كيف تكتب بحثًا علميًّا في 6 خطوات فقط [تجربتي الذاتية]
البحث العلمي هو الخطوة الأولى في طريق الألف ميل نحو المعرفة، الأمر ليس صعبًا إن أتقنت خطواته والتزمت بالأمانة العلمية
add تابِعني remove_red_eye 29,562
أول تجاربي مع الأبحاث العلمية كان في عامي الجامعي الأول، وقتها لم أكن معتادة على استخدام الإنترنت، كنت متخيلة أن البحث كموضوع التعبير، وبالفعل كتبت ما يقرب من (10) صفحات “A4” بخط يدي، طبعًا كتابة موضوع تعبير (10) صفحات لم يكن بالأمر الجلل بالنسبة لطالبة في إعلام تخصصت في الصحافة فيما بعدُ؛ لكن حينما عرضت البحث على أستاذتي، لمحت في عينيها دهشة غريبة وكأن شخصًا من العصور الحجرية مرّ بجوارها بملابس غريبة، مصنوعة من جلود الماعز! في تلك اللحظة تأكدت أن موضوع التعبير سيغادر حياتي للأبد، وقتها عدت للمنزل وقررت إعادة البحث، ومن هذا اليوم وأنا لا أفارق مكتبة الجامعة، لدرجة أنني أحيانًا كنت أذهب للجامعة في الأيام التي تخلو من المحاضرات فقط من أجل التجول في المكتبة، رائحة الكتب بالنسبة لي كانت ولا تزال بمثابة مهدئ للأعصاب.
خطوات عملية لإجراء البحث العلمي
1- الخلفية المعرفية
هل سبق لكم أن رأيتم شخصًا يدخل للامتحان قبل مروره بمرحلة الدراسة أولًا ثم المراجعة؟
هذا هو بالضبط ما أتحدث عنه! فكل شيء في حياتنا يجب أن نتدرب عليه جيدًا إذا أردنا إتقانه، وهذه هي أولى خطوات الإعداد للبحث العلمي، فقبل أن تشرع في كتابته بشكل عشوائي عليك أولًا أن تقرأ العديد والعديد من الأبحاث، لأنك ستستفيد من كل بحث ستقرؤه، من ناحية تقسيم محاور البحث، وكيفية صياغة مقدمة البحث والهدف من الدراسة، وكيف تعرض محاور بحثك بتسلسل، وكيف ستعرض النتائج، وكيف ستكتب المراجع التي استعنت بها أثناء كتابة بحثك؟ وهكذا.
2-فهم عنوان البحث جيدًا
طبعًا -كالعادة- هدفي في كتابة أيّ مقال لــ”زد” هو الإفصاح عن أخطائي السابقة التي تحولت لتجارب فيما بعد، ومن ضمن الأخطاء التي ارتكبتها كان الخطأ الجسيم الذي فعلته أثناء كتابة الأبحاث العلمية لأول مرة:
وقتها طُلب مني إعداد (3) أبحاث عن علم النفس فقمت بكتابة أحدهما كاملًا -بما يقرب من (200) صفحة- ولكن بعد كل هذا العناء اكتشفت أن عنوان البحث لا علاقة له بما كتبته، وقتها اكتشفت أن الفشل ما هو إلا خطوة هامة نحو النجاح في أيّ شيء، فلولا الأخطاء لن نصل أبدًا للطريق الصحيح، ولولا المحاولة مرارًا وتكرارًا لن نتقن أبدًا أي شيء في الحياة ،لذلك نصيحتي الهامة لك عزيزي القارئ “لا تبدأ في كتابة أي بحث علمي إلا بعد فهم عنوان البحث جيدًا”.
3- كتابة المحاور/المواضيع الرئيسية للبحث
بالنسبة لي فتلك المرحلة تُعدّ من أهم مراحل إعداد البحث، فمن خلالها سنقوم بعرض فكرة البحث باستفاضة من خلال كتابة العناوين الرئيسية للمواضيع التي توضح هدف الدراسة والنتائج المراد الوصول إليها بعد عرض فكرتنا.
