رحلة (10) سنوات في عالم التسويق
التسويق سر يربط بين رغبات العميل ومميزات المنتج أو الخدمة، والمسوِّق الناجح هو من يعلم كل شيء عن المنتج أو الخدمة التي يقدمها
add تابِعني remove_red_eye 29,562
بداية الرحلة كانت مع شركة مستحضرات تجميل عالمية، كنت في ذلك الحين في السنة الثالثة بالجامعة، قبلت العمل مع الدراسة بهدف صِبْيانيّ بَحْت، وهو: تعلم الفرق بين مصطلحات مستحضرات التجميل!
وقتها -في نهاية عام (2009م)- كان عدم التفرقة بين “الآي شادوي” و”الآي لاينر” بالنسبة لفتاة جامعية ينتظرها عامٌ واحدٌ فقط للتخرج من الجامعة يُعد أمرًا غريبًا جدًّا، لهذا قررت تخصيص جزء من وقتي للعمل في التسويق لمنتجات الشركة، وبالفعل عملت لأكثر من سنة ونصف في إحدى فروع الشركة بمصر.
التحدي الأول في حياتي بعالم التسويق
أتدرون ما هي المعضلة التي وضعت نفسي فيها؟ أصبحت أعمل في تسويق مستحضرات تجميل لواحدة من أكبر الشركات العالمية، في حين لم تتعدى خبرتي في هذا المجال المرحلة الأولي من الأساسيات! لكن لا يوجد مستحيل إذا عزم المرء على تحقيق هدفه، وأظنكم تعلمون مقدار إيماني بهذه المقولة.
أصبحت أدرس منتجات الشركة وأقارن بينها، لدرجة أنني أحيانًا كنت أحفظ “الكتالوج” الذي تُصدره الشركة شهريًّا، وفي نفس الوقت لم أخلط بين عملي ودراستي، فأثناء وجودي في العمل كنت أنسي شخصيتي كطالبة إعلام تمامًا، وفي المقابل لم أستخدم علاقاتي مع زميلاتي في الجامعة للترويج لكتالوج الشركة، بل على العكس -حتى هذه اللحظة- لم يعلم أيٌّ من أقراني أني كنت أعمل في تلك الشركة وقتئذٍ.
وتلك هي النقطة الأولي التي تعلمتها في مشواري المهني، فصل الحياة العملية عن باقي نواحي حياتنا، حتى إذا كانت نواحي حياتنا ستؤثر بالإيجاب على حياتنا العملية.
النصيحة الأخرى الأكثر أهمية هي بناء قاعدة عملاء جيدة، من خلال زرع جذور الثقة بينك وبين عملائك، فمثلًا: أتذكر أني كنت أخصص صفحة كاملة لكل عميل من عملائي أكتب فيها تفاصيل عنه، المنتجات التي يحبها، لقبه المميز، وحتى عيد ميلاده، وفي كل مناسبة كنت أحرص على الاتصال بهم وتهنئتهم، بالمختصر كانت علاقتي معهم عبارة عن علاقة صداقة لا علاقة بائع ومشترٍ.
بالطبع كان ذلك نابعًا من نوايا حسنة تمامًا، كنت لا أهدف للتربح من إقامة صدقات معهم، كل ما كنت أتمناه أن أصبح كتجار المسلمين لا أبيع أيّ شيء إلا إذا كنت واثقة تمامًا من جودته، طبعا سمعة الشركة وجودة منتجاتها ساعداني كثيرًا في ذلك، ومن منطلق تلك العلاقة الوطيدة مع عملائي أتذكر أثناء ثورة يناير (2011) وتحديدًا في جمعة الغضب كان عملائي يتواصلون معي للاطمئنان على أحوالي ولمعرفة أحدث العروض التي تقدمها الشركة.
وهنا تعلمت درسًا آخر من دروس الحياة العملية أن الربح والخسارة بيد مقسم الأرزاق وحده، لكن الصدق والأمانة هم أساس علامتك التجارية، سمعتك الجيدة وثقة عملائك فيك هم المكسب الوحيد الذي يجب أن تصبو إليه.
التحدي الثاني: التسويق لمنتج وخدمة في آن واحد
بعد التخرج بعامين كان يتوجب عليّ العمل في وظيفة أخرى لتوفير نفقات عملي في الصحافة، لأن العمل الصحفي في بدايته يتطلب نفقات كثيرة، لهذا عملت في شركة متخصصة في معالجة مياه الشرب، في تلك المرحلة كان عملي يتطلب أيضًا معرفة جيدة بملوثات المياه، بالإضافة إلي شرح مفصل لكل أجزاء المنتج وكيف ينقي المنتج المياه من خلال مروره بسبع أو ثمان مراحل، كذلك كان يتطلب الأمر المتابعة مع العملاء بعد شرائهم المنتج لأغراض الصيانة وخلافها.
