هل ما زلت إنسان الغاب؟ خلاصة كتاب “إنسان بعد التحديث”
هنا طرق تساعدك للارتقاء لمرحلة أعلى وقد قيل: كما يغير الإنسان العالم من حوله فإنه يتغير هو الآخر على مر العصور
add تابِعني remove_red_eye 100,527
كتاب “إنسان بعد التحديث” للكاتب “د.شريف عرفة” باحث في علم النفس الايجابي. يهدف كتابه إلى الاشتباك مع منظومتك الفكرية ودفعك للتفكير لتكوين رأيك الخاص، وستجد في هذا الكتاب تشابهًا بين مراحل التطور ومستويات الوعي الحضاري فكلاهما يدعو للتطور.
يعينك الكتاب على فهم نفسك وعلى الطرق التي تساعدك على الارتقاء، والكتاب مليء بالتطبيقات والتمارين المساعدة وكأنك في ورشة عمل تطويرية وتكمن فائدته كما يرى “عرفة” في التفاعل مع محتواه لتطوير نفسك ومفاهيمك وأفكارك لتصبح أفضل دون الإساءة في استخدامه من خلال التسرع في الحكم على الآخرين واعتقادك بأن وصولك لآخر مرحلة هو نهاية المطاف، فهو يخبرك بأن عقلك غير مجهز للثبات في المرحلة العليا من التطور! فالتطور الإنساني ليس ثابتًا، ولا نهاية له.
إليك أيضًا ذو القرنين المصري (قراءة في كتاب: ﻓﻚ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺫي ﺍﻟﻘﺮنين ﻭﻳﺄﺟﻮﺝ ﻭﻣﺄﺟﻮﺝ)
ويذكر المؤلف أن الكتاب دليل علمي للارتقاء النفسي أراد أن يوضح فيه أن جميع المهارات الذهنية والمعرفية التي تجعلنا بشرًا بالشكل الذي نحن عليه الآن لم نولد مجهزين بها، مثلًا: طريقة تفكيرك لم تولد بها كاملة بل كان هنالك تطوير وصقل لمهاراتك الذهنية كي تستطيع التفكير بطريقتك الحالية وهو هنا لا يتحدث عن اكتساب المعلومات بل عن النضج النفسي.
فالإنسان يمر بمراحل عديدة من التطور هنالك حالات استثنائية منهم من واجه إعاقة لتطوره الطبيعي ومنهم من واجه ظروفًا جعلت تطوره يستمر بشكل يفوق المألوف ليصلوا لمرحلة متقدمة من النضج النفسي تتجاوز الإنسان العادي الطبيعي بكثير. وهم “متفوقون نفسيًّا”.
- في رحاب كتاب (زدني علمًا: خطوات على درب الفاعلية)
- تلخيص كتاب أيها الولد للإمام أبو حامد الغزالي (ج1)
- تلخيص كتاب أيها الولد للإمام أبو حامد الغزالي (ج2)
قمة التطور النفسي
وهي مرحلة عالية من التطور تتغنى بها الأدبيات والفنون وتصفها الفلسفات والنظريات العلمية بطرق مختلفة. ويناضل كثيرون لبلوغها ولكن كيف تبدو هذه المرحلة عبر العصور. ذكرها “عرفة” على النحو التالي:
الإنسان الحكيم، الإنسان المثالي مثل أرسطو، الإنسان الفاضل مثل كونفوشيوس, النيرفانا التي يصل لها بالتأمل وصفاء الذهن، الإنسان الحقيقي صاحب العقل الفعال مثل ابن سينا نموذجًا، خواص الله مثل ابن الرومي، الإنسان الكامل وهي مرحلة روحية اسمها مقامات الأولياء، وأعلى مثال للإنسان الكامل هو سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي وصل لمرحلة عليا في هذا المقام لم يصلها غيره.
