أشياء تعلمتها من خدمة العملاء [تجربتي الشخصية]
خدمة العملاء عمل صعب جدًّا، ولكنه يعلمك الكثير في الحياة. خاصة كل ما هو له علاقة بالبشر وعلاقاتهم ومشاعرهم المعقدة كثيرًا
add تابِعني remove_red_eye 9,129
عندما تدخل كمشترٍ أو كطالب خدمة من خدمات الهاتف على سبيل المثال، فأنت تدخل المكان واضعًا في عقلك الكثير من التوقعات، أليس كذلك؟ كأن يسمعك ممثل الشركة أو الشخص المرتدي الزي الرسمي الخاص بالشركة أو المطعم أن يسمعك من أول مرة، أو أن ينفذ جميع الطلبات دون كلمة “غير متوفر حاليًا” أو على الأقل “نعتذر، فإنك لن تستطيع أن تتمم تلك الخدمة من ذلك الفرع”.
خدمة العملاء أو التعامل مع الجماهير هو نوع صعب من العمل، بل يعتبر من أصعب الأنواع؛ فنحن بشر، لسنا كلنا بنفس الشخصية، لسنا كلنا نتفاهم أو نتفهم أو نستطيع الاستيعاب بسرعة، ولسنا كلنا نستطيع تقدير جهود من حولنا أو مشقة عملهم! لسنا كلنا نستطيع أن نتقبل تأجيل الخدمة أو تأخرها بسبب قهري أو حتى بسبب تشتت من يقوم بتقديم الخدمة لنا.
لسنا كلنا متواضعين أو متعاونين أو نبتسم في وجه من يقوم بمساعدتنا بشيء ما، لذا عندما تعمل بخدمة العملاء يجب عليك أن تدرك أنك تتعامل مع ألوان وأصناف مختلفة من البشر، هناك منهم من هو جيد وهناك من هو سيجعلك تريد أن توقع استقالتك قبل حتى أن ينهي المكالمة معك. لذا أنت تقوم صباحًا لترتدي سماعة “الـ” أو ترتدي زيك الرسمي الخاص بخدمة العملاء وتحاول أن تتعامل مع شتى أنواع البشر، مع من يكون صباحهم جيدًا أو من تلقى منهم خبرًا سيئًا، من يعاني من اكتئاب أو يعاني من أزمات، أو حتى تلك الشخصيات الحيادية التي لا تبدو أنها تختبر أي نوع من أنواع الظروف جيدة أو سيئة.
ما أنواع خدمة العملاء؟
في الماضي، كانت خدمة العملاء على هيئة بسيطة، فكان العميل يدخل الشركة، ليجد الموظف في انتظاره، ليقوم بمساعدته لينهي أوراقه أو طلباته. ثم تطورت الخدمة فأصبحت الشركات تريد أن تدخل البيوت، فتتعامل مع الشركة وأنت في منزلك، فأصبح هناك ما يسمى بخدمة العملاء على الهاتف، خط ساخن توفره الشركة بسعر المكالمة العادية أو حتى بالمجان، فتتصل أنت بمن يرتدي سماعة في انتظارك.. بانتباه شديد وسيناريو مسجل يرد عليك به، ومكالمات مسجلة تقوم بمراجعتها هيئة داخل الشركة لضمان أنك كعميل يتم احترامك وتأدية الخدمة اتجاهك على أكمل وجه.
ثم تطورت الخدمة، لتصبح مجرد تطبيق يتم تحميله، فيقوم ببعض الخدمات المهمة للعميل، بل يساعدك في تسديد الأموال المستحقة للخدمة بدون النزول من المنزل، أو التحدث مع أشخاص. نحن أيضًا تطورنا جيدًا، نبحث عن جميع الوسائل لراحة الناس، لتسهيل أمورهم التي يريدون القيام بها مع جهة أو شركة. عملت في خدمة العملاء عبر الهاتف لأكثر من ثمانية شهور، ثم الآن أنا مكتبية، أتعامل مع قراء أو نستطيع أن نقول عملاء وجهًا لوجه، لذا فأنا الآن اكتسبت خبرة في التعامل خلف الشاشة، وأمام العميل أيضًا.
ما الذي تعلمته من خدمة العملاء
اسمع ولا تقاطع
حينما يبدأ العميل في الكثير من الطلبات، أو شرح ما يريد أو حتى ما يشتكي منه، فلا تقاطع العميل. هذا الشخص حينما دخل ليقول لك شيئًا ما خاص بالعمل، يريد منك أن تنهي مشكلته دون أن يتبقى منها شيء، يريد أن يوضح ما يحدث كي تدرك ما عليك فعله كاملًا، لذا من مصلحتك ألا تقاطعه، لتعلم ماذا يريد بالضبط، وما يريده كاملًا.
ولكي لا تغضبه، فمن الممكن أن يتهمك بأنك تريد أن تتخلص منه سريعًا، أو حتى أنك تريد أن تنتهي منه لكي لا تعمل، حينها وصدقني عندما أقول هذا، فالعميل سيكون على حقّ، فلا أحد سيدري أنك تقاطعه أنك فهمته، أو أنك أدركت أين المشكلة، أو حتى لأنه يقول كلامًا لن يفيد في حل أزمته.
