حصان طروادة: حقيقة أم أسطورة صاغتها الروايات والأفلام؟
تخيل كم حصان طروادة وثقت به وآمنت أنه شيء جيد ومن ثم بعد أن دخل حياتك دمرها وحولها إلى جحيم
add تابِعني remove_red_eye 13,787
حرب طروادة الشهيرة، التي شهدت على صراع مملكتي طروادة واليونان الميسينية أثناء العصر البرونزي، صارت هذه الحرب أسطورة ورُويت عبر التاريخ، وكانت مصدر إلهام لأعظم كتاب العصور القديمة مثل؛ هوميروس وهيرودوت وسوفوكليس وفيرجيل.
أثناء القرن التاسع عشر، أُعيد اكتشاف موقع طروادة في غرب تركيا اليوم، فقد اكتشف علماء الآثار أنه كان هناك مملكة قوية وقد بلغت ذروتها ودمرت في عام 1180م قبل الميلاد، وهذا يُدعم الحكايات التي رواها هوميروس بعد ذلك بحوالي (400) عام لاحقًا في الإلياذة والأوديسة. لكن بالرغم من ذلك، هناك العديد من علامات الاستفهام التي تطرح شكوكًا بشأن هذه الحرب والحصار وحصان طروادة الشهير، لنتعرف أولًا على قصة الحرب.
قصة حرب طروادة
وفقًا للروايات المنتشرة في المصادر الكلاسيكية، أنّ الحرب قد بدأت بعد اختطاف أو هروب الملكة هيلين زوجة الملك مينلاوس من أسبرطة (مدينة في اليونان القديمة، كانت تُعرف بأنها دولة مدينة؛ أي مدينة مستقلة السيادة)، وقام بذلك أمير طروادة وقتها ويُدعى “باريس” الذي وقع في غرام هيلين وقرر اختطافها أو أنها قررت الهروب معه، الأمر ليس واضحًا في هذه النقطة.
بعدما اكتشف ذلك الملك مينلاوس، أقنع شقيقه أجاممنون، ملك ميسينا (منطقة قديمة في اليونان)، بأن يقوم برحلة استكشافية لاستعادة هيلين من جديد. انطلق أجاممنون بقيادة أسطول يضم أكثر من ألف سفينة، ورافقه أبطال اليونان المشهورين أمثال أخيل وأوديسيوس ونسطور وآياس.
عبر الأسطول بحر إيجة واتجهوا إلى آسيا الصغرى لفرض الحصار على طروادة وكان لهم ما أرادوا وحُوصرت طروادة وطالبوا الملك بريام، ملك طروادة بإعادة الملكة هيلين إليهم واستمر الحصار لأكثر من (10) سنوات، تخللته بعض المعارك والمناوشات، وقُتل خلالها الأمير هيكتور، شقيق الأمير باريس أمراء طروادة، كما قتل أخيل الذي لا يقهر، وهو واحد من أقوى أبطال اليونان.
في صباح إحدى الأيام انسحبت الجيوش اليونانية وتركت حصانًا خشبيًا كبيرًا خارج بوابة طروادة. يُقال أنه في الحروب القديمة، كان الجيش المنهزم يترك هدية لعدوه المنتصر كنوع من التهنئة أو شيء كالروح الرياضية في الألعاب الرياضية. وكان هذا الحصان الخشبي الضخم هدية اليونان لطروادة.
حذرت الأميرة كاساندرا من هذا الحصان، وطلبت عدم إدخاله إلى المدينة فهو شيء غامض قد يحوي في باطنه على خطر ما، لكن لسوء الحظ لم يلتفت أحد لها، وسحبوا الحصان إلى داخل المدينة. وفي الليل، خرج مجموعة من الجنود اليونانيين من الحصان بقيادة أوديسيوس، ونهبوا المدينة وسيطروا عليها جيدًا، وقبضوا على الملكة هيلين، وعادوا بها إلى اليونان من جديد، حيث أكملت حياتها مع مينلاوس حتى وفاته، وبعدها نفيت إلى جزيرة رودس.
