تربية الأطفال في إسبرطة تختلف كليًّا عن بقية بقاع العالم، فقد تأثرت بعوامل عديدة، منها عوامل جغرافية، وأخرى سياسية واجتماعية، وما جعلها مميزة هو الهدف الذي سعوا لتحقيقه من خلال برنامج تربوي جسدي صارم، وهذا الهدف هو صناعة مقاتلين أشداء، لا ولاء لهم إلا لإسبرطة. فموقع إسبرطة الجغرافي ساهم كثيرًا في عزلتها عن بقية مدن اليونان وعن العالم. وهذا كان أحد أسباب وضع الإسبرطيين أنظمة سياسية خاصة بها، كأن تحكم عن طريق ملكين محدودي السلطة، يتم انتخابهم، ويساعدهم مجلس شيوخ، والذين يساهمون في قيادة الجيش خلال الحروب.
أما فيما يخص النظام الاجتماعي، فقد قسم الإسبرطيون المجتمع إلى ثلاث طبقات وهن:
١_ طبقة الإسبرطيين.
٢_ الطبقة المتوسطة.
٣_ طبقة العبيد.
كما يختص افراد الطبقة الوسطى والعبيد بالأعمال اليدوية والحرف، التي تمنع على أفراد الطبقة الحاكمة القيام بها، وغيرها من الأمور التي عُرفت بها إسبرطة دون غيرها.
مراحل التربية في إسبرطة
تمر التربية في إسبرطة بأربع مراحل، معتمدة كل مرحلة على الأخرى، وتجاوز كل مرحلة يحدد وضع الطفل في المرحلة القادمة.
حيث تمتد هذه المرحلة من الميلاد حتى سن السابعة، وتتولى الدولة مهمة تربية الطفل، كما تقوم الدولة باختيار الأطفال الذين يتمتعون بصحة جيدة، وتترك الأطفال المرضى يموتون في الجبال. وتفرض الدولة خطة يكون تنفيذها وفق نظام يهدف لتعويدهم على التقشف، والشدة، والقدرة على الابتعاد عن الترف والراحة، ليكون مهيأ وقادرًا على حماية بلادة من الأخطار الداخلية والخارجية.
تبدأ هذه المرحلة من سن السابعة حتى الثامنة عشر، ويتم إرسال الأطفال إلى معسكر عام، حيث يتم تدريبهم على التمارين الرياضية تحت إشراف الدولة، عن طريق تكليف مدرب ويعاونه مساعدون على التدريب، وكل التدريبات تكون قاسية وخشنة، لتعويد الطفل على الشجاعة والطاعة والصبر على المتاعب لغرض الانتصار في المعارك.
تبدأ المرحلة الثالثة من سن الثامنة عشر حتى العشرين، وتتركز هذه المرحلة على تدريب الفتيان على فنون القتال وحمل الأسلحة. ويتم اختبار صبر وجلد الفتيان كل أسبوعين، ومن يتفوق منهم يصبح معلمًا للصغار أو لمتدربين المرحلة الثانية.
تشمل هذه المرحلة من هم في سن العشرين وحتى سن الثلاثين، ينخرط الفتى في حياة الجندية بشكل مبدئي بعد أن يجتاز تدريبات صارمة، ثم يصبح جندي نظامي يشارك في الحروب، وببلوغه سن الثلاثين يصبح الفتى مواطنًا رسميًّا يستحق المواطنة بما تشمله من واجبات وحقوق، ثم يطلب منه الزواج ليستوفي بقية شروط المواطنة، ليكمل وضعه الاجتماعي، ويكون مستعدًا للخدمة العسكرية حتى سن الستين.
ولم يكن هناك أي تفريق بين الذكور، والإناث في إسبرطة من ناحية التربية والتدريبات، فالفتيات يخضعن للتدريبات ذاتها لكن تحت إشراف أمهاتهن وفي ساحات عامة من دون الذهاب إلى المعسكرات. والهدف الرئيسي من تدريب الفتيات هو جعلهن قويات لينجبن أطفالًا يتمتعون بصحة جيدة.
إن تماثل هذه التربية بين الذكور والإناث كان لها أثر ملحوظ على الأبناء، فكما كان المحارب مثلًا أعلى للذكور، كانت الأم المقاتلة مثل أعلى للفتيات.
مناهج التعليم
لم يهتم الإسبرطيون كثيرًا بالقراءة والكتابة، والذين تعلموها بمجهود ذاتي قليل جدًّا، وذلك راجع لسبب طغيان الجانب العسكري على الجانب التعليمي. أما علوم المنطق والنحو والبلاغة كانت من ضمن العلوم المهملة، وكان يسمح للفتية الصغار بمجالسة الشيوخ والمسنين أثناء تناول الطعام أو المشي لتعلم اللباقة والنباهة منهم، وتمرينهم على التمسك بقيم العدالة والشرف.
اعتنى الإسبرطيون بالشعر والأناشيد الموسيقية، فكانوا يرددون أشعار هوميروس والأناشيد الدينية، أما الأغاني فكانوا يستخدمونها لتدريب الناس على التجنيد ورفع المعنويات في الحروب ولم يكن اهتمامهم بها لجمال فيها. برغم أن تربية الإسبرطيون قاسية لا مكان للمشاعر فيها فإنه كانت هناك عناية شديدة بالجانب الأخلاقي، والتي من أهم أساسياتها التقديس والطاعة للرؤساء، والأمانة والصدق والتواضع، والتضحية بالذات، والولاء التام للدولة. وكل التدريبات البدنية والعسكرية منوطة بموظفي الدولة، أما بقية جوانب التربية فكانت تلقى على كبار الذكور في المجتمع.
إليك أيضًا
تاريخ النشر: الثلاثاء، 5 أكتوبر 2021
كيف كان الاسبرطيون يربون أبنائهم؟
link https://ziid.net/?p=91124