رحلة إلى الله: الرحلة العظيمة التي تستمتع بكل خطوة فيها
جميعًا نعلم فضل القرآن، نرتاح لسماعه، نتوق لحفظه، لكن هل تخيلته يومًا رحلة ستأخذك إلى نفسك كما لم تعرفها من قبل
add تابِعني remove_red_eye 43,507
هل حاولت مرارًا أن تحفظ القرآن وفي كل مرة لم تستمر؟ هل يراودك سؤال لماذا سأحفظ والمطلوب منا أن نتدبر فحسب؟ هل شعرت ذات مرة بالغيرة من أحد يستمتع بآية ويستنبط منها معاني أخرى غير التي اعتدت عليها واستغربت كيف لم تنظر لها بهذه الطريقة من قبل؟
دعني أؤكد لك أننا جميعًا يتبادر إلى أذهاننا مثل هذه الأسئلة، حتى من يجاهد ويستمر ويحفظ وأيضًا من حفظه منذ زمن، هل تعرف الفرق بين الذي يقف على أعتاب رحلة ممتعة يثق أنه سيعود منها شخصًا آخر لكنه يخشى أن تكون شاقة، وبين الذي خاض التجربة بالفعل رغم كل المشاق، رحلة القرآن كذلك، القرآن سيأخذك بين أحضانه مغيرًا ما لا بد من تغييره، نعم تبدو رحلة شاقة لكنها ستجعلك كيفما يجب أن تكون، فقط عليك أن تسمح له، أن تترك زمام أمورك إليه، وهو يعرف جيدًا إلى أين سيأخذك، كيف تفعل ذلك؟
أولاً: اسأل نفسك بصدق لماذا تريد أن تبدأ بحفظ القرآن؟
- هل لأن كل من حولك حفظه؟
- هل تريد أن تتقرب عن طريقه إلى الله؟
- هل تشعر بالخجل من نفسك عندما تفتحه فقط في رمضان؟
- أم هل تشعر بالقرب من بعض الآيات وتريد أن تقترب أكثر من كل آياته؟
اسأل نفسك بصدق.. وقد تكون إجابتك مختلفة تمامًا عمّا تعودنا عليه، فأنا مثلًا عندما بدأت بالحفظ كنت أشعر أنه يد حانية تربط على قلبي، أذكر أني كنت أتعجب كيف جاءت هذه الآية في هذا التوقيت هكذا، كيف أدعو أو أبكي أو حتى أتساءل عن شيء وفجأة تأتي الآية كرسولٍ يعرف طريقه جيدًا هكذا، شعور ليس مثله شيء وأنت تشعر أن هذه الآية نزلت لك خصيصًا الآن، تشعر أن الله معك، تشعر بحبه، بمعيته ولطفه، حتى تدمع عيناك حبًّا وعشقًا فيه، تعي عين اليقين أن الله لطيفٌ سميعٌ قريب.
هل مجرد التخيل زادك حبًّا للقرآن وإصرارًا على حفظه، جميل إذا حدث هذا، وإن لم يحدث فلا مشكلة يمكنك أن تغمض عينيك وتستشعر أن الله يسمعُك يسمع حتى حديثك الداخلي وبإمكانه أن يرد عليك الآن، لا تفكر كيف سيحدث فقط تيقّن أنه الله.
ثانيًا: لا تنظر للطريق الطويل وأنت لم تبدأ بعد، إذا كنت تريد أن تصل إلي أي مكان هل ستنظر كم خطوة ستأخذ ومن ثَم تُحبط وتقرر عدم الذهاب أم تعزم على الذهاب مهما طال الطريق، واثقًا أنك ستصل في النهاية؟ هكذا هو طريق القرآن، نعم لا أحد يُنكر أنه طريقٌ طويل شاق لكنه ممتع غني سيُثريك، فقط عليك أن تبدأ وتستمتع بكل آية، تلذذ بها، انظر لوقع أثرها بقلبك، تفهمها كأنها نزلت فقط إليك الآن، استشعر العلاقة التي نشأت بينكما ولا تحمل عبء متى سأختم؟
دعني أقول لك سرًّا، ليس هناك نهاية مع القرآن، هو طريق له بداية لكن ليس له نهاية، حتى إذا انتهى حفظك لكل الآيات تأكد أن الآيات التي تحملها بقلبك تحمل من ثراء المعاني ما لم يصدقه عقلك، وكلما تعمقت أكثر كلما اكتشفت ما سيُدهشك أكثر.
