في كل عام أدرّس فيه أطفال الروضة يتولد بيني وبينهم ارتباط قوي يجعلني أشعر أن كل طفل في فصلي هو (طفلي الذي أنجبت)، نسير معًا في ذات الرحلة وذات الطريق ولذات الهدف فنفرح معًا ونحزن معًا ونتشارك اللحظات الجميلة، أسعدُ بكل يوم جديد ألتقي به أطفالي لأرى التفاؤل والسعادة في ملامحهم، أستمع لحواراتهم الطفولية البريئة وأتفهم حزنهم وفرحهم. شعور المعلمة تجاه أطفالها المتعلمين مهمّ جدًا في تحديد كيفية قيادة المركبة وكيفية إرسائها والوصول بها إلى بر الأمان وتحقيق الأهداف التربوية والتعليمية خلال العام، ذلك الشعور المستمد من عيونهم التي تشع بالأمل.
في هذا العام اجتمع في فصلي نخبةٌ مميزةٌ من الأطفال أُكِنّ لهم كل الاحترام والتقدير، يتخلّقون بالأدب والجمال، كان عامًا خفيفًا لطيفًا حافلا بالمسرات، حمل في طيّاته الكثير من المغامرات البريئة التي تجاوزناها معًا، ولتقديري لأطفالي وأمهاتهم أحببتُ أن أهديهم هذا المقال وهذه الكلمات عن طريق منصة (زِدْ)، فالكتابة هي وسيلتي التي أَعَبِّرُ بها عما أحب وعما يجول بخاطري.
هنا سأحكي عن كل زهرة من أزهار بستاني الجميل وأنقل لهم ما لم أستطع نقله عندما كنا معًا فقد انتهى اللقاء سريعًا. لدي عشر زهرات مختلفات يانعات، كل زهرة تنفرد بجمال بتلاتها، عشرة أطفال رائعون مميزون.
١.طفلتي سلمى ذات العقل الكبير
طفلة ذكية ذات شخصية قوية لديها مهارة تقليد الآخرين والاستمتاع في تمثيل الأدوار. ولأنها تتمتع بشخصية قيادية كنتُ أعتمدُ عليها في الكثير من المهام. وفي بعض الأحيان كنت أحمّلها مسئوليات لا يتقنها سوى الشخصيات المميزة. طفلتي الصغيرة لديها طموح أن تصبح طبيبة وكثيرًا ما كانت تقوم بدور طبيبة الفصل فتعالج صديقاتها إن شَعَرْنَ بوعكة صحية. تفاعلت سريعًا مع صديقات الفصل ولم تشعر بغُربة كما يشعر باقي الأطفال إن تركوا أمهاتهم. دمت ذخرًا لوالديك يا سلمى.
٢. طفلتي ماريا الرقيقة الجميلة
“ماريا” متعلقة جِدًّا بعائلتها، كانت الروضة بالنسبة لها العالم الكبير الذي تفاجأت به وشعرت أنه سيأخذها من حضن والديها فاستمرت فترة طويلة بالبكاء كأي طفل ترك أهله لأول مرة، وبعد رحلة مع البكاء جاء ذلك اليوم الذي أرى فيه “ماريا” تضحك وتتفاعل مع صديقاتها وتتأقلم مع الفصل. ظهرت شخصيتها الجميلة البشوشة المتسامحة. محبة لصديقاتها وبكل بساطة تتشارك معهن في اللعب. نبيهة سريعة التعلم، ما إن أناديها في الفصل حتى تبتسم ابتسامتها الجميلة. كانت قليلة التشكّي. بارك لوالديك فيكِ يا ماريا.
٣. طفلتي إيلين الأنيقة الحييّة
“إيلين” طفلة متسامحة محبة لصديقاتها، ترسم جيدًا رسومات معبرة، وكان لها الفضل الكبير على صديقاتها فقد حبّبت إليهن الرسم، فكانت في حصة اللعب تفضل أن ترسم على أن تلعب فتبقى في الفصل تمارس هوايتها حتى قلّدْنها، فجلسن معها يرسمن ويلوّنّ واستمر الإبداع إلى آخر العام. أقنعت صديقاتها بمهارتها فقلدنها. لا تحب أن تؤذي أحدًا وتتأثر إن أحزنت صديقاتها لأي سبب فتتسامح وتتصالح لتحافظ على علاقتها الطيبة معهن. سريعة التعلم وذكية. بارك الله لوالديك بك يا إيلين.
٤. طفلتي غزل الذكية المميزة
“غزل” هي أصغر الأطفال في الفصل ورغم ذلك فهي قادرة على قيادتهم. تتمتع بالروح الجميلة الجذابة. كانت ماهرة في عرض اقتراحاتها على صديقاتها فيستمعن لها وينفذْنَ. تحبهن جميعًا وتبكي عند وصولها الروضة إن لم تجد صديقاتها حولها فتبقى حزينة حتى يأتين فترتسم الابتسامة على وجهها، كأن شيئًا لم يكن. ما يميز “غزل” الذكاء اللغوي فقد كانت تقرأ وتربط الحروف معًا، وكانت تتحمس لتقرأ الكلمات على السبورة وحدها دون مساعدة. كانت تسأل كثيرًا لتتعرف على هذا العالم الكبير، اشتهرت في الفصل بكلمة (لماذا) فهي قرينة لكل طلب أطلبه من الأطفال. أدامك الله ذخرًا لوالديك يا غزل.