طبعا درست المنتج وحفظت وفهمت كل المعلومات كي أقنع العملاء، بالإضافة إلى دراسة المناطق في جغرافيا مصر والتي تحتاج للمنتج بشدة، بجانب ظروف العملاء الاجتماعية، وكيفية تحقيق المعادلة الصعبة (منتج جيد مع سعر مناسب).
ولم أغفل بالطبع عن أسلوبي الأساسي في مصادقة العملاء، وانتهجت نفس نهجي السابق وأنشأت قاعدة عملاء على أساس الثقة، كنت حريصة على جعل عملائي يشعرون بالولاء للشركة، ففي تلك الصناعة كانت العقبة الوحيدة التي تواجه الشركات هي أن يسأم العميل من خدمات الشركة وألا تُلبَّى احتياجاته.
وهذا ما لم أسمح بحدوثه مع عملائي، فكان الدرس الآخر الذي تعلمته في عالم التسويق في تلك المرحلة هو أن جعل العملاء الفعليين راضيين تمامًا عن الشركة أفضل بكثير من جذب عملاء جدد للشركة، لأن الاتصال الشفوي في مجتمعنا المصري أكثر تأثيرًا من ألف إعلان، وبالنسبة لي تَحدُّث عملائي بإيجابيات ومحاسن شركتي مع أصدقائهم وذويهم، يُعدّ أنجح وأكثر تأثيرًا مما يفعله قسم خدمة العملاء في الشركة لمدة عام كامل.
التحدي الثالث: حل المشكلات
ربما يرى البعض أن تنقلي بين الوظائف المختلفة يعتبر أمرًا غير صحيح البتة، لكن من وجهة نظري تنقلي بين الوظائف المختلفة أكسبني خبرة واسعة في شتى المجالات، وهذا ساعدني كثيرا في مجالي الأساس وهو الصحافة.
الخطوة الأخيرة في حياتي بعالم التسويق
جاءت مع وجودي في خدمة عملاء شركة الإنترنت الأكثر شهرة في مصر، وتحديدًا في وظيفة الدعم الفني، ثم تبع هذا وجودي في خدمة عملاء شركة اتصالات كبرى، في ذلك الوقت كان في مصر 3 شركات فقط للاتصالات.
أصعب ما قد يواجه قسم التسويق في أيّ شركة هو “عملاء مستائين” وهذا ما كنت أتعامل معه، من وجهة نظري قسم خدمة العملاء هو أهم مقومات التسويق الناجح، فإذا لم تستطع الحفاظ علي رضا العملاء، إذن أنت مسوق فاشل؛ لأنه ببساطة لا أحد سيرغب في شراء منتجك أو استخدام خدمتك في المستقبل طالما الوضع مُزْرٍ في اللحظة الراهنة.
وهذا ما فعلته حينما كنت مسئول دعمٍ فني في شركة الإنترنت، كنت أفعل شيئًا واحدًا فقط ألا وهو حلّ المشكلة من جذورها ،ونادرًا ما كنت أصعد المشكلة للأقسام الأخرى للتعامل معها، وهذا ما فعلته أيضًا مع شركة الاتصالات، وقتها تعلمت درسًا آخر: أن المشكلة حتى وإذا كانت صغيرة لا تذكر ستبقى تؤثر علي الشركة سلبًا بشكل أو بآخر، وكلما اتصل العميل بالشركة شاكيًا من مشكلة تلو الأخرى تولدت لدية الرغبة في ترك التعامل مع تلك الشركة نهائيًّا، وهذا ما كنت أخشاه، من وجهة نظري لا أستحق هذا المنصب إذا أغلقت محادثتي مع العميل وفي جعبته أسئلة غير مجابة أو مشكلة لم يُبَتّ في حلها.
و خلال تلك السنوات العشر تيقنت أن التسويق الناجح يتكون من معادلة بسيطة (معلومات صحيحة + حل مشكلات + مصداقية = عميل راضٍ) فكلما زادت معلوماتك عن المنتج أو الخدمة، كلما استطعت حلّ أيّ مشكلات مستقبلية يعاني منها العميل، ومِن ثَمّ سيشعر العميل بولائه للشركة بناء علي ثقته، مما ينتج عنه في النهاية عميل راضٍ تماما عن الشركة.
ليس سرا أن التسويق بالمحتوى أصبح أحد أنجح الوسائل في جذب العميل وإقناعه بالشراء. الآن منصة تزويد تساعدك في الحصول على محتوى يجعلك تتصدر نتائج محركات البحث.
إليك أيضًا
add تابِعني remove_red_eye 29,562
تجربة ملهمة وشغوفة في عالم التسويق
link https://ziid.net/?p=49292