“مقدمة ابن خلدون” وثلاثة أمور مستفادة
يذكر ابن خلدون بأن الكتابة من الصنائع التي تُكسب صاحبها عقلًا، وهي من الأعمال الإنسانية، كما أنها من أعمال اهل الحضر.
add تابِعني remove_red_eye 103,069
وُصف العلامة عبدالرحمن ابن خلدون بأنه مؤرخ فذ، وعالم موسوعي، وهو غني عن التعريف ومن الشخصيات العظيمة في تاريخنا ولقد ولد ونشأ في تونس، وهو من أصل حضرمي كما عرف نفسه. سافر وتنقل بين البلدان فمن فاس لغرناطة لتلمسان فالأندلس، ومات في القاهرة سنة 808م. وللتنقل، والسفر فوائد خاصةً لمن يطلب العلم.. كذلك تربى في أسرة متعلمة وكان أخوه مؤرخًا ووالده يشغل مناصب عليا في تونس آنذاك.
عُرف عنه بأنه يغوص في المسائل ويستخرج الزبدة، فقد كان لديه فضول علمي كما أنه مبتكر ومبتدع. كيف لا وهو مؤسس علم الاجتماع.. ونحن حاليًا في مرحلة تتطلب أساليب تشبه ما كان يقوم به ابن خلدون مثل: التحليل والتدقيق، واستخدام المعلومة الاستخدام الأمثل، وتقديم إضافة حقيقية للعلم. كتابه “مقدمة ابن خلدون” في التاريخ البشري، أحببت أن أضع خمسة من الأمور المستفادة التي ترفع من مستوى الوعي في حال فهمها وهي التالي:
1- ممارسة التفكير النقدي
كتب ابن خلدون عن الحكايات المدخولة للمؤرخين والقصص الموضوعة في حق الأشخاص مثل: ما ينقلونه عن العباسة بنت محمد المهدي حفيدة ترجمان القرآن عبدالله بن عباس، والتي بينها وبينه أربعة رجال في النسب ولقد نفى عنها ابن خلدون ما نُقل. وكذلك ما جاء في حق الرشيد من سكر وهو ليس من شأنهم كما يرى. وفي إنتاج المسلسلات التاريخية نجد نفس الشيء يتم تناول هذه الحكايات المدخولة مثل: مسلسل أبو جعفر المنصور.
أيضًا كتب عن الأخبار الواهية مثل: أخبار التبابعة ملوك اليمن وجزيرة العرب ينكر ابن خلدون ما جاء من أنهم ملكوا بلاد فارس والروم بعد تطبيق القواعد النقدية على الخبر.. وأرجع السبب في هذه المغالط من المؤرخين لأكثر من سبب منها:
- اعتمادهم على مجرد النقل من دون أن تعرض على أصولها ولم تُقس بأشباهها مثل: أعداد الأموال والعساكر التي تذكر في الحكايات.
- النفس تميل لقبول ما يوافقها من آراء وأخبار من دون تمحيص، وتفكير ناقد.
- الثقة بالناقلين، وبعضهم ينقل دون أن يعرف القصد “فينقل الخبر على ما في ظنه فيقع الكذب”.
التفكير النقدي، ودراسة كل حدث على حدى بظروفه وملابساته هو ما اهتم به ابن خلدون، وهذا يحثنا على ممارسة التفكير النقدي وأن نكون على وعي فيما نتلقاه مثل: مشاهدة فيلم أو مسلسل وغيره من المواد الإعلامية سواء كانت مكتوبة أو مرئية أو مسموعة.
2-طبيعة الإنسان .. والمغلوب يقلد الغالب
يرى ابن خلدون”أن النفس تعتقد الكمال فيمن غلبها فترى المغلوب يتشبه به في ملبسه ومركبه وسلاحه .. وفي سائر أحواله” وربما يساهم في التقليل منه في على نطاق البلدان تفعيل موضوع الهوية من خلال تنظيم برامج فكرتها تعزيز الهوية لدينا مثل: مسابقة شاعر المليون في قناة أبوظبي والتي تعمل على تعزيز اللغة العربية، وقيمة الشعر والشعراء وغيرها كمسك في السعودية. وفي نطاق شخصي تساعدنا هذه المعرفة على ملاحظة ما نقلد وفرز السلبي منه.
أيضًا من ناحية أخرى للتقليد يذكر ابن خلدون: “ما نراه في تشبه الابن بأبيه وهو يرجع إلى الاعتقاد نفسه “الكمال” فيرى الابن الكمال في أبيه، وكذلك بين المعلم والمتعلم يحصل الاقتداء .. وهكذا”.
3- الكتابة.. صناعة شريفة
يذكر ابن خلدون بأن الكتابة من الصنائع التي تُكسب صاحبها عقلًا، وهي من الأعمال الإنسانية، كما أنها من أعمال أهل الحضر. وبما أني أمارس الكتابة يهمني ما جاء في ذلك خصوصًا حين قال: “من أجاد صناعه فقل أن يجيد بعدها أخرى” فمثلاً إذا أجدت صنعة الكتابة وتمكنت منها وكانت ملكة فيك فلن تجيد بعدها صنعه أخرى “إلا أن تكون الأولى لم ترسخ صبغتها فيك”.
قال علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-: “قيمة كل امرئ ما يحسن” والكتابة صناعة والصنائع ثاني أمر من أمور المعاش يسبقها كما وضح في أمور المعاش الفلاحة “وهي فطرية طبيعية” وتنسب للإنسان الأول آدم -عليه السلام- أما الصنائع فهي تنسب لنبي الله إدريس -عليه السلام-. والصنائع كما وصفها بقوله : “مركبة وعلمية تصرف فيها الأفكار والأنظار..”.
وفي النهاية هذه ثلاثة أمور استوقفتني وحاولت ان أسقطها على حياتي، وكتاب” مقدمة ابن خلدون” تزخر بمعلومات ومعارف عميقة، وقيمة.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 103,069
قرأة جديدة في مقدمة ابن خلدون
link https://ziid.net/?p=92297