٥. طفلتي عائشة البشوشة المرتبة
طفلة لا تفارق الابتسامة مُحيّاها، مرتبة جدًا ولا تبعثر، تأقلمت بسرعة وأحبت فصلَها وصديقاتِها. خطها جميل وأنيق، لديها مهارة اختيار الألوان المتناسقة في التلوين. تتمتع بالثقة بالنفس ولا تطلب مساعدة. تعتمد على نفسها في تدبير أمورها بل وتساعد صديقاتها في كثير من الأحيان. دائمًا كانت تحدثني عن أخواتها في البيت وعن أسمائهن وماذا يفعلن، أحاديث بريئة جميلة تعكس لطفها وحبها لعائلتها. بارك الله لوالديك بك يا عائشة.
٦. طفلتي فرح الذكية المؤدبة
رغم أنّ “فرحًا” التحقت بالروضة متأخرة إلا أنها اندمجت سريعًا وتآلفت مع صديقاتها. طفلة بريئة ومبتسمة دائمًا، هادئة وكريمة، تشارك ما تملك مع الآخرين. أحبت الروضة. سريعة التعلم، فاجأتني بذكائها فقد كانت تجيب على الأسئلة إجابات ذكية غير متوقعة. دمت ذخرًا لوالديك يا فرح.
٧. خالد الطفل الرجل
“خالد” طفل طيب وذكي، يحب الآخرين ويحاول دائمًا أن يلفت نظر أصدقائه إليه ليكسبهم. في البداية لم تنجح خطته كما يجب ولكنه لم ييأس، حاول كثيرًا حتى كوّن أصدقاءه الذين شاركوه في الكثير من المغامرات. كان طفلًا رجلًا وكنت أعتبره “الرجل ذا المهمات الصعبة” أعتمد عليه فأسند له بعض المهام وأنا على ثقة أنه سوف يؤديها على أكمل وجه. شخصيته قيادية وحسب توقعاتي فسيصبح رجلًا مثاليًّا مستقبلًا. طموحه أن يعمل مهندسًا لذلك كان يصلح ما يحتاج لتصليح في الفصل. أنار الله طريقك ودمت ذخرًا لوالديك يا خالد.
٨. علاء الطفل المتسامح الذكي
يتمتع “علاء” بشخصية جذابة وروح لطيفة مرحة، يثق في نفسه وبقدراته ولا يخشى خوض التجارب. بتلك المواصفات الجميلة يدخل القلب سريعًا. استغرق تأقلمه مع الفصل وأصدقائه وقتًا ولكن عندما انسجم أصبح صديقًا للجميع. علاء يحب الديناصورات ويرسمها بمهارة ويحفظ أسماء الكثير منها وقد تأثر أصدقاؤه بمهارته فكانوا يطلبون منه أن يرسمها لهم. طفل مؤدب ومرتب. خطه جميل. جعلك الله فخرًا لوالديك يا علاء.
٩. منير الطفل المسالم
طفل ذكيّ يركز في الفصل ويتعلم بسرعة، تركيزه جعله يتقن قراءة الكلمات. في الفترة الأخيرة أتقن الكتابة بخط جميل. لا ييأس من المحاولة. يفعل ما بوسعه لكسب أصدقائه. طفل اجتماعي. يحب الأطفال الأصغر منه سنًا كان حنونًا عليهم. وكان متسامحًا. بارك الله لوالديك بك يا منير.
١٠. أحمد الطفل الهادئ الوديع
طفل لطيف كريم لأبعد الحدود، يحب أن يعطي أصدقاءه ويكرمهم. دائمًا يتحاور مع معلمته فيما يحب. مؤدب وخلوق. يعتذر إن أخطأ ولا يحب أن يؤذيَ أحدًا. كانت له مغامرات جميلة تحيطها براءة الأطفال. خياله واسع جدًا، كان يرسم في ذهنه شخصيات خيالية ويتحاور معها. طفل ذكي حفظك الله ورعاك لوالديك يا أحمد.
تلك الكلمات التي سطرتها عن أطفالي ذكرتني بالأيام الجميلة التي انقضت سريعًا، فقد كانت جعبتي مليئة بالأفكار التي أرغب بتطبيقها معهم في الفصل. أؤمن بكل واحد منهم وأنا على يقين أنه ذو شأن وسَيبني مجتمعه يومًا ما. بارك الله لوالديكم بكم.
تجربة ملهمة من معلمة للروضة حول أبرز تجاربها مع طلابها الصغار الملهمين
link https://ziid.net/?p=54936