آداب المعلم والمتعلم
العلاقة بين المعلم والطالب يجب أن تكون محترمة ومقدرة وبها شيء من الحب والسعي من كلا الطرفين على القيام بواجباتهم كاملة
add تابِعني remove_red_eye 61,969
قال أحمد شوقي: (قم للمعلم وفهِ التبجيلا…كاد المعلم أن يكون رسولا)
فالمعلم كان يحوز دائمًا، أعلى المكانة، فتلك وصية أمير المؤمنين هارون الرشيد لمعلم ابنه يقول فيها
يا أحمر! إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه وثمرة قلبه، فصيّر يدك عليه مبسوطة وطاعته لك واجبة، فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين، أقرئه القرآن وعرفه الأخبار وروه الأشعار وعلمه السنن وبصّره بمواقع الكلام وبدئه وامنعه من الضحك إلا في أوقاته، وخُذ بتعظيم بني هاشم إذا دخلوا عليه ورفع مجالس القواد إذا حضروا مجلسه، ولا تمرن بك ساعة إلا وأنت مغتنم فائدة تفيده إياها من غير أن تحزنه فتميت ذهنه، ولا تمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ ويألفه، وقوّمه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أباهما فعليك بالشدة والغلظة.
وللمعلم آداب يجب أن يتحلى بها من أجل أن يتم هدفه ورسالته، وكذلك أن يتحلى الطالب بآداب في فصله وأثناء تعامله مع معلمه، فالطالب والمعلم هما من البشر الذين يخطئون ويصيبون، لذلك عليهم دائمًا أن يلاحظا ما يصدر منهما، وأن يزنوه على ميزان حسن الخلق.
آداب المعلم
1- أن يكون مُعدًا لمهنة التدريس
سيقول من يقرأ وكيف أصبح المعلم معلمًا، طالما أنه لا يمتلك مهارة التدريس أقول أن مهارة التدريس لا تتوقف فقط على المؤهلات الدراسية من تخصص وعلوم تربوية فحسب، بل يجب أن يكون المعلم مُعدًا من الناحية النفسية ليصبح معلمًا، فلا يعاني من متاعب قد تجعله ظالمًا للطلاب في درسه، وأن يكون حليمًا صبورًا، يستمع إلى أسئلة طلابه ويجيبهم، وإذا وجد نفسه لا يعرف الإجابة يمهلهم حتى يبحث، لا ينهر الطلاب لأنهم يتساءلون، فيقول الإمام النووي في ذلك ((ومن تصدى للتدريس والوعظ وليس هو من أهله، ولا يُؤمَن اغترار الناس به في تأويل أو تحريف، أنكر عليه المحتسب، وشهر أمره لئلا يغتر به)).
2– أن يتحلى بالأخلاق الحسنة
أن يتحلى المعلم بالأخلاق الحسنة، فلا يكون كاذبًا أو مخادعًا، وكذلك ألا يكون متكبرًا أو مغرورًا لأن المعلم هو الذي يؤثر على النشء، وهو الذي يستقون منه أخلاقهم فإذا كانت أخلاقه غير حسنة تعلم الأطفال منه، وإن كان مغرورًا متكبرًا، ترفع عن النزول لمستوى الأطفال العقلي والتعامل معهم عن قرب وهو ما يضر العملية التعليمية أكثر مما يفيد.
3- أن لا يكتفي من العلم
فيجب أن يعرف المعلم أن العلم لا يتوقف عند حد، بل يجب عليه ألا يترك فرصة من أجل تحسين نفسه إلا فعل ذلك حتى لا يتوقف عند حد معين بينما العلم كل يوم يتطور ويتغير ويتعرض طلابه لخبرات جديدة، فيجب أن يراعي ذلك المعلم فلا يكتفي من العلم ولا يقعد عن التعلم، ويشمل ذلك كل ما اتصل بتخصصه لا تخصصه فحسب بل يتعدى إلى المعلومات العامة والثقافة المختلفة، وأن يراعي ذلك أثناء تحضير الدرس بأن يتوقع أسئلة طلابه وأن يبحث عن المعلومة التي لا يعرفها، من أجل أن يعطي لأبنائه الطلاب، أفضل المعلومات.
4- أن يقوم بمهامه على أكمل وجه
وهذا يحدث بأن يتقن ما يعلمه للمتعلمين، وأن يحرص على التجديد في طرق الشرح، وكذلك أن يراعي الفروق الفردية بين الطلاب، فالطلاب جميعًا لا يمتلكون القدرات نفسها، مما يجب عليه أن يراعي ذلك أثناء شرحه الدروس، وكذلك أن يحث الطلاب على العلم ويرغبهم به، وكذلك التقويم المستمر للطلاب عقب الحصص الدراسية، وتقييم منزلي وآخر شهري وأن ينوع ما بين الاختبارات الشفوية والتحريرية والتجربة إن كانت المادة تحتوي على جزء للتجربة، ويتفقد أحوالهم ويلاحظ أي تغيرات طارئة عليهم، مما قد تؤثر عليهم وعلى تحصيلهم، وفي ذلك يقول الإمام النووي ((وينبغي للمعلم أن يطرح على أصحابه ما يراه من مستفاد المسائل، ويختبر بذلك أفهامهم، ويظهر فضل الفاضل، ويثني عليه بذلك ترغيبًا له، وللباقين في الاشتغال والفكر والعلم)).
