أتذكر اليوم وأنا طالبة جامعية في كلية الطب، نفسي في عمر التاسعة وأمي التي أحضرتْ بيدها قصةً لي لأبدأ قراءتها، يومها كانت قراءة قصةٍ كاملةٍ من بدايتها إلى نهايتها مهمة شاقة وصعبة عليَّ مع كل الكلمات الغريبة التي واجهتني والألفاظ التي كان يتلعثم لساني في لفظها، ومن ثم أتذكَّر نفسي بعدها بأربع سنوات وأنا أجمع مصروفي لأشتري بعض الكتب والروايات التي أعجبتني. لقد تمكنتْ الكتب مني ووقعتُ في حبِّها!
ذكرتُ هذه التجربة الشخصية لكِ عزيزتي الأم القارئة لأبيّن لك الأثر الجميل الذي تركتْه والدتي فيَّ حين غرستْ حب القراءة في نفسي، وأصبحتْ الكتب من ثم خير صديقٍ لي وأرشدتني وألهمتني في كثيرٍ من المواقف، هذا فضلاً عن قدرة الكتب الصحيحة على تطوير الشخصية وتحسين الكثير من الصفات فيها.
سأساعدك هنا في هذه المقالة ببعض الاقتراحات التي قد تتبعينها لتجعلي القراءة عادة جميلة عند طفلك أو طفلتك. لكن في البداية سأضيء قليلًا على ما توصّل إليه العلم من فوائد للقراءة على أدمغة الأطفال.
فوائد القراءة وأهميتها لتنمية الطفل
تنمية التركيز
في عصرٍ مليء بمشتتات التركيز من شاشات التلفزيون والهواتف المحمولة وتطبيقات التواصل الاجتماعي المسببة للإدمان، تُعدُّ القراءة خيارًا مثاليًّا لزيادة تركيز طفلك وتنميته، فالقراءة المستمرة توسِّع مدارك الطفل وتزيد من تفكيره وتركيزه على أفكار الكتاب ومن ثم تركيزه في الحياة بكل ما فيها.
زيادة مفردات طفلك وإغناء لغته
بيَّنت عدة تجارب أجراها العلماء في المقارنة بين الأطفال الذين يواظبون على القراءة وأولئك الذين لا يقرأون أن مخزون الكلمات لدى الأطفال القراء أكبر بكثير.
اكتساب مرونة في التفكير والحلول
إن الطفل الذي يطالع القصص والكتب والتجارب المروية فيها، يحاول أن يبحث في عقله دومًا عن حلول أو نهايات معقولة للمسائل التي ترد في تلك الكتب، كل ذلك يمنحه مع مرور الوقت قدرة على الصبر وعلى ابتداع حلول متجددة تجاه ما يواجه من أحداث.
تقوية الذاكرة
إن طفلك وهو يقرأ يكون في عملية تدريب مستمرة لعقله ومهاراته الفكرية وذاكرته.
بناء شخصية متفردة ومتألقة
كل طفل قارئ هو مشروع لشخصية متألقة ناجحة ومميزة، يأتي ذلك من المعلومات التي يكتسبها الطفل، والتي تتراكم بمرور العمر، وتدفعه لتبني أفكار والتخلي عن أخرى في سبيل إيجاد صيغة أقرب للكمال لشخصه.
كيف تعلمي طفلك حب القراءة؟
بعد هذه الإضاءة المختصرة على ما تعود به القراءة على طفلك وشخصيته ومداركه، ننتقل الآن إلى جانب مهم وهو بعض الاقتراحات والخطوات التي تجعل طفلك من هواة القراءة:
ابدئي أولاً بكتبٍ تستهويه
قد تكون هذه الخطوة ممتازة لتلفتي انتباه طفلك لنشاط ممتع له ومفيد بنفس الوقت.
حاولي تخصيص بعض الوقت بشكل يومي أو شبه يومي للقراءة
يمكنك الجلوس مع طفلك وتنظيم جدول يومي له، توضحين له أوقات لعبه واستعماله للأجهزة الإلكترونية، وتحددين كذلك وقتًا معينًا لقراءة قصة أو كتاب ما.
من الجيد اصطحاب طفلك في مشوار إلى المكتبات العامة والمكتبات التي توفر كتباً للأطفال
قد يبدو ذلك رحلة ممتعة ومسلية بالنسبة للطفل، إلى جانب أنها ستعرِّفه أكثر بمجتمع من القراء المندمجين مع كتبهم، ربما يكون ذلك دافعًا جميلًا له ليبدأ رحلة اندماجه هو أيضًا!
تستطيعين مساعدته في قراءة الكتب وشرح الأجزاء الغامضة له
إن الكثير من الأطفال يبدون قدرًا أكبر من الحماس وهم يرون أمهاتهم تشاركهم قراءة القصة وشرح ما يصعب عليهم بطريقة مبسطة، كذلك تستطيعون كأسرة تنظيم وقت محدد للقراءة الجماعية.
من الجيد أن تسأليه أسئلة حول الكتب التي يقوم بقراءتها
إن الأطفال بطبيعتهم فضوليون ويتوقون لفك الغموض والألغاز التي تعترضهم، وعندما تقومين بسؤالهم عن رأيهم في القصص التي يقرؤونها أو اقتراحاتهم للمسائل التي تناقش في الكتاب، فذلك يثير فضولهم ليرتبطوا بالقراءة توقاً لمعرفة هذه الإجابات.
قومي بإنشاء مكتبة صغيرة لطفلك
يحب الأطفال امتلاك أشياء تخصُّهم، ومن الجيد للغاية أن تقومي بتخصيص ركن منظم لقصصه وكتبه.
عزيزتي الأم، إن عادة القراءة هي من العادات العظيمة التي قد تدخلينها في روتين حياة طفلك، والتي ستجعله ممتنًا لك دومًا، لأنها عادةٌ صحية وبذرة للأفكار والتجارب والحلول المستمرة، فضلًا عن كونها آلة استكشاف للعالم والبلدان، والشخصيات وما يدور في فلكها كذلك، فلا تجعلي تجربةً رائعة كهذه تفوت طفلك.
إليك أيضًا
كيف تعلمين طفلك/ طفلتك حب القراءة والاستمتاع بها؟ هذا المقال يخبرك
link https://ziid.net/?p=103339