فينوس وجنون السوشيال ميديا
دمتم بخير وكل فينوس بالشرق بل والعالم بأسره بخير شرط أن تبتسم للحياة أكثر من ابتسامتها في سيلفي بالإنستجرام.
add تابِعني remove_red_eye 685
الأمر لم يكن وليد الصدفة ولا هو درب من الخيال، فحين يأخذك القلم لتكتب عن “فينوس” قف وابتلع ريقك وفكر في كل كلمة قبل أن تلقي بنفسك بين براثن فينوس وبني جنسها، والآن تنطلق صافرة القطار لتعلن مغادرة محطة إقلاعه، فهيا نلبي نداء فينوس ونرحل معها في رحلة قد تبدو للبعض خيالية ولكنها غامضة، وأجمل ما يميزها غموضها، لا وقت للثرثرة، تحرك القطار وانطلق في رحلته نحو فينوس.
ولمن لا يعرف “فينوس” وأسطورتها فإن الميثولوجيا الرومانية والإغريقية تفتحان صفحاتهما لتحكيا حكاية فينوس الرومانية أو أفروديت اليونانية وهي إله الحب والجمال والقوة الخلاقة والإخصاب ولها ابن هو كيوبيد، ويعتقد أنها ولدت في البحر وخرجت من محارة على الشاطئ ومع انتشار أسطورتها وتتابع تناقلها بين العصور صارت كلمة فينوس رمزًا للأنثى بوجه عام، وأضحى اسمها يقترن دومًا بوصف النساء أو الجنس الناعم فحين نريد التحدث عنهن قد نلقبهن بفينوس كرمز للحب والجمال ومنبعهما الأسطورة السابقة لفينوس.
ولكن مهلًا، وقبل أن ينسكب منا الحديث، أريدك فقط أن تعيرني انتباهك وتحدد عن أية فينوس نتحدث؟ فهل تقصد تلك التي تستيقظ قبلك لتعد الإفطار أم الأخرى التي لا تكلّ ولا تملّ من الدعاء لك منذ وضعتك في الدنيا ومن الممكن قبل أن تتكون في أحشائها؟ أم تقصد تلك أعطى ظهورها لحياتك لونًا آخر وحوّلك من شخص يحمل اسمه فقط لشخص يحمل اسمه بواسطة من لو أحسن تربيتها أدخلته الجنة؟
فينوس الشرق تختلف يا سيدي فهي حتى وإن سددنا لها اتهامات ولومًا لا يمنع ذلك تحملها أحيانا أضعاف ما قد يتحمله أمثالي وأمثالك من ذوي الذقون والشوارب ألا يكفي ألم الولادة لإثبات ذلك؟
بطبعها هي فينوس الشرق لا تتميز بحب النكد ولكن تتلامس مشاعرها مع الشجن سريعًا، ولا أعتقد إنها تقصد دائمًا إرهاق شريكها ماديًّا بقدر ما تغلف حياتها بالطموح بالأفضل حتى في حالات عدم قدرتها التعبير عن ذلك تستطيع ببعض الهدوء أن تلحظ ذلك عبر عودتها السريعة لأدراجها وطبيعتها بعد أن تعطيها وعدًا مصحوبًا بقبلة رأس أو بدون الأهم أن تعد أو تشعرها بالوعد، ولو على سبيل إراحتها النفسية وإعطاء الأمل في حياة أفضل ومن يدري ربما أعانك الله على ذلك شرط حسن النية.
لسنوات بل لعقود كانت العلاقة هادئة وتسير على منوال تقليدي مهما كانت درجة تعليم وثقافة فينوس حتى انتشار فيروس السوشيال ميديا بمختلف تطبيقاتها، فمن فيس بوك لتويتر لجروبات الواتس أب وما أدراك جروبات الواتس أب! ثم للإنستجرام الذي يعد ناقوس الخطر الذي جعل حياة البعض كتابًا مفتوحًا يستطيع الجميع قراءته شرط أن يكون من المتابعين، وأضحت مواقع التواصل على يد فينوس وبني جنسها معايير للوجاهة الاجتماعية وتحديد المستوى المالي والاجتماعي للآخرين، بالإضافة لكون البعض يعتبر أن الصور المحملة بتلك التطبيقات هي مؤشر لسعادة الأسرة لمجرد انهم استطاعوا للحظة زمنية قد لا تتجاوز دقائقها أصابع اليد الواحدة الابتسام بشكل يظهر سعادتهم بشكل قد يكون مبالغًا فيه أو بغرض توصيل رسالة ما لمتابعيهم أو أحد أفراد العائلة.
ولذلك فقد أجريت دراسة بريطانية وأوضحت أن تطبيق إنستجرام يجعل مستخدميه يعانون من الوحدة والاكتئاب، ليس هذا فحسب بل ويجعلهم يعيشون في قلق دائم مرتبط بصورة الجسد وقد تمت بواسطة الجمعية الملكية للصحة العامة في بريطانيا، حول تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على صحة مستخدميها النفسية والعقلية.
وكما أن هناك عشرات القصص للنجاح والشهرة والأضواء لفينوس عبر منصات التواصل الاجتماعي، هناك أيضا أضعافها من قصص وحكايات الفشل والخيانة والتي انتهت كثيرًا منها بالضياع وربما الإلقاء في غيابة السجون وما أكثر أمثلة ذلك. ولا أعني بهذا تحيزي لبني جنسي من الذكور ولكن توجيه الدفة نحو فينوس فقط لأنها أصل ولبّ المقال.
وهكذا جذبت منصات التواصل فينوس فأدمنتها أو أدمنها بعضهن، وصار كشف السعادة ولو مصطنعة على منصات التواصل عبر صورة أهم من المرور بلحظة السعادة ذاتها، وأصبح توثيقها الزماني والمكاني أهم من مدى الشعور بالسعادة الحقيقية أثناء حدوث الحدث أو المرور به، ولذا فإن الاعتدال في الاستخدام دون إفراط والاحتفاظ ببعض الخصوصية للحياة ومحاولة الفرحة باللحظة والعودة لجمال الذكريات بدلًا من الاهتمام بتفصيلها الزماني والمكاني وبالتالي عقد المقارنات مع الآخرين.
وأخيرًا وليس بآخر، أوجه ذات الحديث لذاتي والرجال وخاصة أن التوثيق قد لا يخدمنا وأحيانا يتسبب في مواقف محرجة نحن في أشد الحاجة للابتعاد عنها، أكاد ألمح نظراتك الخبيثة قارئي من صنف الرجال ولك مني المثل فالحيطة والحذر قبل رفع صورة بالإنستجرام لك مع شلة أصدقائك واجبة ولا داعي للمزيد، فكل لبيب بالإشارة يفهم، وقبل أن أختم تحياتي لفينوس والتي قد عبرت من زوايا الإظلام والغرف الضيقة للمتسع والضوء ولكن يظل الفرق الجوهري بين فينوس الشرق والغرب في جمال الروح، فرجاء لا تقللي منه فينوس بالإفراط في الاهتمام بمنصات التواصل. دمتم بخير وكل فينوس بالشرق بل والعالم بأسره بخير شرط أن تبتسم للحياة أكثر من ابتسامتها في سيلفي بالإنستجرام.
اقرأ أيضًا:
add تابِعني remove_red_eye 685
مقال مثير حول فينوس الشرق
link https://ziid.net/?p=71810