ما الذي يمكن أن نتعلمه من تجربة المدرسة في تطوير ذواتنا
إن المدارس التي دخلناها في صغرنا وتربينا فيها تحمل في طياتها أسلوبًا فريدًا في إتقان العلوم وتنوع المعرفة وتطوير الذات
add تابِعني remove_red_eye 35,716
لعلك ترى العنوان غريبًا بعض الشيء، وتتساءل الآن هل يمكن أن نحصل على تجربة مفيدة من المدرسة تساعدنا في تطوير ذواتنا؟
أقولها لك بوضوح:
نعم، وأصدقك القول أن المدارس التي دخلناها في صغرنا وتربينا فيها على مدار اثنى عشر عامًا تحمل في طياتها أسلوبا فريدًا في إتقان العلوم وتنوع المعرفة وتطوير الذات، ولكي تفهم أخي القارئ ما أرمي إليه فدعني أخبرك بالأمر منذ البداية.
أولًا: وجود المنهج التعليمي المتدرج
جميع المدارس تحوي منهجًا تعليميَّا وإن كان يختلف من دولة لأخرى، ليناسب عادات وثقافة البلد خاصة في مادة الجغرافيا والتاريخ والأمثلة الواردة في كتب مواد الحساب والعلوم، إلا أن المتفق عليه هو وجود المنهج لجميع المواد الدراسية ولمختلف المراحل، وهذا يساعد الطالب في إتقان العلوم والتدرج في طلبها خلال مرحلة دراسته، فيكبر عقله وينمو تفكيره من دون أن يشعر بثقل المواد والواجبات.
ومن هذا المنطلق فإنه يستحسن أن نصبر على أنفسنا في تطويرها، فلا نغير عاداتنا السيئة أو نكتسب العادات الجيدة بسرعة ،وإنما نتمهل في ذلك حتى نحصل على أفضل النتائج، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- وصّى بالتدرج في الوصول ونبّه إلى أهمية ذلك في أحاديث كثيرة ،لذا علينا أن نتذكر أننا جميعًا بقينا طلابًا في المدرسة على مدار اثني عشر عامًا وليس عامًا أو عامين.
ثانيا: جدول الحصص الأسبوعي
ترتيب جدول الحصص الأسبوعي بطريقة مدروسة هو الأساس في حصولنا على هذه الكمية الهائلة من المعلومات أثناء الدراسة وبقائها في ذاكرتنا لسنوات، فكل يوم كنا جميعا نأخذ ست إلى سبع حصص ،تحتوي مواد مختلفة من الرياضيات والفيزياء والكيمياء واللغات ومواد الدين والرسم وغيرها، فلك أن تتخيل معي مثلا لو فعلنا الآن جدولا كمثل جدول الحصص الأسبوعي يتناسب مع دوام العمل والتزاماتنا لمدة سنة، فإننا سنخرج بالكثير من المعلومات خلال هذه المدة .
فلو أن أحدًا تخرج من الجامعة ولم يلق وظيفة لمدة عام أو عامين ،ولكنه أتقن فهم الجدول الأسبوعي واستغل وقته ووضع لنفسه كل يوم خمسة حصص يلتزم بها منذ الصباح ويتابعها من اليوتيوب أو المنصات التي تعطي مسافات عن بعد، سيخرج بالكثير من المعلومات كمّا وكيفًا ، بل وتمتلئ سيرته الذاتية أيضا، وربما تكون بداية فتح باب رزق له، وبهذا يكون قد استطاع أن يطور ذاته بنفس آلية جدول الحصص الأسبوعي الذي تلقيناه في المدرسة.
ولتقريب الصورة أكثر دعني اضرب لك مثالًا لجدول حصص أسبوعي مقترح لطالب درس أدبًا إنجليزيًّا ولم يتلق أي عرض عمل بعد تخرجه من الجامعة، فلنقل إنه في أيام الأحد والثلاثاء والخميس سيلتزم بالتالي: دراسة لغة فرنسية، ترجمة كتب في الفكر الإسلامي باللغة الانكليزية، أما في يومي الاثنين والأربعاء فإنه سيتناول مواضيع في إدارة الأعمال، رسمًا زيتيًّا، أدبًا فرنسيًّا.
ويومي الجمعة والسبت ستكون إجازة نهاية الأسبوع مع مراجعة الدروس وحل الواجبات وحفظ الكلمات اللغوية الجديدة وممارسة جميع ما تم تعلمه. والآن دعني أستخلص لك ما يمكن أن يخرج به هذا الطالب إن التزم في هذا الجدول لمدة عامين أو ثلاثة أعوام، فإنه سيتقن اللغة الإنكليزية والفرنسية، وسيصبح مترجمًا بهما ورائد أعمال، وسيتمكن من تسويق لوحاته الفنية وعرضها بمعارض، وربما يتجه إلى التأليف سواء في مجاله اللغات أو في مجال الأعمال أو الرسم، وهكذا تفتح الأبواب ويتمكن من تطوير ذاته وإيجاد وظيفة، وكل ذلك فقط من شرارة جدول الحصص الأسبوعي.
ثالثا: فترة الفسحة أو الاستراحة بين الحصص
جميع المدارس بلا استثناء -فيما أعلم- قررت وضع استراحة بين الحصص، بعض هذه المدارس قررت فترتين وبعضها اكتفى بفترة واحدة، المهم أن يكون هناك متنفس للطلاب كي يجددوا نشاطهم، ويتناولوا إفطارهم وينعشوا أنفسهم بالتحادث مع بعضهم. وهذا مطلب أساسي مقصود في طريق تطوير الذات، فأخذ قسط من الراحة بين المهام يجدد الحياة ويبعث الأمل ويساعد في الاستمرار في تطوير الذات، أما من استعجل قطف الثمرة كي يصل ولم يعطي نفسه حق الاسترخاء سينقطع به المسير ويوشك ان يهلك قبل أن يصل بالتأكيد.
وختامًا فإن تجربة المدرسة ما تزال تعلمنا جميعًا الكثير في مجال تطوير الذات ليس أولها المنهج وجدول الحصص الأسبوعي أو حتى فترة الفسحة وإنما اختلاطنا بالرفقاء والمعلمين والإذاعة المدرسية والكشافة يعتبر أيضًا أحد الطرق المهمة في تطوير مهارات نحتاجها في حياتنا المهنية والأسرية بل على كافة الأصعدة . وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
إليك أيضًا
طفلك في المدرسة غير موفق وهذا يسبب لك القلق؟
add تابِعني remove_red_eye 35,716
مقال هام عن الاستفادة من تجاربنا في المدرسة في بناء المهارات
link https://ziid.net/?p=67674