نصائح علماء الأعصاب حول زيادة تركيزك على المهام الصعبة
تأتي بعض اللحظات الأكثر إثمارًا للعلماء عندما نواجه مشكلة أو مهمة صعبة. حياتنا تتمحور حول تلك اللحظات
add تابِعني remove_red_eye 91,100
إن حل عقبة منهجية كبرى، وتصميم تجربة أنيقة، وإدراك نتيجة محيرة، والعمل على نموذج جديد أو كتابة ورقة بحثية فريدة، هي تحديات فكرية تجعل الحياة المهنية في مجال العلوم مثيرة للغاية.
لكن لا يمكننا إنكار كون أداء المهام الصعبة.. عملًا شاقًّا! وبمقدوره أن يحبطنا ويثقل كاهلنا، ويسبب القلق والتوتر. وقد نكافح للحفاظ على تركيزنا على مهامنا الصعبة، بما في ذلك المهام التي نتمتع بها ونرغب بشدّة في إكمالها. غالبًا ما نؤجل العمل في المهام الصعبة، مثل البدء في كتابة بحث أو إجراء تحليل معقد للبيانات، لصالح تحقيق مكاسب سريعة عبر مهام أسهل (مثل ضبط مظهرنا أو تنظيم جدول مهامنا أو إحداث تغيير في ردودنا التلقائية على رسائل البريد الإلكتروني).
في أواخر عام 2020، نشر ديفيد بادري، أستاذ العلوم المعرفية واللغوية والنفسية في معهد كارني لعلوم الدماغ والأعصاب، كتابه، On Task. والذي يدور تحديدًا حول هذه المشكلة المتعلقة بكيفية إنجاز الأمور.
ومن المفارقات، على حدّ وصفه، أن تأليف كتاب حول كيفية أداء أدمغتنا للمهام الصعبة كان -في حد ذاته- مهمة صعبة. حيث يقول: استمتعت بتأليف الكتاب، مثمّنًا الهدف من ورائه. لكن مررت بلحظات كان فيها العثور على الكلمات لنقل فكرة معقدة صعبًا بالفعل. ولم يكن العمل على الكتاب أكثر المهام إلحاحًا على الإطلاق في عملي اليومي، لذلك واجهت صعوبة في اقتطاع وقت للكتابة.
ربما كنت لا تؤلف كتابًا، لكن الجميع يواجه صعوبات في أداء المهام الصعبة. ويزداد الأمر صعوبة مع إجراءات الحجر المنزلي والتعليم عن بعد وتغيير نمط الحياة بسبب الوباء. يعاني الجميع نوبات المماطلة أو تجنب العمل والشعور بالذنب الذي يصاحبهما. ولا يمكن تجنب هذه التجارب تمامًا، ولكن هناك بعض الإستراتيجيات التي يمكن أن تساعدنا في الحفاظ على تركيزنا.
كيف تحافظ على تركيزك أثناء تأدية المهام الصعبة؟
افسح المجال للمهمة الصعبة
لحل المشاكل الصعبة، يحتاج الدماغ وصولًا “سهلًا” للمعلومات والخطط والإجراءات والمعرفة التي سيستخدمها. يشير علماء الإدراك إلى ذاك الوصول كمجموعة مهام. ومع ذلك، فإن مجموعة المهام تلك ليست متاحة دائمًا في التو واللحظة: لا يمكننا الاحتفاظ بها كلها في (حالة نشطة) ضمن مساحة العمل الذهنية المحدودة، أو “بما يُدعى: الذاكرة العاملة”، طوال الوقت.
على سبيل المثال، عند كتابة ورقة علمية، يجب أن نذكر الكثير من المعلومات المتعلقة بخلفية الدراسة ومنطقها وتصميمها ونتائجها. إذا كنا للتو في اجتماع حول موضوع مختلف، ثم جلسنا لكتابة الورقة، فقد لا تكون المعلومات الضرورية للأخيرة في واجهة أذهاننا. وإنما لا بدّ لنا من استعادتها ذهنيًّا وتنظيمها في ذاكرتنا العاملة قبل أن نتمكن من البدء في الكتابة.