وكذلك الدوبليكس وهو الإنسان العادي يسعى لإشباع غرائزه واحتياجاته الشخصية، وهذا المستوى الأول لكنه حين يرتقي ينتقل إلى للمستوى الثاني حيث يلتزم بقيم جماعية تتجاوز ذاته وتضمن تماسك المجتمع. السوبر مان وهو إنسان نقي السلالة نقوم بتربيته تربية قاسية ليصبح قويًّا قادرًا على كبح مشاعره وتحمل المسئوليات الجسام أخلاقه أخلاق السادة الأقوياء كالشجاعة لا أخلاق الضعفاء كالتواضع، قادر على فعل أي شيء للوصول لغايته والإنسان الأعلى يجب أن تكون السلطة في يده وعلى العوام التحية وتهيئة الظروف لحكمه ففي هذا الهدف يتلخص معنى حياتهم.
الإنسان المتحضر وهو مهذب يحترم الآخرين يتعاطف مع الجميع ويحترمهم، تحقيق الذات كما جاء بها عالم النفس “ماسلو” وهي مرحلة يصل إليها الإنسان حين يقوم بإشباع احتياجاته النفسية كلها الحاجات الجسدية ثم الأمان ثم الانتماء ثم الاحترام بالترتيب. العادة الثامنة وهو ما جاء بها “ستيفن كوفي” هناك عادات سبع للناس الأكثر فعالية ونجاحًا في حياتهم وهي المبادرة وتحديد الأهداف وإدارة الأولويات والتفكير في المنفعة المتبادلة والتفاهم الفعال والتعاون الخلاق والتطور المستمر. ولكن الإنسان العظيم لديه عادة ثامنة فتكون غايته في إلهام الآخرين ليحققوا أهدافهم ومعنى لحياتهم وهذا ما يقوم به العظماء.
يذكر “عرفة” بأن كتابه سيجعلك تتعرف على أقصى مراحل الارتقاء النفسي و الطريق إليها، الإنسان العادي لا يولد إنسانًا عاديًّا، بل يتعلم ويكتسب الكثير من الخبرات كي يستطيع أن يصبح إنسانا عاديًّا.
مراحل التطور النفسي الأربع وكيفية الارتقاء فيها للوصول لأعلاها
إن مراحل التطور النفسي للإنسان من الطفولة إلى النضج تشبه تطور الجنس البشري نفسه عبر العصور.
مراحل التطور الأربع
1- إنسان الغاب
تحكمه الغرائز “إشباع الرغبات.. فورًا” ولا يخطط للمستقبل البعيد بل يسعى لإشباع غرائزه فورًا لأن الحياة للغد غير مضمونة أصلًا. يتجنب الألم ويبحث عن اللذة إما لإشباع غرائز أو الاحتياجات. ولا تزال هذه المرحلة موجودة في تكويننا النفسي وكلنا نمر بها ونحن صغار فالطفل يجد صعوبة في التحكم الذاتي والالتزام بأهداف بعيدة المدى والتعاون مع الآخرين. معظم البالغين ينضجون ويجتازون هذه المرحلة لكن البعض يظل عالقًا فيها فكيف يعيش إنسان بهذه العقلية إلى اليوم؟
2- إنسان الجماعة
تحكمه الجماعة، وهو إنسان القبيلة يقوم على التقليد والطاعة عرف أهمية تماسك القبيلة واكتشف ضرورة الانتماء لجماعة تحميه من قسوة الطبيعة وبهذا خطا خطوة في طريق التحضر، أصبح يؤجل إشباع شهواته كي يقبله المجتمع وتعلم من الزراعة والرعي كيف يصبر ويخطط للمدى البعيد إلا أنه قد يعادي جماعات أخرى بسبب أنها ليست جماعته، وقد تكون القبيلة فكرية ينتمي لها كمدرسة فلسفية أو حتى عصابة إجرامية.
3- الإنسان المستقل
مدفوع بالاستقلالية والرغبة في الإنجاز. “الحرية، الإنجاز، التفرد” وهو عصر المدنية الحديثة والعمل في شركات ومصانع حيث تقييم الشخص هنا يعتمد على تميزه ونجاحه ومجهوده كفرد لا على اسم قبيلته أو جماعته. في هذه المرحلة تصبح منفتحًا على الأفكار الجديدة والمختلفة، تتحرر من قيود فكرية كثيرة كانت تكبل خيالك ذاته، تنظر في هذه المرحلة إلى نفسك على أنك شخص مستقل تقديرك نابع من داخلك لا من الآخرين أو معايير خارجية. لديك هوية فردية وتسعى لتحقيق ذاتك.