4-تجميع المصادر
وهي مرحلة البحث عن الكتب والمراجع التي سنأخذ منها مادة البحث، في الصحافة نطلق عليها مصطلح “المتن”، وفي كل مرجع وكتاب سنأخذ الفقرة التي تعبر فقط عن موضوع البحث ومحاوره، وبالطبع سوف نشير إلى تلك المراجع والكتب في نهاية البحث.
5-تنسيق وترتيب المحاور
وفي تلك المرحلة سنقوم بتجميع المعلومات من المراجع والكتب، وسنعرضها بالترتيب.
لكن انتبهوا! لا تنسوا جمل الربط، فبما أننا سنعرض فكرة من كتاب (س)، ثم فقرة من مرجع (ص)، فعلينا أن نربط بين الفقرتين بجمل مثل، “من ناحية أخرى/وفي الجانب الآخر/وفي المقابل.. وهكذا”.
6- مرحلة المراجعة والتدقيق
وهنا يجب مراعاة كتابة فهرس (محتويات البحث) بعناية، فيجب كتابة رقم صفحة المحور الأول أو المبحث الأول كما هي مسلسلة، كي يسهل على من يقرأ البحث الوصول لهذا المبحث بسرعة، ولا تنسوا علامات الترقيم، والتدقيق اللغوي والنحوي، وهذا متوفر بسهولة في برامج الأوفيس (النسخة العربية)؛ لأن نسخة الأوفيس الإنجليزية لا تتيح التدقيق النحوي والإملائي للنصوص العربية.
وقبل أن أنهي حديثي معكم أريد أن أوجه إليكم نصيحتين في غاية الأهمية، وهما كما يلي:
1- تنسيق الصفحات
بمعنى وضع إطار للصفحات، وعرض محتويات البحث (قائمة الموضوعات) في جدول، وكل مبحث أو عنصر يجب كتابته في صفحة مستقلة، وطبعًا وضع خط تحت العناوين الرئيسية، تخيل أن البحث كالمجلة أو الجريدة؛ فإذا لم ينتبه فريق الإخراج الصحفي لعرض الأخبار والصور بشكل منسق، وقتها لن يشتري أحد الصحيفة؛ لأنها ستكون عبارة عن معلومات معروضة بشكل عشوائي وفوضوي.
2-الأمانة العلمية
أخبرني عزيزي القارئ ماذا ستفعل إذا أقتبس أحدهم جملة وضعتها على الفيسبوك مثلا، ونسبها له؟ أكيد ستستاء من هذا الشخص بشدة؛ لأنه سرق مجهودك حتى ولو كان مجرد جملة؛ فما بالك بالشخص الذي يقتبس معلومات من كتب ومراجع ولا يشير لأسماء تلك الكتب والمراجع في نهاية بحثه.. لذلك احرص دائما على كتابة أسماء مؤلفي الكتب والمراجع إذا ما شرعت في كتابة أيّ بحث علمي واستعنت بمؤلفاتهم أثناء كتابة بحثك.
في الختام
أود أن أذكركم بمقولة
“من أعطاني سمكة فقد أطعمني ليوم واحد فقط، بينما من سيطعمني أبد الدهر هو من علمني الصيد”
وبناء على ذلك نصيحة مني لا تعتمد على أي شخص في كتابة أبحاثك أو حتى إنهاء مشاريعك، مهما كان سواء كان صديقك أو شخصًا موثوقًا فيه، طبعًا أغلبكم سينتقدني لأني كاتبة أبحاث، ومن غير المنطقي أن أنصحكم بكتابتها بدلًا من تفويض المتخصصين لكتابتها عوضًا عنكم.
لكن أنا أخبركم بتلك النصيحة لأني أعمل بها؛ فأنا من الأشخاص المهووسين بإنجاز أعمالهم دون الاستعانة بأي مساعدة من الآخرين؛ لهذا تشجع عزيزي القارئ واعتد على فعل الأشياء بنفسك، ولا تخف من تجربة ما هو جديد، كل ما عليك فعله هو الممارسة المستمرة، فكل شيء تمارسه سوف تتقنه مع الوقت، حتى الأبحاث العلمية ستجدها غريبة وصعبة في البداية؛ لكنك ستعتاد على كتابتها لدرجة أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ستستعين بخبراتك الواسعة في البحث العلمي.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 29,562
مقال هام يتناول أهم معايير عمل بحث علمي قوي وناجح
link https://ziid.net/?p=65687