خطوات بسيطة للتغلب على قلقك
القلق طفل يلتصق بك.. ولن يكون صامتًا، بل سيحاول إرباكك.. وقد يتسبب في وقف كل حياتك
add تابِعني remove_red_eye 9,129
القلق، الخوف والترقب هي مشاعر طبيعي أن يشعر بها أي إنسان. فمن منا لم يقلق من قبل؟ لا أتحدث هنا عن القلق المزمن المرضي الذي يحتاج لعلاج ومساعدة من أطباء النفس، فهذا القلق له الكثير من الأنشطة أو العلاج الكيميائي الذي يحتاج لطبيب متخصص يفهم ويتابع معك حتى تتحسن.
ما أتحدث عنه هو القلق اللحظي اليومي الذي يصيبنا قبل الامتحان، عندما نتصادم مع الزملاء، عندما ننتظر أن يتذوق أحد ما طعامنا فلا ندري أسيعجبه أم لا… ذلك القلق قبل أي مقابلة عمل، أو حتى عند ترك العمل، عند انتهاء الراتب قبل بداية الشهر الجديد أو عند منتصف الشهر، تلك أنواع عدة من القلق.. هناك القلق الوجودي! في الواقع هناك أنواع من القلق ودرجات عديدة منه.
نحن هنا اليوم للتحدث على درجتين منه.. تلك الدرجات التي يمكنها أن تختفي بعد انقضاء السبب، أو حتى تبقى عدة أيام ولكن ببعض الخطوات يمكنك أن تقلل منه، فلا يستطيع أن يتحول إلى مزمن أو حتى أن يصبح ضيفًا ثقيلًا ليجلس في عقلك وروحك ليؤرقك.
ماذا لو..؟
“بعض الناس اعتادوا على التفكير بطريقة سلبية وإذا لم يجدوا ما يقلقهم، بحثوا عن أي شيء يثير قلقهم وكأن الإنسان يبرمج عقله على قدر معين من القلق عليه الشعور به يوميًّا، فيبدأ بالتفكير على هذا الأساس”. شريف عرفة، كيف تصبح إنسانًا؟ .. ما بعد التنمية الذاتية
إن فكرت فيما سيحدث لاحقًا، ستصاب بالهلع، والقلق والتوتر. أيًّا ما كان ما تنتظر نتيجته، أو من تنتظره، فلتعلم أن القلق من الآتي لن يغيره ولن يعجل بحدوثه، كما أن حساب النتائج والاحتمالات يجب أن يتم بمنطقية وليس بانفعال وحزن. يجب علينا أن نفكر فيما سيحدث لتجنب الصدمة، أو حتى لعمل رد فعل سريع وتجنب التجمد وتعطيل رد الفعل، لذا إن فكرت في ماذا لو؟ فكر فيها بدون مشاعر.. فكر لكي تصبح أقل انفعالا وليس العكس.. فكر لكي تجد حلاً أيا كان الوضع.
أوجِد ملاذك المريح
عندما أغضب أو أقلق .. أجلس أمام كتبي، أو حتى أذهل لعملي في المكتبة فأجلس أمام الرفوف بحجة تنظيمها أو ترتيبها. يزول الشعور السيء مع الوقت، يخفت بالتدريج .. انشغل بالعناوين، أتذكر سنين الإصدار أو هذا العنوان الذي أهدته لي صديقة، أو ذلك الكتاب كان فضولي ينخر عقلي وأيامي لكي اشتريه. تلك الكتب هي المهدئ لكل ما أشعر به من توتر وقلق وغضب وحزن.
أوجِد ما يجعلك منشغلًا عن قلقك .. ما الذي تحبه؟ أتحب ممارسة الرياضة؟ تحب الرسم؟ الرقص؟ الجري؟ أوجِد شيئًا يخرجك من توترك وقلقك. في الماضي كنت اسميه في مذكراتي “سلاحي في وجه الحزن”. لا تضحك قارئي الصبور، فالذي تحبه هو فعلًا سلاحك في وجه ضغوطات الحياة وقلقها.