هل حصان طروادة حقيقة أم أسطورة؟
ذكر حصان طروادة لأول مرة في الأوديسة، التي تروي قصة الحرب وكيف استطاع اليونانيون استخدام الحصان للاستيلاء على المدينة، ويُفترض أنهم تركوه كقربان للإلهة أثينا. لكن ظل الجدل يحيط بشأن ذلك الحصان، فقد أشار العديد من الباحثين في الآثار إلى أنّ كل الأدلة الأثرية الخاصة بحرب طروادة قد اختفت بالفعل، وأما عن الحصان الخشبي، فهو مجرد خيال، استوحى فكرته من محركات الحصار القديمة التي كان المحاربين يلبسونها جلود خيول رطبة لمنع اشتعال النار فيها أثناء استخدامها.
علاوة على ذلك، فهناك شك حول وجود هوميروس الذي كتب الأوديسة والذي يُعد أعظم شعراء الملحمة اليونانية. كما أن الإلياذة والأوديسة نُقلت شفهيًا وكُتبت لأول مرة في القرن الثامن قبل الميلاد. حتى وإن كان القدماء متأكدين من وجود هوميروس، إلا أنه لا يوجد شيء مؤكد عنه، لذا فكرة أنه كان مجرد أسطورة فقط مقنعة إلى حد ما. مع ذلك، هناك دراسات قائمة حول الإلياذة والأوديسة للتأكد من صحتها، بالرغم من صعوبة الأمر، فقد كُتبت في القرن الخامس قبل الميلاد.
هل حرب طروادة حقيقية حقًّا؟
ما زالت إجابة هذا السؤال موضع جدل حتى يومنا هذا، خاصة إذا كان الاعتماد الكلي على ملحمة طروادة، التي تُصور العديد من الشخصيات الرئيسية وكأنها نسل مباشر للآلهة اليونانية. فمثلًا، الملكة هيلين هي ابنة زيوس –أحد آلهة اليونان– من الأمور المحيرة أيضًا، هي كيف استمر الحصار على هذه المدن لأكثر من (10) سنوات، فقد كانت أقول المدن تستطيع الصمود فقط لفترة (10) أشهر ليس أكثر.
كشف علماء الآثار عن وجود تسع نطاقات عند المدينة كانت مأهولة بالسكان قبل حوالي (3000) عام، وتم إخلاؤها نهائيًّا عام (1310) بعد الميلاد. إضافة إلى ذلك، لقد أظهرت الحفريات أنّ هذه المدينة تأثرت بالحرب وظهر الحطام بها في عام 1180م قبل الميلاد، أي قبل ميلاد هوميروس بحوالي (400) عام. وبذلك هناك عدة احتمالات في هذا الأمر، إما أن تكون الأخبار قد تناقلت وحرفت على الزمان، أو أن هوميروس قد خمن ما حدث بناء على بعض القصص. لكن الأكيد في الأمر، أنّ المنطق لا يخطئ عندما يستخدم الأدلة الأثرية والتاريخ جيدًا.
وبناءً على ذلك، فإنّ حرب طروادة قد تكون حقيقية أو أسطورة، فهناك الكثير من الأدلة التي تُدعم فكرة أنها حقيقية، مثل الحطام والحفريات التي تؤكد تعرُّض هذه المنطقة للحرب المدمرة في وقت ما، وهناك أدلة تُدعم احتمال أنها غير حقيقية منها فكرة أن هيلين من سلالة الآلهة أو استمرار الحرب لعشر سنوات.
لكن يمكننا استخدام كلا الاحتمالين في تدعيم فكرة وهي أنّ الحرب حدثت بالفعل، لكن هناك بعض الأحداث التي ذكرتها الأوديسة ليست حقيقية نظرًا لعدم منطقيتها. وبذلك يمكننا القول بأنها حقيقة وليست أسطورة بنسبة كبيرة. أما عن قصة الحصان، فهي تحمل الشك بنسبة كبيرة، خاصة بعد وجود دليل يدعم فكرة استخدام جلود الأحصنة في محركات الحصار.
إليك أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 13,787
تدور الشكوك حول حرب طروادة نفسها، وما يؤكد هذه الشكوك هو حصانها الشهير
link https://ziid.net/?p=75606