من غراب قابيل إلى النعجة دوللي: حيوانات غيّرت مجرى التاريخ الإنساني
لا يمكننا إنكار تأثير الحيوان الهائل على البشرية، ودوره في تغيير مسارها في أحيان كثيرة. التاريخ القديم والمعاصر يظل شاهدًا على ذلك
add تابِعني remove_red_eye 10,420
منذ فجر التاريخ ونحن على عهد بقصة غراب قابيل وهابيل، التي يتبين لنا فيها فضل الغُراب الذي نبش في الأرض حتى يُعلّم قابيل كيف يقوم بدفن أخيه هابيل، ولا يتركه في العراء مُعرضًا للوحوش والهوام، ثم تتوالى القصص التي تحكي لنا التأثير الذي صنعته حيوانات عدّة مثل هدهد سليمان، وذئب يوسف، وحوت يونس، وغيرها من الحيوانات التي تم ذكرها في القرآن الكريم، والعديد من الكتب، وكذلك نقوش الآثار. لكن في عصرنا الحديث ساهمت بعض الحيوانات في نهضة العالم وترك أثر وبصمة، نذكر منها الآتي:
النعجة دوللي والاستنساخ
تُعّد النعجة دوللي أول حيوان ثديي يتم استنساخه في التاريخ، حيث نجح العلماء باستنساخها من خلية جسمية لحيوان بالغ. ووُلِدَت دوللي في الخامس من يوليو لعام (1996م) ميلاديًا. وبالتالي فتحت دوللي باب التجارب لإجراء عملية الاستنساخ بشكل أوسع على حيوانات أخرى مثل الغزلان، والخنازير، والأحصنة والثيران. مما أثار الجدل الديني والأخلاقي حول شرعية مثل هذا النوع من التجارب، وخطورة استمرارها والتفكير مستقبلًا بتجريبها على البشر.
لكن وفاة النعجة دوللي بعد (6) سنوات بأمراض في الرئة وأمراض أخرى جعلت العلماء يتساءلون عن الأضرار التي تنجم من الاستنساخ، مثل الشيخوخة المبكرة، والأمراض الوراثية، والتشوهات الخلقية، وغيرها.. ورغم توقف التجارب لفترة طويلة بعد ذلك إلا أن هذا الاكتشاف العلمي كان لا شك اكتشافًا هامًّا في تاريخ البشرية بأسرها.
الكلب (توغو) وإنقاذ أطفال بلدة نووم
في شتاء عام (1925م) تعرضت بلدة نووم (NOME) في ألاسكا إلى هجوم مميت من مرض الدفتيريا. وكان المصل الوحيد الذي يمكن الوصول إليه لعلاج المرضى يقع على بُعد (700 ميل) من المدينة، مرورًا بالكثير من الطُرق الثلجية المُميتة. وعندما حاول المسئولون نقل المصل الذي يزن (20 رطلاً) عبر الطائرة، هبّت عاصفة ثلجية جعلت الطيران مستحيلًا في ذلك الوقت. فاضطر بعض أهل البلدة إلى استخدام فريق من كلاب الزلاجات في الحصول على المصل.
شارك توغو بالإضافة إلى مائة كلب آخر في الحصول على المصل، وتوصيله إلى بلدة نووم. وتم تقسيم الكلاب إلى (20) فريقًا كل فريق منهم قطع مسافة تقدر ب (20) إلى (30) ميلًا. أما فريق توغو وحده قطع مسافة (264 ميلًا) وعندما اقترب فريق (توغو) من القرية قام فريق الكلب (بالتو) بقطع آخر مسافة متبقية ووصل المصل إلى نووم بسلام وتم إنقاذ حياة الكثيرين في البلدة بفضل فرق الكلاب الباسلة.
وثّقت السينما هذه القصة العظيمة في فيلمين هما فيلم (Balto 1995) وفيلم (Togo 2019) ويُعد فيلم (Togo) الفيلم الذي يروي القصة الحقيقية ويوّضح المعاناة التي واجهتها الكلاب أثناء تلك الرحلة الشاقة.
الحمامة (شير آمي) وإنقاذ حياة 200 جندي في الحرب العالمية الأولى
في الثالث من أكتوبر لعام (1918م) هُزمت كتيبة من الجيش الأمريكي في معركة أرغون، وحوصروا في منخفض بجانب أحد التلال خلف خطوط العدو مباشرة. وظلوا تحت رحمة النيران الألمانية دون طعام أو ذخيرة، وما زاد الأمر سوءًا أن كتيبة من حلفائهم قد قصفوا الجنود المحاصَرين دون قصد، لأنهم لم يعلموا بوجودهم أحياءً خلف خطوط العدو. وبعد مرور يومين لم يكن يتبقى من الجنود المحاصَرين سوى ما يقرب من مائتي جندي. ولم يكن هناك أمل لدى الجنود سوى طلب النجدة من مقر الحلفاء الذي يقع على بُعد (20) ميلًا من موقعهم، فقاموا بإرسال أول حمامة زاجلة لديهم، وما أن رآها الألمان حتى رشقوها بوابلٍ من الرصاص فسقطت على الفور. فحاولوا مرة أخرى وكتبوا رسالة لطلب المساعدة مرة ثانية، وأرسلوا حمامة ثانية، لكن الرصاص قد أسقطها أيضًا وأحبط عملها.
ولم يكن هناك سوى حمامة زاجلة واحدة مُتبقية هي (شير آمي) وعندما رآها الجنود الألمان أمطروها بالرصاص، وسقطت هي الأخرى على الأرض.. لكن بعد دقائق تمكنت شير آمي من الطيران مرة أخرى، ومراوغة الرصاص الموّجه إليها، وبنجاحٍ قد وصلت إلى المقر المطلوب، وفي رجلها رسالة استغاثة من الجنود المحاصرين.
شير آمي فقدت أحد أرجلها وكانت تتدلى من جسدها فور وصولها للكتيبة، واستقرت رصاصة في صدرها، كما أنها فقدت إحدى عينيها وأصابها العمى. حاولوا إنقاذ رجلها لكنهم لم يفلحوا فقاموا بنحت رجل خشبية للتعويض عنها. أنقذت الحمامة شير آمي (194) جنديًّا وصلوا سالمين إلى السفن العائدة إلى بلادهم. وتم منحها العديد من الأوسمة والجوائز تقديرًا لما فعلته في ذلك اليوم.
لا يكون تأثير الحيوان على البشرية إيجابيًّا طوال الوقت، فبالنظر لأحداث السنة الحالية، فإن المتسبب في انتشار وباء كورونا كان المتهم الأول فيه هو الخفاش، ولكن بعد إجراء العديد من الدراسات ثبت دور (آكل النمل الحرشفي) في نقل كوفيد–19 للإنسان. وتم حظر بيعه في الأسواق.
سيء أم جيد، لا يمكننا إنكار تأثير الحيوان الهائل على البشرية، ودوره في تغيير مسارها في أحيان كثيرة. والتاريخ القديم والمعاصر يظل شاهدًا على ذلك.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 10,420
في هذا المقال سوف نتعرف على دور بعض الحيوانات في نهضة العصر الحديث
link https://ziid.net/?p=67971