تنفس بصورة صحيحة
هل تعلم أن التنفس بصورة خاطئة يصيبك بالتوتر والقلق ويمكن أن يجعلك بغير عادتك، أو بصورة أوضح يجعلك في درجة نشاط أقل؟ التنفس بصورة صحيحة يجعلك مرتاحًا.. يجعل جسدك مكتفيًا وفي وضعه الصحيح وليس متململًا، لن نستطيع سرد كل فوائد التنفس وكيف يؤثر عليك وعلى تفكيرك وجسدك. فقط اعلم أن التنفس من أهم الوسائل والأسلحة التي يمكن أن تستخدمها ضد التوتر والقلق الذي يصيبك كلما أقدمت على حدث أو انتظار نتيجة. فقط خد نفسًا عميقًا وأخرجه ببطء.. تنفس على مهل فأنت لا تركض ولا تتعرض لهجوم ما. تنفس فأنت بخير.
اخفض صوت ناقدك الداخلي
بداخلنا يوجد ناقد كبير.. يستطيع أن يترك الكتاب الذي قرأناه ويمسك في آخر كلمتين لم نرهما جيدًا.. هناك ذلك الصوت الذي نميزه بداخلنا دومًا الذي يستطيع أن يرى كل ما هو ناقص في الشيء شبه الكامل الذي تفعله، كل ما هو جيد لك، سيجد هو فيه نقطة لن تعجبك. تعلم أن تعامله على أنه نشرة إخبارية يجب خفض صوتها إذا أتتك مكالمة هاتفية. اخفض هذا الصوت فقط .. قل له.. حسنًا سمعتك ولكنك لا ترى الصورة كاملة، فقط اخفض صوتك.
الفشل ليس نهاية
إن الخوف من الفشل يصيبك بالتوتر، والتوتر يصيبك بالقلق، والقلق سيكون دائرة مغلقة إما أن تكسرها أو أن تعيش بداخلها لتفعل ما أنت خائف منه، وهو الفشل. يعتبر البعض الفشل أنه الحائط الذي لا ينهدم، أنه السمّ الذي يقتل فور حضوره في الجسد الصحيح، الفشل للبعض هو المتاهة وليس الخريطة. إن كنت تعتبر الفشل إذا كان له وجود تعريفي في قاموسك، أنه دائم ولا سبيل لكسره أو لتخطيه، فأنت مع الوقت إن لم تكن الآن يا عزيزي المسكين مصاب بقلق و اضطرابات في طريقها أن تصبح مزمنة.
للعلم، هناك بعض الأشخاص الذين يرون أن الفشل لم يكن كلمة يجب أن تعرف وتوضع في قاموس أو حتى يتم تتداولها بين الناس. الفشل يعني أنك وضعت هدفًا ولم تصل إليه، حتى وإن حاولت.
لماذا نعتبر الفشل نهاية مطاف؟ بالنسبة لي، فالفشل معناه محاولات خاطئة أو محاولات لم تكتمل، وهذا لا يعني أبدًا أنك لن تنجح أو تصل لما تريد مستقبلًا! لا تعتبر أن الفشل هو ما سيجعلك حزينًا. الفشل هو محاولتك لتصل وستصل إن لم تتوتر وتجلس للبكاء على اللبن المسكوب.
عش الحاضر كما لو أن لا قادم
التفكير في المستقبل مفيد ولكن لأي حد؟ ولأي سبب؟ إن كنت ستذهب بعقلك بعيدًا عن اللحظة الحاضرة، لكي تفكر في الهموم والأحزان وأن المستقبل يزداد صعوبة فقط لأنك عاجز عن التخطيط السليم، فاعلم أنك في طريقك للقلق وأعراضه. فكر في مستقبلك، قم بالتخطيط له واعلم أن المستقبل ليس بيدك، وأن التخطيط يمكن أن ينهار في لحظة من اللحظات فقط لتغير طفيف في الأحداث.
إذن التخطيط هنا والتفكير في المستقبل هي مسودات، عش الحاضر وكن مرنًا.. المرونة هي الحل.. تماهى مع ما سيحدث قارئي العزيز. الحرباء تستطيع أن تكون بلون الشجر أو جزعها.. تستطيع أن تصبح برتقالية اللون إن وضعتها على برتقالة. هكذا أسألك أن تكون، كن مخططًا ولكن لتتوقع كل شيء ولتعلم أن الحاضر الجيد هو ما يؤدي لمستقبل جيد. فكر بطريقة صحيحة وعش بطريقة صحيحة وتنفس واعلم أن المستقبل ليس بيدك بل الحاضر.
