الهدر في استهلاك الكهرباء.. أسبابه وعواقبه وكيفية الحد منه
استهلاك الكهرباء مشكلة تضرب مجتمعاتنا بقوة، وتعاني بلداننا من ارتفاع معدلاته، إليك بيان كامل عن الاستهلاك وطرق الترشيد
add تابِعني remove_red_eye 112,619
تعد الطاقة الكهربائية من أعظم الهِبات التي حُظيت بها البشرية. وارتبطت مظاهر الحياة الحديثة بها ارتباطًا لا فكاك منه. بيد حقيقة أنّ الكهرباء يُستخدم في إنتاجها موارد طاقة غير متجددة وقابلة للنفاد، يجعل من الحديث عن ضبط توزيعها بين القطاعات المختلفة السكنية منها والمؤسسية، وتحديد الطلب عليها وترشيد استهلاكها أمرًا ذا بُعد إستراتيجي وأهميةٍ قصوى، فضلًا عن ارتفاع تكلفة الإنتاج الذي يُلقِي بظلاله على معدلات الاستخدام العالية ويُثير تساؤلاتٍ منطقية بشأن الحاجة إلى وضع معايير أكثر صرامة واتخاذ خطواتٍ أكثر جدّية في ما يتعلق بالاستعمال الرشيد للموارد الكهربائية.
ازدياد مستمر في استهلاك الكهرباء
في بلدان الخليج العربي بصفةٍ خاصة، يتميّز استهلاك الطاقة الكهربائية بارتفاع معدلاته مقارنةً مع الدول الأخرى. ويشكّل هذا الأمر تحديًا تجابهه هذه الدول. إذ تشهد معدلات الاستهلاك تناميًا دائمًا في دول الخليج العربي على مدى السنوات الماضية، لا سيما لدى القطاعات السكنية التي تستحوذ على ما يربو عن الخمسين بالمائة من الاستهلاك الكلي للطاقة الكهربائية وفق بعض المصادر الرسمية.
وعلى الرغم من أنّ هذا الاستهلاك المتزايد للكهرباء في بلدان الخليج يمكن تبريره بالنّمو السكاني وازدياد الأنشطة الاقتصادية والمشروعات الاستثمارية، إلا أنّ حجم الاستهلاك في الدول المتقدمة التي تشهد معدلات متزايدة أيضًا من النمو السكاني والنشاط الاقتصادي يبيّن فرقًا واضحًا بمعدلات استهلاك منخفضة بالمقارنة مع دول الخليج العربي.
في المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، يبلغ حجم استهلاك الكهرباء ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي. وكمثالٍ على حجم الاستهلاك العالي للغاية للكهرباء في دول الخليج العربي، وبالمقارنة بين اثنين من بلدان الخليج، هما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، من ناحية، ودولتي الدنمارك وسويسرا، كمثالين على الدول المتقدمة، من الناحية الأخرى نقف –بالأرقام– على ضخامة أرقام الاستهلاك لدى بلداننا العربية.
وتوضّح المقارنة ارتفاع أرقام الاستهلاك الكهربائي في كلٍ من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة مقارنةً بالدولتين الأوربيتين على مدار العقدين الأخيرين. ويُدرِك كل مَن يدرس الأمر أنّ الفرق بين هذه الدول وبيننا –في ضوء الاشتراك في الظروف المتمثلة في النمو السكاني وحجم النشاط الاقتصادي– يكمن تمامًا في أنّ هاتين الدولتين هما مثلهما مثل غيرهما من الدول المتقدمة التي أشاعت ثقافة الوعي الاستهلاكي وأرست دعائمها لدى عامة الناس حتى أضحت سلوكًا وحذوًا يقوم به الشعب وتمارسه الحكومة وتعتني به المؤسسات.
فترشيد الاستهلاك ببساطة، هو المعادلة السهلة التي طبّقتها هذه الدول ونجحت من خلالها في ضبط الطلب على الكهرباء وحُسن التعامل مع الموارد الكهربائية المتاحة لديها. ولا يعني الترشيد، بأي حال، التقشّف في استخدام الكهرباء أو قصرها على استخداماتٍ معينة، أو حظر بعض الأجهزة، مثلًا، من الاستعمال، بل يعني في واقع الأمر، الاستخدام في أمثل حالاته للموارد الكهربائية من خلال عددٍ من الإجراءات التي من شأنها خفض استهلاك الكهرباء بدون التأثير على استعمال الأفراد والمؤسسات للكهرباء في احتياجاتهم الحياتية المختلفة. فالترشيد، إذن، يتعلق بالكفاءة في الاستخدام، وليس الامتناع عنه، وذلك على نحوٍ يحِد من إهدار الطاقة الكهربائية بلا طائل.
حلول في المتناول
يتطلب الأمر إذن خططًا وطنية على كافة المستويات، الحكومية منها والشعبية، لرفع الوعي بأهمية الترشيد واتّباع سياسات من شأنها الحد من معدلات الاستهلاك العالية للكهرباء الناتجة عن الهدر وسوء الاستعمال.
من ضمن أبرز الإستراتيجيات في هذا الشأن، التي يمكن أن تدعمها، أو تفرضها الدولة:
- استخدام العوازل الحرارية في المباني، لا سيما قيد الإنشاء منها، حيث أوضحت الدراسات في هذا الخصوص أنّ استخدام العوازل في الجدران والشرفات من شأنه أن يوفر ما يصل إلى 60% من الكهرباء، لا سيما في البلدان شديدة الحرارة كما هو الحال في دول الخليج العربي. علمًا أنّ هذه العوازل تؤدي ذات الوظيفة سواء أكانت المباني سكنية، صناعية أو حكومية.
- جانبٌ آخر من جوانب التوفير في استخدام الكهرباء والطلب عليها يتعلق باستخدام أنظمة التكييف عالية الكفاءة. ففي دولٍ تشتد فيها درجة الحرارة في الصيف لتبلغ بالكاد نصف درجة الغليان، فإنّ من البدَهَي أن تكون أجهزة التكييف هي أكثر ما يستهلك الكهرباء.
وفي بلادٍ كالمملكة العربية السعودية، يشكّل استهلاك أجهزة التكييف ما يصل إلى 70% من فاتورة الفرد الواحد، لا سيما في فصل الصيف، فإن العناية باختيار واستخدام جهاز تكييف عالي الكفاءة تُصبح ضرورة اقتصادية نظرًا للأعباء المالية الإضافية التي يُسبّبها استخدام نظام تكييف رديء، فقد ثبت أنّ استخدام جهاز تكييف ذي كفاءة يمكن أن يوفر ما لا يقل عن 20% من فاتورة الكهرباء.
add تابِعني remove_red_eye 112,619
مقال مميز يتناول مشكلة استهلاك الكهرباء وطرق الترشيد.
link https://ziid.net/?p=15034