لا تفعل الخير لمجرد عقاب ولا من أجل طاعة مثل ما يحدث في مستوى إنسان الغاب أو إنسان القبيلة ولكنك تفعل الخير لأنه يرضيك أنت ويحفظ صورتك أمام نفسك كإنسان محترم. فأخلاقك داخلية لا خارجية فأنت حر الإرادة والاختيار.
لهذه المرحلة جانب مظلم كما يذكر “عرفه” كونها مرحلة غير مريحة وتتطلب جهدًا مبذول حتى يصل إليها الإنسان ويعتاد عليها ويحافظ عليها أيضًا وهي الضريبة التي عليك دفعها كما يبدو إلى أن تنتقل إلى المرحلة التالية.
4- الإنسان المستنير
مدفوع بالحكمة والقيم الإنسانية العليا والرغبة في التصالح مع الذات والآخرين والعالم. وللوصول لآخر مرحلة، علينا اجتياز كل المراحل السابقة بالترتيب. وهذه المرحلة لا يبلغها إلا القليل حوالي (2%) فقط من البشر فإن وصلت لها فأنت إنسان نادر. تختلف هذه المرحلة عن السابق في أن علاقتك مع الناس تكون أكثر عمقًا ويكون عالمك الداخلي أكثر ثراء وأهدافك في الحياة أكثر شمولًا وتصبح أكثر سعادة.. أيضًا مستقلًّا عاطفيًّا، مشاعرك ملكك أنت ولا يمكن لغيرك التحكم فيها.
طريقة تفكيرك في هذه المرحلة تصبح قادرًا على رؤية الصورة العامة وكأنك أصبحت أكبر من واقعك ذاته. تنتقد طريقة تفكيرك الخاصة فتطورها باستمرار، وتصبح تتفهم حماقة الناس وتدرك لماذا يتصرفون هكذا وتحترم استقلاليتهم فمن حقهم أن يخطئوا وأن يتعلموا من أخطائهم ويكتسبوا خبراتهم الحياتية الخاصة بهم. وهو يرى الحياة من وجهة نظره ومن وجهات نظر الآخرين ويراها من بعيد كأنه خارج الصورة ليصبح رأيه أكثر شمولًا وحكمة.
إذا أردت الحكمة لا تكون مع أو ضد
ستلاحظ التطور من مرحلة لأخرى والمراحل ليست قاطعة بل تدريجية وقد نحمل في داخلنا صفات أكثر من مرحلة ولكن إحداها تكون هي السائدة التي تحكم طريقة تفكيرنا في معظم جوانب الحياة.
توقف وفكر أي مرحلة تعبر عنك أكثر؟
كيف يمكننا التطور لمراحل أعلى؟
تطور السخرية: لن تنضج إلا بعد أن تضحك على نفسك أولًا. للتسامي فوق عيوبك أو لتجاوز مشاكلك تضحك كمتفرج دون شعور بالإساءة. السخرية تجعلك تشعر بالتفوق على الشيء الذي نسخر منه فاسخر من كل ما تريد الشعور بالتفوق عليه كمشاكلك وصعوبات حياتك، والسخرية من نفسك وحياتك دليل على الثقة في النفس والتصالح معها، والقدرة على رؤية نفسك من منظور مختلف.
تطور العلاقة الزوجية: النجاح في الزواج يتطلب أن تكون أنت الشخص الصحيح، والارتقاء النفسي يساعد في تحسين جودة العلاقة.