ثالثًا: ابحث عن أفضل وأيسر طريقة لحفظك، فهناك أحد يحفظ أسرع بتكرار سماع الآيات من شيخه المُفضّل، وهناك أحد يستمتع بتكراره للآيات بصوته هو، والبعض يُفضّل كتابتها حتى تثبت أكثر، فما هي الطريقة التي تُفضّلها، ولا داعي لتذكيرك أننا مختلفين فيمكن أن تكون طريقتك مبتكرة مختلفة عن الجميع حتى وإن لم يسبق أحد أن حفظ بها.
رابعًا: ابدأ بحفظ سور تحبها وتشعر معها بالألفة والود تشعر أن لها وقعًا داخل قلبك، لا تتقيد بالترتيب، عندما تبدأ بسورة تحبها ستزيد قلبك تعلقًا وسترغب بالمزيد حتمًا. دعني أخبرك بسرٍّ آخر، عندما تحفظ القرآن ستشعر بالحب تجاه كل سورة، ستشعر بقرب كل واحدة منهن بطريقة مختلفة. إحداها ستشعر معها بالتناغم إحداها بالرهبة إحداها بالقوة إحداها بالجلال إحداها بالجمال إحداها بالسكون وإحداها بمشاعر الدفء وأحيانًا لن تستطيع أن تُترجم هذا الشعور، فقط تشعر به عندما تقرؤها.
خامسًا: من المؤكد سألت هذا السؤال من قبل، لماذا نحفظ ما دُمنا يمكن أن نتدبر دون الحفظ، في الحقيقة إنه سؤال لن تعرف إجابته بيقين إلا عندما تحفظ، أتعرف لماذا؟ لأنك إذا تذوقت طعم التدبر مع الحفظ لن تسأل هذا السؤال مجددًا. عندما نحفظ نشعر أننا نرى كل كلمة بتفاصيلها الدقيقة، تُجبرك كل كلمة أن تعرف كيف تُنطق، لا بل ليس كل كلمة، في الحقيقة تعرف كيف يُنطق كل حرف، كيف تعطي له حقه كما يجب، تعرف متى تقف ومتى لا بد أن توصِل، ومتى لا يجوز الوصل، الحفظ يعني فعلاً أن تُبحر داخل كل آية، فهل ستستطيع أن تفعل كل هذا وأنت تَدّعي أنك ستتدبر من الخارج فقط.
القرآن هو كتاب يحوي كل العلوم، كل المعاني كل ما تبحث عنه وما لا تعلمه لتبحث عنه.، حفظك له سيفتح لك آفاقًا لم تكن تتخيلها، كيفية نطقه وحدها علم، تشعر بعظمه ترتيبه، ليس هناك حرف زائد أو حرف ناقص، لا بل لا يوجد حركة بغير محلها، هل قرأته يومًا واستشعرت أنك تنطقه كما نطقه سيد الخلق أجمعين، هل تخيلت نفسك بجانبه عندما نزل عليه وأنك أول من نطق به بعده، هل تمنيت لو أنه اصطفاك لتحمل هذه الأمانة من بعده، نعم ما دمت تريد الحفظ فالله قد اصطفاك بالفعل “ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا” فماذا تنتظر بعد؟ فلتعزم نيتك وتبدأ الآن.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 43,507
مقال ملهم حول حفظ القرآن والتفكر فيه
link https://ziid.net/?p=50001