من الناحية العملية، يكلّفنا بدء مهمة صعبة بهذه الطريقة ما يُدعى “إعادة التشغيل-Restart”: أن نبذل الوقت والمجهود الذهني اللازمين للعودة إلى مجموعة مهامنا، عوضًا عن إحراز تقدم. لهذا السبب، من المهم توفير الوقت والصفاء الذهني للمهام الصعبة.
خصص فترات زمنية كبيرة
يسهل علينا جدًّا ملء أيامنا بالاجتماعات والمهام الصغيرة التي لا تترك سوى فترات قصيرة للعمل الجاد. ثمّة حاجة لتخصيص فترات طويلة ليس فقط للتفكير المكثف والعمل الذي تتطلبه المهام الصعبة، ولكن أيضًا لأننا بحاجة إلى بعض الوقت لإعادة إنشاء مجموعة مهامنا “Task Set”. يؤدي التبديل المتكرر بين المهام إلى زيادة صعوبة تقديم عمل مُتقن.
حافظ على الاستمرارية
يجب أن نحاول الاحتفاظ بوقت ومكان ثابتين لعملنا الجاد وأن ندافع عنهما ضدّ المُشتتات. الوضع المثالي: يجب أن نجد هذا الوقت والمكان كل يوم.
حتى لو لم نحرز تقدمًا في أحد الأيام، فيجب قضاء الوقت المُخصص في مهمتنا الصعبة لا المهام الأخرى، حتى لو كانت مجرد مراجعة. يمكن للاستمرارية أن تساعد الذاكرة: يعتمد استرجاع الذاكرة على السياق، فهو يساعد -أثناء التعلم- في الحصول على نفس المشاهد والأصوات. وبالتالي، فإن العمل على مهمة في نفس السياق بشكل متكرر قد يساعد في استرجاع الوضعية الذهنية المناسبة.
قلل من الإلهاء ولا تعدد المهام أبدًا
عندما نقوم بمهمتين (أو أكثر)، إما في نفس الوقت أو بالتبديل بينهما، فستتأثر كفاءة أدائنا وجودة عملنا. يحدث هذا جزئيًّا لأن المهام تستخدم موارد معرفية مشتركة، مثل الذاكرة العاملة. نتيجة لذلك، ستتنافس تلك المهام على (الموارد المشتركة) وبالتالي يتداخل بعضها مع البعض الآخر. عند القيام بمهمة صعبة، من المهم تقليل هذا التداخل الناتج عن تعدد المهام.
احذر جاذبية المهام السهلة
عندما نقرر أداء مهمة ما، تقوم أدمغتنا بتحليل التكلفة والعائد على الفور، وتوازن قيمة النتيجة مقابل الاستثمار العقلي المتوقع المطلوب لتحقيق النجاح. نتيجة لذلك، نتجنب غالبًا المهام الصعبة لصالح مهام أصغر وأسهل، خاصة إذا لم نحقق تقدمًا فوريًّا. يؤثر ذلك على دوافعنا. قد يكون إرسال بعض رسائل البريد الإلكتروني أو القيام بعمل إداري أو تنظيم بيئة العمل مهام جديرة بالاهتمام وتشعرنا بالإنتاجية، لكنها -في نهاية الأمر- تمنعنا من القيام بالمهمة التي نحتاج إلى القيام بها (دون أن ننسى أنها تستلزم تعدد المهام).
خذ فترات راحة
ضرر الإصرار على محاولة إنجاز كل شيء مرة واحدة أكبر من نفعه. لذا، من المهم أن تأخذ فترات راحة من العمل الشاق. هذا لا يحافظ على خفض الإجهاد الذهني والنفسي فحسب، بل قد يسمح بوضع مفاهيم وهياكل جديدة في الاعتبار.
الخلاصة
المهام الصعبة هي جزء أساسي من حياتنا. فلا توجد حيل بسيطة أو مخططات سريعة وذكية يمكن أن تجعل المهام الصعبة سهلة فجأة. ولكن، إذا كنا قادرين على توفير مساحة لعملنا، وتجنب تعدد المهام واتباع إستراتيجيات جيدة لحل المشكلات، فقد نكون أكثر نجاحًا في المهام الصعبة التي نريد تحقيقها.
لم تكتفِ من مقالاتنا الممتعة؟ معك حق. إليك بالمزيد:
add تابِعني remove_red_eye 91,100
تجربة ملهمة للتعامل مع اللحظات الصعبة والتغلب عليها
link https://ziid.net/?p=84568