آداب المتعلم (الطالب)
1– الصبر على طلب العلم
في عصر السرعة والحياة التي نلهث من فرط جَرْينا خلفها، يصبح الصبر من أصعب الاختبارات التي قد نتعرض لها، ولكن على الرغم من ذلك يجب أن نتحلى بالصبر من أجل أن نحوز الفضل فمن لم يصبر على طلب العلم ساعة يتجرع ذل الجهل طوال حياته، لذلك يجب على كل طالب أن يتحلى بالصبر على التعلم والاستذكار والحفظ، فالعلم لا يتم إلا بطول الصبر والحلم، فلقد كان العلماء الأوائل ينفقون وقتًا طويلًا حتى يقفوا على مسألة أو تفسير حديث أو إجابة سؤال، ولكننا الآن أصبحنا نمتلك من السرعة والسهولة ما لم يمتلكوا فلذلك نحن أولى بالصبر.
2- التواضع للعلم والمعلمين
يقال: (مَن علمني حرفًا، صُنت له عهدًا) لذلك فيجب على الطلاب التواضع مع معلميهم، لأنهم يعملون من أجلهم ويقومون على تعليمهم، فالمعلم مثل الطبيب الذي يعرف ما يقدمه لك، ويعرف العلاج المناسب الذي أنت لا تعرفه، كذلك المعلم هو أكثر علمًا منك، مما يجب عليك أن تنصت له، وأن تطيعه في درسه طالما لا يجور عليك ولا يظلمك، وفي ذلك يقول الإمام النووي ((ينبغي له -أيْ: الطالب- أن يتواضع للعلم والمعلم، فبتواضعه يناله)) وأن يتواضع مع زملائه أيضًا، وأن لا يظن نفسه أفضل منهم لأنه أكثر مهارة منهم.
3- أن يتحلى بالأخلاق الحميدة
فلا يرفع صوته ولا يحدث جلبة ولا يخاطب معلمه بسوء، وكثيرًا ما أصبحنا نرى الطلاب لا يحترمون معلميهم، وهو من مساوئ هذا الزمن، وليس المقصود بحسن الخلق الذل والخضوع بل الاحترام؛ لأن من صفات الشخص المهذب هو احترام غيره بغضّ النظر عن العمر أو المركز، وحتى لو كنت أكثر نفوذًا من المعلم أو أكثر مالًا منه تظل محتاجًا له، لا يمكنك القيام بعملية التعلم وحدك، فلا يغرنك ما تملكه، يبقى صاحب العلم هو صاحب الرفعة وهو من يستحق كل احترام وتقدير، كما أنه ما نفع علم وشهادة بدون أخلاق يتحلى بها الفرد لا شيء.
4- الدراسة أولًا بأول
الرغبة في العلم هي من الآداب التي يجب أن يتحلى بها طالب العلم، أن يكون راغبًا في العلم ينهض من أجله نشيطًا، لا أن يكون متثاقلًا، لا يذاكر ما يدرسه ويقوم بتأجيله حتى تحين اللحظة الحاسمة، فطالب العلم الحقيقي هو ما لا يشغله أيّ شيء عن دراسته ويقوم بها على أكمل وجه، وأن لا يشعر بالإعراض عنها، بل يريد المزيد دائمًا، فالعلم هو الشيء الوحيد الذي يحمد الطمع فيه، ويعد خلقًا حميدًا، وكذلك الابتعاد عن الغش من أجل نتيجة، فالشخص الذي يعرف الغش طريقه لا يمكنه أن ينجح في حياته نهائيًا، لأن الذي يبنى على الباطل ليس إلا باطل.
المعلم والمتعلم هما طرفي الحياة، جميعنا تعرضنا للمعلمين، والكثير منا معلمون، لذلك يجب علينا أن نعيد للمعلم رونق مهنته، وأن يتوقف الطلاب عن التعامل باستهتار وإهانة للمعلمين، وأن يتوقف المعلمون عن أي سلوك مشين قد يجعل صورتهم مهزوزة ويؤثر عليهم أمام طلابهم.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 61,969
ما آداب المعلم في فصله والذي يجب عليه أن يتحلى بها، وكذلك آداب الطالب أو المتعلم.
link https://ziid.net/?p=66844