نظم نفسك
يوم إجازتي، وهو يوم واحد فقط، أقوم في الصباح الباكر لكي أتوتر، نعم أنا لا أكذب، سيكون علي أن أقوم بكتابة مقال والانتهاء من كتابي الذي تبقى فيه الفصل الأخير، ثم أقوم بغسل ملابسي، وبعد ذلك يجب على أن أذهب لجلب ما ينقصني من أدوات مكتبية تخصني، ثم أذهب لأحضر ما الذي سأرتديه غدًا مع مساعدة والدتي في تحضير الطعام… والقائمة لا تنتهي، فكل يوم إجازة أستيقظ صباحًا وخمّن عزيزي! لا أفعل أيًّا منهم.
ذلك بكل بساطة يرجع إلى أنني أقلق من عدم الانتهاء من أي من تلك المهام رغم بساطتها وسهولتها. متى أدركت أنني غير منظمة وأقلق بدون فائدة؟ بعد أربع مرات من القلق و التوتر وعدم التنظيم.. بعد شهر كامل بدأت أدرك أنني لو استيقظت لأكتب ما علي فعله واحدًا تلو الآخر، ثم قمت بتنفيذ الأقرب لقلبي على مهل ودون التفكير في أكثر من مهمة في نفس الوقت.. فسأفعل كل ما أريد وسيتبقى الكثير من الوقت أيضا أمامي.
تنظيم المهام مع تنظيم الوقت هو الحل الأوحد لعلاج التوتر والقلق الذي سيصيبك لعدم فعل شيء أو حتى لكثرة المهام.
ابتسم واحمل معك ما يسعدك
أن أبتسم في وجه الآخرين، أو أن أبتسم لنفسي في المرآة .. أو حتى أن أتذكر شيئًا يجعلني أبتسم، فهو شيء يساعدني على إنهاء فكرة القلق المستمر. أتعلم عزيزي القارئ أنك إن ابتسمت لأحد أو حتى تذكرت شيئًا أو حملت معك هدية بسيطة صغيرة أعطاها لك أحد يحبك، فسيخفت التوتر مرة بمرة.
أنا دائمًا ما أحمل معي كتابًا به إهداء من شخص يحبني. أهداني صديقي مرة رواية “بغلة العرش” لـ”خيري شلبي”. كانت تحتوى على إهداء طويل وعذب.. نابع من القلب لي. كنت أحمل هذا الكتاب حتى ولو قرأته من قبل معي في مقابلات العمل، أو في امتحان ما أو حتى ذاهبة لمكان لأول مرة. كان هذا يشعرني بقليل من الثقة والارتياح. المحبة المحمولة هي دائمًا ما تكون كالمهدئ.
القلق لا يصيب القلب والروح فقط. لا يسبب التشتت في العقل فقط. القلق هو مرض يصيب المعدة باضطرابات ويجعلها مريضة، يسبب ازدياد ضربات القلب وسرعة التنفس التي تصيب الجسد بالإجهاد والتعب.. يسبب القلق الضغط والسكر والقولون العصبي، يمكن أن يسبب التوتر ألم في العامود الفقري وحتى إصابته بأمراض وليس ذلك فقط.. يبدو على الشخص القلق كالميت الحي .. الزومبي الذي يحاول أن يبدو طبيعيًّا.
القلق هو مرض العصر، فكلما ازداد تقدم البشر، ازدادت الضغوطات عليه وعلى صحته النفسية، فبداياتنا كبشر كانت أبسط من الآن، لذا ليس من السهل التعامل مع كل ما يحدث بأريحية.. كن واثقًا أنك لست وحدك. فلتعلم أننا كلنا نقلق ونتوتر ونخاف. كلنا بشر وكلنا نحاول أن نحافظ على ابتسامتنا في عصر يظل فيه الإنسانية قابلة للإلغاء في أي وقت.
إليك أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 9,129
إليك خطوات بسيطة تساعدك في السيطرة على القلق
link https://ziid.net/?p=76041