من صقر قريش؟
كان يحلم بإعادة بناء الدولة الأموية في الأندلس، بدلًا من الدولة التي سقطت في المشرق على أيدي العباسيين
كان يحلم بإعادة بناء الدولة الأموية في الأندلس، بدلًا من الدولة التي سقطت في المشرق على أيدي العباسيين
add تابِعني remove_red_eye 24,617
بعد سقوط الدولة الأموية علي يد بني العباس، هرب عبد الرحمن بن معاوية إلى مكان لا تصل إليه أيدي العباسيين، حيث إن العباسيين كانوا يريدون القضاء على كل أبناء البيت الأموي حتى لا يأتي أحد منهم ويحاول إعادة بناء الدولة الأموية مرة أخرى في أي وقت، وعندما هرب عبد الرحمن بن معاوية أدركه جيش العباسيين من أجل اللحاق به، ولم يكن أمامه مفر سوى إلقاء نفسه في نهر الفرات.
وكان معه أخوه الذي كان يبلغ من العمر ثلاثة عشر عامًا، وغلامه، وأخذوا يسبحون في نهر الفرات والأعداء ينظرون إليهم، فعرضوا عليهم أن يرجعوا ولهم الأمان، ولكن عبد الرحمن قد أدرك أنها خدعة، فقرر أن يستمر في السباحة في النهر، ولكن أخاه الصغير استسلم، فما كان من العباسيين إلا أن قتلوه أمام أعين أخيه الكبير عبد الرحمن بن معاوية، فما قصة عبد الرحمن بن معاوية الملقب بصقر قريش؟ وكيف نجا من العباسيين؟ وكيف أسس الخلافة الأموية في الأندلس؟ ولماذا سمي بصقر قريش؟
عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، من أمراء بني أمية، ومؤسس الدولة الأموية في الأندلس عام 138م، عرف بالذكاء والفطنة والشجاعة، ولد في عام 133هجريًّا في مدينة تدمر.
فر عبد الرحمن من الشام إلي الأندلس طريدًا وحيدًا، فلم يكن معه سوى غلامه بدر، وقد قرر التوجه نحو بلاد المغرب عند أخواله حيث إن أمه كانت من إحدى قبائل البربر الذين يعيشون في المغرب العربي، فوصل إلى المغرب يعد رحلة طويلة شاقة عبر فيها كثير من البلدان منها الحجاز، ومصر، وليبيا، حتى وصل إلى القيروان، ولكن عندما وصل هناك وجد ثورة كبيرة هناك قام بها الخوارج، واستقلوا بالشمال الأفريقي عن الدولة العباسية، وسيطروا عليه، وعندما سمع الخوارج بقدوم أحد أبناء الدولة الأموية، وكان بين الأمويين والخوارج كراهية شديدة، خرج زعيم الخوارج عبد الرحمن بن حبيب للبحث عنه، وقتله، فهرب من القيروان عائدًا إلي برقة في ليبيا، وظل مختبئًا هناك لمدة أربعة سنوات.
ولكن عبد الرحمن بن معاوية كان متألمًا جدًّا من اختبائه كل هذه السنوات، فكان لا يريد أن يعيش مختبئًا طوال عمره، ولكن ماذا سيفعل فهو مطلوب من العباسيين في كل بلدان المشرق الإسلامي، وفي بلدان المغرب فهو مطلوب من الخوارج، فظل عبد الرحمن يفكر في مكان يذهب إليه يكون بعيدًا عن سلطان العباسيين، وفكر الخوارج، فاهتدي إلى بلاد الأندلس، فكانت بالنسبة له آمن البلاد التي يمكنه الذهاب إليها.
بعد أن استقر رأي عبد الرحمن بن معاوية علي الذهاب إلى الأندلس، أخذ يعد العدة للدخول إلى الأندلس، فهو لم يكن يرغب في دخول الأندلس كشخص عادي يعيش في أي بلاد من بلاد المسلمين، ويكون في مأمن من العباسيين والخوارج، بل كان عبد الرحمن يسعي لإقامة مجد الأمويين من جديد، فكان يحلم بإعادة بناء الدولة الأموية في الأندلس، بدلًا من الدولة التي سقطت في المشرق على أيدي العباسيين، ولما لا وهو سليل الأمراء والخلفاء.