تطور الهوية: أصبح صنع الهوية مسئولية يمكن أن يتولاها الشخص بنفسه وأصبحت شيئًا يميزه عن الآخرين لا قالبًا يجعله مطابقًا لهم. ويسمى هذا “الهوية الفردية” وتتطور الهوية من خلال الاختيارات الصعبة، والصراع الفكري وأن تتعرف على عيوبك وتحتفي بمميزاتك، وأن تتخيل نفسك في المستقبل كما تحب أن تكون، أيضًا تخيل سيناريوهات مختلفة لحياتك مثلًا: تخيل نفسك من الجنس الآخر، هذه التخيلات قد تساعدك في فهم نفسك بشكل أعمق. وأن تكن مثلك الأعلى فبلورة هويتك تساعد في التطور النفسي.
تطور الحكمة: الحكمة تزيد مع ارتقاء الإنسان في مراحل التطور. وصفات الحكمة المعرفة وتحمل الغموض أي أن يعترف المرء بحيرته وإدراك السياق أي أن المعرفة ليست كافية ليكون الشخص حكيمًا؛ لأن كيفية تطبيقها في سياقها الصحيح مهم أيضًا، والمنظور أي أن يدرك الحكيم أن الحقيقة متعددة بعدد زوايا النظر ويقول مثلما قال جبران: “لا تقل وجدت الحقيقة بل قل وجدت بعض الحقيقية” وحتى تزيد من قدرتك على المنظور فكر في تفكيرك، وفكر بعقول أخرى، اقرأ واكتب القصص، تعاطف، كن باحثًا.
تطور الذكاء العاطفي: الذكاء العاطفي هو القدرة على فهم مشاعرك أنت والتعامل معها. وفهم مشاعر الآخرين والتعامل معها. وحتى تطوره تحتاج إلى فهم مشاعرك وتصحيح معتقداتك المتعلقة بالمشاعر وأن تكلم نفسك بطريقة فعالة وهذا مفيد لإدارة المشاعر.
تطور المشاعر الإيجابية: التطور النفسي لا تصحبه زيادة في المشاعر الإيجابية بالضرورة لذلك من المفيد أن نتعمد ممارسة ما يزيد مشاعرنا الإيجابية ونجعله روتين حياتنا لأن هذا قد لا يحدث تلقائيًّا.
تطور التجربة الدينية: هناك علاقة بين مراحل التطور وطبيعة التدين فقد وجد العلماء أن الاعتقاد الديني يتطور في مراحل تواكب مستويات التطور النفسي ويساعد الارتقاء فيها على تقليل التطرف. وهذا التطور النفسي يؤثر في فهم الإنسان للدين.
تطور ما بعد الصدمة: مراحل التطور مرتبطة بنمو ما بعد الصدمة فالصدمة قد تحفز الإنسان ليتطور وحين يتطور لمراحل أعلى فإنه يستطيع الاستفادة من الصدمات بشكل أفضل. ويذكر “عرفة” عن كيفية النمو بعد الصدمة هنالك تقنيات منها كن اجتماعيًّا “فضفض” املك زمام نفسك تعامل مع الصدمة بتأجيل المواجهة أو المواجهة اختار ما تراه مناسبًا لطبيعة شخصيتك وشدة الصدمة. المهم عدم الاستسلام، أيضًا كن متفائلًا وانفتح على التجارب الجديدة وساعد الآخرين.
ما لا يقتلك يزيدك قوة
خلاصة القول: إن التطور من مرحلة لأخرى لا يعني صحة نفسية أفضل فالمرض النفسي يحدث في كل المراحل. ولكن السؤال: هل يجب أن نتطور؟ هنالك أكثر من رأي وهي لا تتطور والآخر عليك أن تتطور حتى تتحرر من نفسك حتى تكون مستنيرًا يحتاج لمجهود نفسي لتصبح أرقى، والدراسات تؤكد وجود علاقة بين التطور النفسي وزيادة الإبداع والتسامح والحكمة والقدرة على التعافي بعد الصدمات وتحمل المسئولية الشخصية والموهبة ويقلل من ارتكاب الجرائم، باختصار التطور النفسي مفيد جدًّا في كثير من الجوانب الحياتية.
add تابِعني remove_red_eye 100,527
ملخص شيق لكتاب "إنسان ما بعد التحديث"
link https://ziid.net/?p=53343