من هي المرأة التي عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمشورتها يوم صلح الحديبية.

هو صلح تم عقده بين المسلمين بقيادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومشركي قريش عند مكان يعرف بالحديبية بالقرب من مكة فتم الاتفاق بين الطرفين على عقد هدنة لمدة عشر سنوات ولكن قريشًا وحلفاءها من بني بكر قاموا بنقض هذه الهدنة، لذلك توجه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة في العام الثامن من الهجرة فتم فتح مكة في هذه السنة وقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتحطيم جميع أصنام المشركين لتصبح بذلك مكة تابعة للدولة الإسلامية.

كان رسول الله صلي الله عليه وسلم والمسلمون يريدون الذهاب إلي مكة لزيارة الكعبة، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد توقع أن قريشًا سوف يمنعونه من دخول مكة لذلك جمع معه جيشًا من المهاجرين والأنصار بلغ عدده حوالي ألف وأربعمائة شخص ولكنهم لم يحملوا معهم سلاحًا سوى السلاح الذي يؤمنهم في الطريق من أي اعتداءات قد يتعرضون لها، وكان سبب ذلك هو إظهار نيتهم لقريش أنهم لم يأتوا من أجل الحرب ولكنهم جاءوا فقط لزيارة الكعبة، وعندما وصل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى منطقة ذي الحليفة -الميقات- أحرموا بالعمرة، ولكنهم علموا أن قريشًا قد جمعت جيشاً لقتال المسلمين ومنعهم من دخول مكة فأرسل إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عثمان بن عفان ليعلمهم أنهم لم يأتوا للحرب وإنما جاءوا عُمَّارًا.

ولكن قريش رفضت دخولهم وظلت الرسل تذهب وتأتي بين الطرفين إلى أن تم الاتفاق على عقد الصلح وكان الصحابة في بداية الأمر رافضين هذا الصلح فكانوا يفضلون القتال ولكن الله تعالى لحكمته البالغة لم يشأ أن يحدث حربًا وقتالًا بين الفريقين في ذلك اليوم، ومن أجل التخفيف علي الصحابة فقد أنزل الله تعالى على المسلمين يوم صلح الحديبية سورة الفتح ليبشرهم بفتح مكة ويعلمهم أنه لم يرد أن يحاربوا ويدخلوا مكة في ذلك اليوم لحكمة يعلمها الله تعالى وحده، فقال تعالى: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا).

كان من شروط صلح الحديبية ألا يدخل المسلمون مكة لإداء مناسك العمرة هذا العام ولكن عليهم أن يعودا في العام القادم وكان هذا الشرط ثقيل جدًّا على نفوس الصحابة رضوان الله عليهم، وبعد الانتهاء من وضع شروط الصلح أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصحابة أن يتحللوا من إحرامهم فيذبحوا ثم بعد ذلك يحلقوا ولكن لم يستجب أحد من الصحابة لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لدرجة انه أعاد الأمر ثلاث مرات، ولكن دون جدوى، فحزن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وعندما دخل إلى زوجته أم سلمة قص عليها ما حدث من المسلمين فأشارت عليه أن يقوم بذبح ذبيحته ثم يحلق دون أن يتكلم مع أحدًا منهم وبالفعل فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك، ولما رآه الصحابة فعلوا مثلما فعل وبذلك تنتهي المشكلة ويعود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته إلى المدينة مرة أخرى.

مبدأ الشورى في الإسلام

ومن خلال ذلك الموقف نجد أن المرأة في المجتمع الإسلامي كانت غير مهمشة فقد كانت صاحبة رأي فرأينا أم سلمة كيف كانت صاحبة رأي صائب ولولا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلم جيدًا رجاحة عقلها ما كان ذهب إليها ليحكي لها ما فعله المسلمون من عصيانهم لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دائمًا ما يستشير أصحابه، ففي غزوة بدر نجده يجمع أصحابه ويستشيرهم وها هو يوم الحديبية يستشير زوجته أم سلمة فالشوري مبدأ من المبادئ التي رسخها الإسلام فقد أمر الله تعالى رسوله الكريم أن يستشير أصحابه حين قال له في سورة آل عمران: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ”) كما نجد سورة كاملة  في القرآن عرفت باسم سورة الشوري.

إليك أيضًا

• خمسة أنبياء كانوا من العرب
• نساء ذكرهم الله تعالي في القرآن
• رسالةٌ مفتوحةٌ إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليهِ وسلَّم-