وبالفعل أرسل عبد الرحمن بن معاوية مولاه بدر إلي الأندلس، لمعرفة أحوال البلاد في الأندلس، وأخد بدر يراسل ويتقرب لكل محبي الدولة الاموية في الأندلس، بأمر من عبد الرحمن بن معاوية والأكثر من ذلك انهم راسلوا كل الأميين الهاربين في كل أنحاء العالم ليتجمعوا تحت رايته من جديد لإقامة الدولة الأموية من جديد في الأندلس، وكان عليهم قبل دخول الأندلس ان يستميلوا إلي صفوفهم البربر سكان الأندلس، ولحسن الحظ كان هؤلاء البربر يكرهون حاكمهم يوسف بن عبد الرحمن الفخري، وكانوا يأملون في التخلص منه، لذلك وقفوا في صف سليل الدولة الأموية عبد الرحمن بن معاوية، ووعدوا بتقديم العون له عند دخوله إلى الأندلس. وقد استمرت هذه المرحلة لمدة عامين.
دخل عبد الرحمن الأندلس بعد أن مهد له مولاه بدر الطريق، والتف حوله البربر، فتوجه إلى قرطبة، وكان حاكم الأندلس في ذلك الوقت هو يوسف بن عبد الرحمن الفهري، فطلب منه عبد الرحمن بن معاوية أن يسلم له الأمارة ويصبح رجلًا من رجاله في الأندلس، ولكن يوسف بن عبد الرحمن الفهري رفض ذلك، وكانت الأندلس في ذلك الوقت تعج بالثورات ضد يوسف بن عبد الرحمن الفهري، وكادت تلك الثورات أن تعصف بالحكم الإسلامي في بلاد الأندلس لولا مجيء عبد الرحمن بن معاوية، فاستمال كل المناوئين ليوسف بن عبد الرحمن الفهري، ودارت بينهم معارك انتصر فيه عبد الرحمن بن معاوية ومن معه، فدانت لهم الأندلس.
بعد أن استقرت الأحوال في البلاد، تولى عبد الرحمن بن معاوية حكم الأندلس، ويقيم الأمارة الأموية -وتسمي أمارة لأنها كانت مستقلة عن الخلافة الإسلامية منذ نشأتها وحتى سقوط الأندلس-، والتي استمرت منذ عام132 هجريًّا، وحتى عام316 هجريًّا، وأطلق على عبد الرحمن لقب عبد الرحمن الداخل لأول مرة لأنه أول من دخل بلاد الأندلس من الأموين حاكمًا.
كان أول من أطلق على عبد الرحمن بن معاوية لقب صقر قريش هو الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، ولقبه بذلك تشبيهًا له بالصقر، فقد كان متصل الحركة، لا تستهويه الراحة والدعة، وكان له هيبة كبيرة في نفوس أعدائه، وأوليائه أيضًا، تمكن عبد الرحمن وحده وهو طريد شريد أن ينجو من بني العباس، ووصل إلى بلاد الأندلس البعيدة كل البعد عن موطنه في المشرق الإسلامي، وأقام دولة جديدة للأمويين في الأندلس، وأنشأ جيشًا قويًّا، وحصن دولته الجديدة، وقاوم الأعداء، وازدهرت دولته بشكل كبير، واستمر يحكم بلاد الأندلس لمدة أربعة وثلاثين عامًا، وكان المؤرخين يقولون لولا عبد الرحمن لانتهى الإسلام في الأندلس، كل ذلك وكان عمره خمسة وعشرون سنة فقط.
add تابِعني remove_red_eye 24,617
زد
زد
اختيارات
معلومات
تواصل
الإبلاغ عن مشكلة جميع الحقوق محفوظة لزد 2014 - 2025 ©
أهلاً ومهلاً!
10 مقالات ستكون كافية لإدهاشك، وبعدها ستحتاج للتسجيل للاستمتاع بتجربة فريدة مع زد مجاناً!
المنزل والأسرة
المال والأعمال
الصحة واللياقة
العلوم والتعليم
الفنون والترفيه
أعمال الإنترنت
السفر والسياحة
الحاسوب والاتصالات
مملكة المطبخ
التسوق والمتاجر
العمل الخيري
الموضة والأزياء
التفضيل
لا تكن مجرد قارئ! close
كن قارئ زد واحصل على محتوى مخصص لك ولاهتماماتك عبر التسجيل مجاناً.
إليك كل ما تحتاج معرفته عن صقر قريش
link https://ziid.net/?p=93129