اعلم متى تصحح للعميل خطئه
العميل وإن كان جاهلًا ببعض الأمور، أو نطقه أو معلوماته خاطئة، فلا داعي لإحراجه، وذلك ليس لسبب شخصي، أو لخوفنا من ردة فعله، ولكن فقط لأننا نريد أن نبني معًا حيزًا مريحًا للعرض والطلب، هو لجأ لك وأنت هنا للمساعدة. فقط هي علاقة مؤقتة يجب ألا تحتوي على ذكريات سيئة، لأنك ممثل للشركة ولذلك فأنت لسانها وشخصها ولست أنت نفسك.. أنت تمثل شيء ما هنا. لذا فقط إن تعدى الأمر مجرد نطق خاطئ أو اسم زميل، يمكننا أن نتغاضى عن التصحيح. نحن نقوم بتصحيح أسعار الخدمات، أو مدة تفعيلها، أو حتى المبلغ الذي يجب دفعه، نحن نصحح ما يضر بالعميل أو الشركة وأي شيء غير ذلك يعتبر من الأشياء غير الواجبة.
الابتسامة
لا لن أقول أنها صدقة. لسنا هنا لنقول “كليشيهات” لا تمتّ لخدمة العملاء بصِلة عزيزي القارئ. الابتسامة هي سلاح فعّال في مواجهة العميل الغاضب أو المتعجل أو الذي لا يريد أن ينتهي في ربع الوقت المفترض للتعامل. الابتسامة لها العديد من الفوائد؛ أولها اللطف. اللطف تجاه العميل يعطي معنى ساميًا. أن أدخل لأدفع فاتورتي لأجد من يبتسم ليحييني فهو أمر سيجعلني ابتسم أيضًا، بل وانتظر لو التعاملات أخدت وقتًا طويلًا.
الابتسامة تبني جدار ثقة واحترامًا بين الطرفين: الموظف والعميل. تلك الابتسامة التي نبخل بها على الناس تجعلهم يدركون كم أننا بشر مثلهم، نقوم بتوفير شيء لهم فيتولد لديهم شعور الامتنان ولو أنه واجبنا أن نساعدهم ولكن امتنانهم لتخطي العرض والطلب ليصل لحدائق الإنسانية بداخلنا.
الشكوى من الزملاء
ماذا لو أتى عميل ليشتكي من زميل لك؟ أولًا إنه موقف صعب، لأنك لا تستطيع أن تقول شيئًا ضد زميلك أو حتى ضد العميل، لقد تعرضت لهذا الموقف مرتين. أول مرة قابلت الأمر بالصمت والذي بالمناسبة لم يعجب العميل، والثانية كنت قد سألت أحد المسؤولين وعلمت ما الذي يجب عليك فعله.
في البداية لن تقاطع العميل، مخطئا كان أو معه حق، سنستمع فقط، لو العميل على حق؛ فسنقوم بالاعتذار بالنيابة عن الزميل والشركة، وإن كان مخطئًا فسنعتذر ولكن، تلك المرة على سوء الفهم الحاصل بيننا وبين العميل. في كلتا الحالتين لا تستطيع أن تجعلها مسألة شخصية بين موظف وطالب للخدمة، فأعود لأقول لك أنك ممثل لشركة أو لجهة لا يجب أن نتعامل كأفراد.
الغضب لا يُقابل بغضب!
عميل غاضب، كيف ستقابله؟ أن يعلو صوتك على عميل، فهذا ولا أعتقد أنه حلّ، فيمكن أن تزداد حدة غضبه فيمد يده أو حتى يظل يصرخ حتى يأتي نجدة من السماء فيذهب صوته لما وراء السماوات.
الحل أننا في مثل تلك الحالات يجب أن ندرك. هل هذا العميل يصرخ فقط لأنه يجيد الصراخ ويريد أن يبقى في دائرة الاهتمام وأن ننتهي من أعماله سريعًا لكي يتوقف عن الصراخ أو لأنه غاضب فعلًا لأن هناك خللًا من جانبنا. لذا إن كان العميل رقم واحد. ارجع واطلب الأمن فورًا، لأنه يقوم بتعطيل حركة العمل، كما أنه عميل غير قابل للتعامل معه طبقًا لسياسات التعاملات الطبيعية بين الموظف والعميل. ولو كنت عبر الهاتف. قم بتحذيره ثلاث مرات، فإن لم ينصع قم بإغلاق المكالمة مع التبليغ للرؤساء بالاسم وبيانات العميل، لكي يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة معه.
أما إن كنا في الموقف الثاني، فأنت أمام الحلّ الطبيعي وهو الاعتذار مع وعد بحل الأزمة وتصحيح الخطأ، مع مكافأة بسيطة للعميل، كوجبة مجانية، رصيد مضاعف، أو حتى اعتذار لائق رسمي باسم الشركة سيكون كافيًا، فالعميل الذي يشعر بأهميته وسط الآلاف من العملاء لن يتركنا بسهولة، أو يعيطنا تقييمًا سيئا.. أليس كذلك؟
تلك بعض الأمور التي تعلمتها وما أزال أتعلمها كل يوم سواء كعملي الآن أو من قبل. الصدق هو ما سيميزك كجهة عمل أو كممثل لجهة عمل، الصدق والابتسامة وأخيرًا .. أن تتعلم عملك على أكمل وجه لكي لا يتذمر العميل أو يشعر أن هناك ما ينقصه.
أتعلم قارئي الصبور.. حتى إن تلك النصائح يمكن تطبيقها في الحياة الشخصية مع القليل من التغيير، يمكن أن تكون الحياة أفضل إن صبرنا ولم نواجه العنف بعنف، وستكون أفضل إن استمعنا أكثر مما تحدثنا.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 9,129
تجربة ملهمة في خدمة العملاء
link https://ziid.net/?p=75027