمك بأن تلك الطريقة لا تشبعه، وإذا اخترت الرضاعة الصناعية فستشعرين بالذنب معتقدة أنك الطريق الأسهل، إذا جلست من العمل سيتهمك البعض بالتخلي عن أحلامك وإذا قررت الذهاب للعمل ستراودك مشاعر التقصير.
- حركات التقدم التي يقوم بها طفلك من أجمل اللحظات التي يمكن أن تعيشها على الإطلاق، اللحظة التي يحاول طفلك الجلوس للمرة الأولى، أول خطوة يمشيها، أول ابتسامة وعمره أيام معدودة.
- أنت تحتاجين لطفلك مثله تمامًا، فحتى إن كنت أنت من يقدم له الرعاية فلا جدال أن ما يمنحك إياه من مشاعر لا يستطيع غيره تقديمه لك.
نصائح في الأمومة
- لا توجد أم مثالية، ولا تجبري نفسك كي تكوني، لا تتخلي عن بشريتك حتى في رحلتك في الأمومة، اسمحي لنفسك ببعض الأخطاء ولا تجلدي نفسك على كل همسة.
- تدخلات الناس لا تنتهي، فإن كنت تتأثرين بكلام الناس فهذا مدمر لعلاقتك بطفلك، لأنك ستجدين من يستنكر عليك طريقة تعاملك معه، وآخرين يستنكرون وقت إدخالك للطعام، وغيرهم يستنكرون طريق تقويمك للأخطاء، عليك وحدك تحديد طريقة تعاملك لطفلك والطريقة التي تودين تربيته عليها، لذا ضعي حدودًا منذ البداية ولا تسمحي لأحد بالتدخل مطلقًا إذا تعامل بطريقة ترفضينها.
- استمعي للنصيحة، قد تعتقدين أن تلك النقطة نافية لسابقتها، لكن لا تعارض بينهما، اسمعي النصيحة واعرضيها على قلبك وعقلك وضعي مصلحة طفلك في البداية، ثم قرري هل مناسبة لك ام لا؟
- الأطفال مختلفة عن بعضها فلا تجعلي أفعال طفل مقياسًا لطفلك.
- في علاقتك بطفلك عليك تقع المسؤولية، فمن غير المنطقي أن تجبري طفلك على شيء رغمًا عنه لأنك فقط تريدين ذلك، مثلًا، طفلك يريد اللعب وأنت تريدين النوم، لا تطالبيه بالنوم لأنه لن يفعل بل فكري في لعبة يمكن أن يلعب بها بمفرده حتى تحصلي على بعض الراحة.
- الطفل إنسان مثلك تمامًا لديه احتياجات، ويريد أن يعبر عن مشاعره، عليك أن تعلميه الطريقة الصحيحة للتعبير عنها، وعليك تقبلها وفهمها وعدم إنكارها عليه.
- لا تبالغي في ردود فعلك تجاه أخطائه فهو ما زال يكتشف العالم. فلا داعي لوصف طفلك صاحب العامين بأنه” طماع” لأنه لا يريد أن يتشارك لعبته مع طفل آخر، مع أن الحقيقة أن طفلك بدأ في اكتشاف معنى الملكية فقط؛ لذا يود امتلاك أشياءه.
في النهاية، “الأمومة ليست سهلة بل مستاهلة”.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 4,332
الأمومة رحلة مرهقة وملهمة؛ لذا يجب أن نحكي عنها لنتشارك التجارب.
link https://ziid.net/?p=82180